ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم  دان شيفتن – ليس على شفا الهاوية

اسرائيل اليوم– بقلم  دان شيفتن – 19/10/2021

” في الحكومة الحالية يوجد تقدير سليم لجسامة الخطر الايراني وتجري معركة متواصلة ومركبة للتصدي له مع خليط مبهر من الجسارة الاستراتيجية والامتناع الحريص عن المغامرة  “.

خير أن يدار علنا خلاف لغرض الخلاف ولا سيما اذا كان الطرفان قلقين من ظواهر مشابهة، ويختلفان حول جسامة المشكلة وشدة الاضطرارات التي تجعل صعبا ايجاد حل. آفي برئيلي محق في ثلاثة امور هامة طرحها هنا أول أمس (“اخطار، وليس تهدئة”، 17/10): إذ يخطر بالاداء البائس للساحة السياسية في اسرائيل، إذ يشير الى السيطرة بالقوة من جانب جهاز القضاء  كأحد العوائق الهامة لتحسين الساحة، واذ يشير الى التهديدات الخاصة، الداخلية والخارجية التي بسببها يحظر على اسرائيل ان تسلم بمنظومة عليلة من اساسها   في اتخاذ القرارات الوطنية. وعن الثلاثة كتبت هنا باستطراد: ومن اصل جملة مجالات الخلاف يجدر  التشديد على اثنين.

لا اعتقد ان “ضباطا محدودين في فهمهم – ممن اودعت سياسة الامن حصريا في ايديهم تقريبا – هم خطر على الامن القومي”. لقد بوركت اسرائيل  بسلسلة جنرالات مهنيين، متفانين ومستقيمي الطريق في هيئة الاركان، برئيس  اركان فهيم، مجرب  وواسع النظرة،  وبانفتاحية للنقد الاستراتيجي بحجم وبعمق خاصين، اشهد بها من تجربتي الشخصية. فهم  يمتثلون لتعليمات القيادة السياسية وملتزمون عميقا بتبعيتهم للزعامة المنتخبة. يمكن الخلاف في مشورتهم المهنية وتوجد بينهم فوارق قدرات، مثلما في كل مجموعة ناجحة اخرى، ولكن وفقا لكل مقياس معقول، لا مبرر لوصفهم كـ “محدودين في مفهومهم” وبالتأكيد لا للادعاء بانهم “خطر على الامن القومي”. 

في مجال الامن، من الصعب اتهام القيادة المنتخبة بانعدام الاداء او باداء عليل من اساسه. في عهد نتنياهو، وحسب التجربة القصيرة على ما يبدو في الحكومة الحالية ايضا، يوجد تقدير سليم لجسامة الخطر الايراني، وتجري معركة متواصلة ومركبة للتصدي له، في تداخل مبهر من الجسارة الاستراتيجية والامتناع الحريص عن المغامرة. وهذا يتضمن قيادة عملياتية من ضباط مسؤولين، منصتين لاضطرارات المحيط الاستراتيجي، الى جانب شخصيات منتخبة تتصرف بشكل عام بمسؤولية.

في الموضوع الفلسطيني، الذي اختلف فيه مع بعض من المفاهيم والتشديدات في القيادة العسكرية والسياسية لا يدور الحديث عن انعدام المسؤولية او تفادي التصدي للمشكلة المعقدة ولاضطراراتها الداخلية، الاقليمية والدولية. يدور الحديث عن نهج مشروع، يمنح برأيي وزنا زائدا لاعتبارات من نوع ما ووزنا اقل كما ينبغي لاعتبارات اخرى. اخطاء مشابهة بل واشد من هذه ميزت احيانا ايضا سياسة زعماء كاريزماتيين في حكومات مستقرة في اجيال سابقة. 

أتفقايضا بان وضع اسرائيل اكثر خطورة من وضع الديمقراطيات الغربية. صحيح أن “في الولايات المتحدة لم يقع شيء مشابه لتضليل يمينا للناخبين”، ولكن هذا ليس مقياسا مناسبا لجسامة التشويه، إذ ان نظام الحكم هناك لا يتيح مناورة برلمانية مشابهة: تشويهاته الكبرى مختلفة ومثيرة للحفيظة بقدر لا يقل. وهذه باطلة تماما امام المصيبة الاجتماعية –السياسية التي تمزق الشعب الامريكي منذ  اكثر  من عقد بين  الجمهوريين والديمقراطيين الى معسكرين يلعبان فيما بينهما “لعبة مبلغها الصفر” على حساب المصالح القومية للولايات المتحدة. وبتذاكٍ مرير عرضت على اصدقاء في الكونغرس ان يتبنوا “حل الدولتين للشعبين”. هذا الشرخ يمزق  المجتمع، ويضعف قدرته على أن يتصدى لاحتياجات العالم الحر الحيوية في وجه التحدي الصيني وغيره من التهديدات، كونه نزع عن القيادة القومية بنية حيوية لكفاح حاسم في الخارج – مناعة وطنية تقوم على  اساس اجماع داخلي واسع.

على صدع اقل جسامة من هذا، يحل الان على شريكتنا خلف  المحيط، دفعت  اسرائيل ثمنا لا يطاق بين حرب لبنان  الاولى والانتفاضة الثانية،  عندما لعب اليمين واليسار “لعبة مبلغها الصفر” والتي استهدفت خلق حقائق ناجزة في يهودا والسامرة: استيطان في قلب  المنطقة المأهولة من هنا، ووهم السلام في اوسلو من هناك. الوضع في المجتمع الاسرائيلي اليوم اقل خطورة بكثير.

مشكلة الكثيرين وان لم تكن حتى نصف مواساة ولكنها ايضا ليست فقط “مواساة اغبياء”. فهي تشير  الى عوامل عميقة بنيوية تلزم الديمقراطيات بتبني اصلاحات شاملة لا تلقي الرضيع مع مياه الحمام. الاقتراحات المعروفة لتغيير دراماتيكي وفوري ليست مقنعة بعمليتها. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى