ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم غبريئيلا برزين – “اغلبية يهودية”: عنصرية أم صهيونية

اسرائيل  اليوم– بقلم  غبريئيلا برزين ، خبيرة في الفلسفة العربية واليهودية وخريجة جامعة هارفرد  – 8/3/2020

“الاغلبية اليهودية” هي الاساس لفكرة دولة الشعب اليهودي وبدونها لا وجود للصهيونية وللدولة اليهودية” “.

بعد أن شطبت خطة ترامبادعاءات “الاحتلال” و “الابرتهايد”، وبعد كفت صرخات الـ “عنصرية” على كل شأن عن اثارة الانطباع، جاءت ساعة مفهوم “الاغلبية اليهودية”. فوق السطح وفي التيارات التحترضية للوعي السياسي، يلصق اعضاء القائمة المشتركة “العنصرية” بمفهوم “الاغلبية اليهودية”، والذي هو من الحجارة الاساس للصهيونية، ويوجد في مذهب آباء الصهيونية، من اليسار ومن اليمين.

ان المعارضة العربية لـ “الاغلبية اليهودية” ليست أمرا جديدا. الجديد هو اعتبار هذا التعبير  كعنصري، هكذا بحيث يتكاتب مع الخطاب الحالي المناهض لاسرائيل والذي في جوهره يوجد التطلع للمس بالشرعية الاخلاقية لدولة اسرائيل في الوجود كدولة يهودية. ان اعتذار ابطال الجيش، الذين يتطلعون لقيادة اسرائيل عن استخدام تعبير “الاغلبية اليهودية” ليس فقط مسا خطيرا بفكرة دولة الشعب اليهودي، بل وأساسا استعراض لضياع الطريق، كما تقول القصيدة “هكذا قال الشيطان” لنتان الترمان: “أضاع عقله ونسي ان معه الحق”.

يفهم الجميع بان الاغلبية اليهودية هي التعبير الاهم لتحقق السيادة اليهودية. ثمة صلة  مباشرة بين  الاغلبية اليهودية والدولة اليهودية، والهجرة اليهودية وقانون العودة. من يحاججون ضد مفهوم “الاغلبية اليهودية” في دولة اسرائيل،  يسعون لنفي القومية اليهودية.  في شعارهم الجديد، يعطي اعضاء المشتركة  تعبيرا لما ورد في الميثاق الفلسطيني لـ م.ت.ف: “الادعاءات بشأن الصلة التاريخية او الروحية لليهود بفلسطين، لا تنسجم مع حقائق  التاريخ، او مع عناصر الدولة من معناها الصحيح.  اليهودية،  كدين سماوي،  ليست  قوية  ذات  وجود مستقل، كما أن ليس اليهود شعبا واحدا، ذا شخصية مستقلة، بل  مواطنون في الدول التي ينتمون اليها”. ان نفي القومية اليهودية، والذي هو من الحجارة الاساس في الهوية الفلسطينية، يصطف مع فكر  رافضي دولة اسرائيل من بين العرب واجزاء في  المعسكر الليبرالي والتقدمي في اوروبا وفي  الولايات المتحدة.  وجعل مفهوم “الاغلبية اليهودية” منبوذا، هو مصلحة فلسطينية صرفة.  ان المصدر للنزاع الذي لم ينجحوا في حسمه في الحروب وفي  الارهاب الوحشي، موجود في هذا المفهوم.  وضرورته للسيادة القومة اليهودية واضحة.  

ان زعماء الصهيونية، الذين لم يشعروا بالحاجة الى تبرير أنفسهم بالنسبة له، فهموا جيدا اهمية “الاغلبية اليهودية” لاقامة دولة يهودية. وهم بالتأكيد كانوا سيوقعون على اقوال دافيد بن غوريون بان “الهجرة الكبرى، الاغلبية اليهودية، الدولة اليهودية – هي من ناحية الدينامية السياسية مفاهيم منفصلة” (دافيد بن غوريون، “عنصر الزمن في الصهيونية”). وقد اضاف الى هذه الاقوال بان  “لا يوجد اي فرق بين معارضة العرب  للدولة اليهودية أو للاغلبية اليهودية أو للهجرة الكبرى. لديهم هذه المفاهيم الثلاثة تتماثل بالتأكيد”. وفي ذات  الموضوع كتب زئيف جابوتنسكي: “الاغلبية اليهودية في بلاد اسرائيل هي، من ناحية موضوعية ومن ناحية ذاتية على حد سواء، الهدف الاول والنهائي للحركة الصهيونية ولكل اعضائها ممن لهم في  اجسادهم روح سليمة” (زئيف جابوتنسكي، “الاغلبية”).

في تلك الايام، حين لم يكن واضحا ما هي المكانة القانونية الدقيقة للدولة اليهودية التي ستقوم، ميز جابوتنسكي بين السيادة “تجاه الخارج” التي تشكل المضمون القانوني للسيادة التي ستمنح للشعب اليهودي من قبل القوى العظمى وبين السيادة “تجاه الداخل”. بالنسبة للاخيرة قال ان “فكرة “دولة اليهود” واضحة بالتأكيد: معناها اغلبية يهودية، بها بدأت الصهيونية وبفضلها تواصل الوجود”. بالمقابل فان مشاعر المراعاة التي سارع زعماء أزرق أبيض، الى جانب الصحافيين والمفكرين، إبداءها تجاه شعور اعضاء المشتركة بالاهانة من مفهوم “الاغلبية اليهودية”، هي فعل خداع لليهود، ولكن بقدر لا يقل عن ذلك – تجاه المواطنين العرب أنفسهم. فحتى لنا التطلع للانتصار في الانتخابتات، لا يمكن لدولة اسرائيل أن تتخلى عن الصهيونية.

ان اعضاء المشتركة الذين وفرت لهم خطوات سياسية فاشلة مثل رفع نسبة الحسم امكانية أن يشكلوا جهة هامة في العقدة السياسية، يتخذون تكتيكا يدفع الى الامام بالقومية الفلسطينية، وفي  نفس الوقت أجندة دولة كل مواطنيها: المعارضة بحقنا في تقرير المصير. من شأن التكتيك ان يؤثر على اولئك الذين ضعف لديهم احساس العدل. ولكن عميقا في قلبهم، يعرف اعضاء المشتركة بان في لحظة الحقيقة لا يمكن لـ “الاغلبية اليهودية” ان تكون الموضوع الذي يحدد معسكرات السياسيين الصهاينة. انهم يعرفون بان حتى الجنرالات الساعين الى تأييدهم، من أجل تحقيق الفكرة المثالية المتمثلة في “كله الا بيبي” سيقولون – حتى هنا!

غبريئيلا برزين ، خبيرة في الفلسفة العربية واليهودية وخريجة جامعة هارفرد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى