ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم غيرشون هكوهن – طرد الايرانيين من سوريا ، صيغة دايان

اسرائيل اليوم– بقلم   غيرشون هكوهن  – 6/12/2019

في احاطة صحفية عرض وزير الدفاع نفتالي بينيت هدفا لنشاط الجيش الاسرائيلي في سوريا: “دفع ايران للتخلي عن محاولة التموضع في سوريا”. بخلاف الميل السائد للغموض في تحديد  الهدف الاستراتيجي، تجرأ الوزير بينيت على تحديد هدف واضح وقابل للقياس. فهل الهدف الذي وضعه قابل للتحقق؟ وهل من الصحيح ان يعرض هكذا هدف استراتيجي؟

افاد مراسلون عسكريون بانه بتقدير هيئة الاركان، مشكوك ان يكون بوسع توسيع النشاط الهجومي – مهما كان ناجحا – ان يدفع ايران للتخلي عن رؤياها وتطلعاتها في سوريا. فرجال النظام الايراني والحرس الثوري يعملون بقوة الايمان. ولا بد ان اضطرارات الواقع تملي عليهم تغييرا وتكييفا للظروف، ولكن لا يدور الحديث هنا عن التنازل عن الرؤيا.

مطلوب في هذه المسألة نظرة تاريخية. فالجيش الاسرائيلي الذي كان أنهى لتوه  حرب الاستقلال وكان مطالبا بتقليص شامل في حجم القوات، وجد صعوبة في بلورة رد مناسب لمشكلة ارهاب الفدائيين. فمع اقامة وحدة 101 وتوحيدها مع كتيبة المظليين، بقيادة رئيس الاركان موشيه دايان، تطور بالتدريج مفهوم عمليات الرد كجواب على المشكلة. ولكن سرعان ما تبين انه رغم تواصل النجاحات العملياتية، فان طريقة العمل لم تؤدي الى تقليص حقيقي في عمليات الارهاب.

علقت حكومة اسرائيل في متاهة استراتيجية. وبالابداعية التي يتميز بها دايان فسر من جديد المنطق لعمليات الرد وحدد لها هدفا منظوماتيا آخر. فتشخيصه الاستراتيجي لاحظ الفجوة بين العملية التنفيذية في السياق التكتيكي وبين معنى العملية في السياق الاستراتيجي. وانطلاقا من ذلك شرح لماذا لا ينبغي ان نتوقع من العمليات الهجومية ان تحل بحد ذاتها بشكل مباشر تهديد الفدائيين.

في خطاب في دورة ضباط في 1955، وصف المنطق الذي يؤدي الى عمليات الرد بالقول: “لنجاحاتنا واخفاقاتنا في معارك صغيرة على طول الحدود وخلفها، توجد اهمية كبرى. ليس فقط بسبب تأثيرها المباشر على الامن الجاري بل بسبب معناها في تقدير العرب لقوة اسرائيل وفي ايمان اسرائيل بقوتها.

لقد وضع دايان في خطابه اطارا فكريا خارقا للطريق عرض حضورا متجددا لهدف عمليات الرد. فقد واصل ارهاب الفدائيين ليكون المبرر لتفعيلها. ولكنها وجهت لهدف اوسع: تثبيت مكان اسرائيل وقوتها العسكرية في المنظومة الاقليمية والدولية الاخذة في التبلور.

نشأ بذلك اطار استراتيجي مفتوح على التطورات الاقليمية كتوقع لشيء ما يتشكل: إما ان يؤدي تواصل العمليات الى الخبو التدريجي للارهاب أو انه يسرع التدهور الى حرب ونظام جديد. وفي هذه الاثناء وانطلاقا من الفرصة لاحتكاك عملياتي مبادر اليه مع الجيوش النظامية لمصر، الاردن وسوريا، بنى الجيش الاسرائيلي قدرته وثبت وعي قدرته في عيون العدو وفي عيون الساحة الدولية. لجودة اداء الجيش الاسرائيلي في تواصل العمليات كان بلا شك تأثير على تبلور التعاون مع فرنسا قبيل حملة سيناء.

بالهام من فكر دايان، يمكن عرض القتال ضد القوات الايرانية في سوريا، وبخاصة في حدود الجولان، كمبرر لصدام مبادر اليه مع قوات ايرانية انطلاقا من مصلحة دفاعية وليس انطلاقا من مصلحة مباشرة في حرب شاملة.

في مجرد الجرأة على استخدام القوة، حتى حين ينطوي الامر على سلوك على حافة الحرب، توجد  امكانية كامنة للتدهور ولكن ايضا امكانية كامنة لتثبيت مكانة اسرائيل في المنظومة الاقليمية التي يعاد تصميمها تجاه ايران. ان هدف الصدام هو عرض تفوق عملياتي باثبات قدرة عسكرية وجرأة استراتيجية، بالايضاح بان دولة اسرائيل لا تخاف من صدام عسكري في دفاعها عن مصالحها الحيوية. مثل هذا الهدف مفتوح لتطورات غير متوقعة وغير قابلة للتحكم وفي ذلك تكمن ميزتها كهدف استراتيجي قابل للتحقق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى