اسرائيل اليوم – بقلم عوديد غرانوت – اسرائيل قد تبقى وحدها في مواجهة النووي

اسرائيل اليوم – بقلم عوديد غرانوت – 3/2/2021
” اسرائيل ترى في عملية التحول النووي الايراني تهديدا وجوديا لا يمكن التسليم به بينما تنشغل السعودية في محاولة تحسين صورتها امام إدارة بايدن والبحث عن مخرج من الحرب في اليمن “.
خطوة ايران المحسوبة الرامية الى حث ادارة بايدن للعودة على عجل الى الاتفاق النووي في 2015، تتوجت هذا الاسبوع بنجاح كبير بفضل ثلاث اوراق ضغط وضعتها على الطاولة: التهديد بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمعدل عالٍ؛ تفعيل اجهزة طرد مركزي جديدة وسريعة في منشأة نتناز وتقييد رقابة الطاقة الذرية. دليل على نجاح هذه الخطوة يمكن أن نجده، ضمن أمور أخرى، في المقابلات لوسائل الاعلام التي منحها وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن. بدلا من تحذير ايران من أنه لن يبدأ معها أي مفاوضات على العودة الى الاتفاق النووي اذا لم توقف فورا وبدون شروط هذه الخروقات الخطيرة، فقد اختار بالذات ان يصدع بالتخويف: بهذه الوتيرة، هكذا قال ستتمكن ايران في غضون بضعة أسابيع من الاقتحام نحو القنبلة. بتعبير آخر: يجب الإسراع.
الامر المحبط في هذه القصة هو أنه الى جانب خرق الاتفاق من جهة ايران، التي تقربها بالفعل من نيل سلاح نووي حتى وان كان في مدى زمني أطول من أسابيع قليلة، فان الإيرانيين لا يبدون الان أيضا أي استعداد للتقدم للتوقيع على اتفاق نووي أطول، أحسن وأمنع على الخروقات. فهم يصرون على العودة الى الاتفاق القديم وغير مستعدين لان يفتحوا بنوده، كما يعارضون أي مفاوضات في موضوع الصواريخ الباليستية او حول مؤامراتهم الإقليمية. واذا لم يكن هذا بكافٍ فهم يطالبون الولايات المتحدة بان تتخذ الخطوة الأولى نحو العودة الى طاولة المباحثات: الغاء العقوبات الحادة التي فرضها عليهم ترامب بحقن ثابتة، منذ انسحب من الاتفاق النووي في 2018. واذا ما طلبوا منهم بلطف – فلربما يوافقون على التبادلية. بمعنى، خطوات لبناء الثقة، يقوم بها الطرفان في آن واحد.
لا ينبغي أن نحسد الإدارة الجديدة عند معالجتها مشكلة النووي الإيراني. فالتبادلية في نظر الإيرانيين معناها ان يكون بوسعهم ان يوقفوا بثانية الخروقات، ولكنه سيتعين على إدارة بايدن مثلا، ان تزيل عن الحرس الثوري وصفه كمنظمة داعمة للارهاب، ان تلغي العقوبات التي فرضتها على البنك المركزي الإيراني وعلى تصدير النفط وعلى الشركات التي تسعى الى التجارة مع ايران وكل ذلك، مقابل ماذا بالضبط؟ العودة الى الاتفاق القديم؟
لقد تعهدت إدارة بايدن علنا بالتشاور مع الكونغرس ومع أصدقاء الولالايات المتحدة في الشرق الأوسط قبل أن تتخذ خطوة ذات مغزى حيال ايران. في الكونغرس، وفي أوساط الديمقراطيين أيضا، يوجد الكثيرون ممن يعارضون العودة الى الاتفاق القديم مع ايران ويعتقدون بان هذه خطوة مغلوطة، ستعرض فقط للخطر مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
ولكن بالذات في ما يتعلق باصدقاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كفيلة إدارة بايدن ان تتبين بان هذه مهمة ليست متعذرة. والسبب: في الجبهة المناهضة لإيران، التي عملت إدارة ترامب وتكبدت العناء الكثير لبلورتها في الأشهر الأخيرة من ولايتها، تتبين شروخ أولى.
هكذا مثلا، المصالحة التي حققتها الإدارة بين قطر وجيرانها والتي استهدفت اضعاف علاقات الدوحة مع ايران (التي تعمقت جدا في السنوات الثلاثة ونصف السنة من المقاطعة على قطر من جانب الدول السنية وعلى رأسها السعودية)، لم تخلق شرخا بين الطرفين، بل العكس: يعرض القطريون الان خدماتهم الطيبة كي يتوسطوا بين واشنطن وطهران.
واتفاقات إبراهيم أيضا التي استهدفت من خلال التطبيع تثبيت حلف مناهض لإيران منيع بين إسرائيل ودول الخليج، ليس مؤكدا انها حققت هدفها. والسبب هو أن إسرائيل ترى في خطوة التحول النووي لإيران تهديدا وجوديا لا يمكن التسليم به باي حال، في الوقت الذي تنشغل فيه السعودية مثلا في هذه اللحظة أكثر من قبل في محاولة تحسين صورتها امام إدارة بايدن والبحث عن مخرج مشرف من الحرب التي لا تنتهي في اليمن، في ساحتها الخلفية. حرب خفضت بشكل خطير الاحتياطات في صندوق المال السعودي.
النتيجة كفيلة بان تكون ان تجد إسرائيل صعوبة في المواجهة مع إدارة بايدن في مسالة العودة الى الاتفاق النووي كمن تلقت تفويضا للعمل من دول الخليج السنية، فضطر، ربما وحدها، لمحاولة اقناع الإدارة الجديدة بان تخصيب اليورانيوم بمعدل 20 في المئة، ادخال أجهزة طرد مركزي سريعة وجمع 30 طن من العجينة الصفراء اللازمة لانتاج سلاح نووي – تشهد اكثر من أي شيء آخر على أن الإيرانيين يندفعون نحو نيل القنبلة وليس المعالجات الصحية.
******