اسرائيل اليوم– بقلم ليمور سمميان درش – اليمين في الطريق الى خطا تاريخي

اسرائيل اليوم– بقلم ليمور سمميان درش – 21/11/2019
كم مرة في الماضي، بما في ذلك في المظاهرة الاخيرة في ميدان غورن في بيتح تكفا تجمع الكثير من النشطاء المفعمين بالحماسة والقلق. ولكن عندما نظرت الى المجتمعين انتبهت بانه تغيبت مجموعتان هامتان عن الساحة. سأسميهما “الجيل الذي لم يعرف اوسلو” و “الجيل الذي خاف من اوسلو اخرى”.
من جهة، كان معظم المشاركين كبارا في السن. آباء وأمهات، أجداد وجدات. ليس فتيان وفتيان انضموا في السنوات الاخيرة الى قائمة اصحاب حق الاقتراع. الجيل الشاب الذي ولد في واقع اقتصادي – امني جيد ومستقر – لم يأت. الجيل الذي يطير اباؤه معه الى الخارج مرتين في السنة، جيل شبع، مرتاح، يسير بثقة. جيل لم ير باصات تتفجر حين كان يقف على خط العبور. لا يخشى الخروج من بيته سيرا على الاقدام او يتأخر بقلق في سيارته عند الضوء الاحمر. جيل لم يفكر مرتين أي جانب من المقهى يجب أن يجلس كي يهرب بسرعة عندما يصل مخرب انتحاري. جيل لا بد لا يعرف بانهم اسموا جابوتنسكي “فلاديمير هتلر”. جيل لا يتذكر بانه قيل عن بيغن انه سيحكم مثلما حكم هتلر في المانيا. جيل لم ير يافطات “بيغن خائن” و “بيغن قاتل”. لم يبك عندما انكسر بيغن ولم يعد يخرج من بيته. جيل لم يروى له بان اسحق شمير كان يعتبر في نظرهم ارهابيا، جاء بالخطأ لرئاسة الوزراء. جيل اعتاد لسنوات طيبة من حكم يميني ولم يعرف على الاطلاق السنوات العجاف، لفرحتنا.
هذا الجيل لم يأت للتظاهر. لانه لا يعرف الماضي ولانه لاجل الامتنان على الحاضر، الناس لا يتظاهرون.
بالمقابل، وبشكل مفاجيء جدا، لم تصل الى الميدان ايضا مجموعة اخرى، الجيل الذي عرف اوسلو. الصهيونية الدينية، التي تفهم جيدا الخطر الحقيقي لاتفاقات اوسلو وفك الارتباط، بمعظمه، تغيب. الباصات المليئة التي كانت تأتي في الماضي لكل مفترق محتمل، فارغة. “الجيل” هذا انضم في قسم منه للهتافات ضد حكومة اقلية، ولكنه لا يتضامن بالحماسة اياها مع المظاهرات في الميدان.
اذا كان الجيل الاول يعمل بناء على عدم المعرفة – الصهيونية الدينية فرضت على نفسها سيادة انفصال وقطيعة، رغم المعرفة. الفصل الذي بين ما يجري في الساحة القانونية – الاعلامية تجاه نتنياهو، وبين انجازاته في الساحة السياسية. الصراع الذي يخوضه نتنياهو مؤطر كموضوع شخصي، وفصل عن الموضوع القومي – الايديولوجي. والتغييرات التي وقعت في العقد الاخير، التصريحات الدراماتيكية التي منحها ترامب لدولة اسرائيل المرة تلو الاخرى، اصبحت موضوعا عاديا. ومع ان احدا لم يصدق أن في جيلنا سننتقل من صراع ضد محاولات اخلاء المستوطنات الى المباحثات على ضم “المناطق” – لا يزال كل هذا الخير يعد وكأنه لا علاقة له بشؤون الميدان. رغم الوعي بالماضي وبالحاضر السياسي، هذه المجموعة ايضا لا تشعر بالواجب للتظاهر انطلاقا من الامتنان والشكر للوضع المنشود.
وكلتاهما – حين تعاني الواحدة من العمى والثانية من الوهم – لا تفهمان بان هذا امر الساعة. الميدان يجب أن يمتلىء بكل رجال المعسكر الوطني. الان، ليس فقط كتأييد للرجل بل كتعبير عن التكافل المتبادل. هذه اللامبالاة قد تصبح لاحقا خطأ تاريخيا وطنيا. ان المسيرة الموجهة لـ “نتنياهو اولا”نهايتها اسقاط كل حكم اليمين. اذا لم نتظاهر، وان كان من اجل الحفاظ على الخير – فانه عندما يكون الشر يكون قد فات الاوان.