اسرائيل اليوم– بقلم عوديد غرانوت- الثأر الايراني يبدو محتما
اسرائيل اليوم– بقلم عوديد غرانوت– 3/1/2021
“ حتى لو مرت الأسابيع الثلاثة القريبة دون تصعيد عسكري في الخليج، ونقل الرئاسة في واشنطن تم بشكل سليم – لا يوجد أي ضمانة لتحسين سريع في العلاقات مع طهران “.
مقياس الخوف من الاشتعال العسكري في الخليج الفارسي يرتفع اليوم الى رقم قياسي جديد، مع مرور سنة بالضبط على تصفية قائد قوة القدس الايراني، قاسم سليماني – ومعقول ان يبقى هكذا ايضا في الاسابيع الثلاثة القريبة القادمة حتى خروج الرئيس ترامب من البيت الابيض.
ولهذا الاعتبار سجل هذا الاسبوع جهد استثنائي من جانب الولايات المتحدة واسرائيل لردع ايران من تنفيذ عملية ثأر على قتل سليماني في مطار بغداد وتصفية عالم النووي محسن فخري زادة في تشرين الثاني الماضي. ودفعت واشنطن ضمن امور اخرى بغواصة نووية وحاملة طائرات الى الخليج الفارسي. طائرات قصف ثقيلة من طراز B-52، أقلعت من شمالي دكوتا، استعرضت عدة مرات في طلعات تهديدية في سماء الشرق الأوسط. وعززت قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي قواتها المرابطة في السعودية، وغرد الرئيس ترامب بانه “اذا ما أصيب امريكي واحد – فستتحمل ايران كامل المسؤولية”.
إسرائيل هي الأخرى، من جانبها، لم تجتهد لنفي التسريبات حول مرور غواصة لسلاح البحرية في قناة السويس “في طريقها الى الخليج الفارسي”. وحذرت محافل امنية في القدس من اعمال ثأر إيرانية كاطلاق صواريخ من اليمن او من العراق وتفعيل فروعها في سوريا وفي لبنان ضد اهداف إسرائيلية وغيرها.
التخوف من أن تكون ايران تخطط لعملية عسكرية ضد الولايات المتحدة، وربما أيضا ضد إسرائيل، بسبب تصفية العالم الذي اشتبه بها كمسؤولة عنها، يستند الى معلومات استخبارية من جانب ما والى تقديرات ومعطيات من جانب آخر.
في الجانب الاستخباري وصلت تقارير عن نقل مكثف للصواريخ والسلاح المتطور من ايران الى الميليشيات التي تأتمر بإمرتها في العراق والى الثوار الحوثيين في اليمن. وعلم أيضا عن لقاءات متواترة بين قادة هذه الميلشيات وبين إسماعيل كآني، خليفة سليماني في قيادة قوة القدس. وقبل بضعة أيام هبط 20 صاروخا قرب السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء في بغداد وفسرت هذه أيضا كـ “سلفة على الحساب”.
في مجال التقدير تثبت ولا سيما في واشنطن وبقدر اقل في القدس، الإحساس بان عملية إيرانية قريبة هي أمر محتم لاعتبارين أساسيين: الأول، موت سليماني كان ضربة اليمة جدا للنظام لدرجة انه ببساطة لا يمكنه ان يتجلد عليها. وفي السنة الماضية نشأ في ايران الاعجاب بالزعيم الأسطوري فبلغ حجوما لا يشهد لها مثيل ابدا. ومن مكانة “شهيد” الامة – ارتفعت مكانته الى درجة تكاد تشبه مكانة الحسين، ابن علي مؤسس الشيعة، الذي قتل في العام 680 في معركة كربلاء. فقد أقيم متحف على شرفه في طهران، ومسلسل من 40 حلقة في التلفزيون يخلد شخصيته والعاب حاسوب جديدة جعلت سليماني نجم الشبكة.
السبب الاخر للتقدير المتشدد: بقيت لإيران نافذة فرص ضيقة من ثلاثة أسابيع فقط للانتقام من ترامب قبل أن يغادر البيت الأبيض. كل عمل عسكري ضد اهداف امريكيةفي بداية ولاية بايدن من شأنه أن يخرب جدا على الجهد الإيراني لاعادة الولايات المتحدة والرئيس الجديد الى الاتفاق النووي. وتجدر الإشارة الى أن ايران لم تجتهد كي تهديء الروع من اعمال ثأر قريبة ولكنها حاولت عرض صورة معاكسة. ليست ايران هي التي تسعى للعمل ضد الولايات المتحدة بل ترامب هو الذي يوشك على أن يقصف منشآت النووي بحجة ردع ايران عن الهجوم. واقتنع الإيرانيون او على الأقل هكذا يحاولون عرض الامر، بان إسرائيل والسعودية تضغطان الان على ترامب كي يعمل فورا ، وهو نفسه، حسب الادعاء يؤمن بان عملية ضد ايران ستحبط دخول بايدن الى البيت الابيض.
مثلما في حالات عديدة، يستعد فيها الطرفان عسكريا، ولكن يتهمان الواحد الاخر بالنوايا الهجومية، فان الخطأ في التقدير من شأنه ببساطة ان يضرم اشتعالا واسعا. في نهاية الأسبوع سجلت فقط محاولة واحدة في هذه الاثناء لتقليل التوتر بعض الشيء: وزير الدفاع الأمريكي أمر بتقصير تواجد حاملة الطائرات مينتس في الخليج. ليس مؤكدا ان هذا سيكفي.
ولكن شيئا واحدا مؤكدا. حتى لو مرت الأسابيع الثلاثة القريبة دون تصعيد عسكري في الخليج، ونقل الرئاسة في واشنطن تم بشكل سليم – لا يوجد أي ضمانة لتحسين سريع في العلاقات مع طهران. فالايرانيون سيطالبون الرئيس الجديد بوقف او تخفيف فوري للعقوبات، لن يوافقوا على التنازل عن مشروع الصواريخ الباليستية ولن يسارعوا الى التوقيع على اتفاق نووي جديد يحاول مرة أخرى تكبيل أيديهم في السباق نحو القنبلة.