ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم جلال بنّا – كسروا “المقاطعة”

اسرائيل اليوم– بقلم  جلال بنّا – 10/2/2021

استعداد الحركة لان تكون السنونو الاول في التعاون السياسي البراغماتي ليس انعطافة بل تحقيق لرؤيا دخولها الى الحياة السياسية في اعقاب اتفاق اوسلو. يتبقى الان أن نتبين اذا كانت الشجرة التي غرستها في 1997 ستعطي ثمارا انتخابية في انتخابات 2021 “.

حديث الاسبوع في المجتمع العربي في اسرائيل، في مناطق السلطة الفلسطينية وحتى في قسم من العالم العربي، هو اعتراف النائب منصور عباس بالبث الحي والمباشر بانه بالفعل التقى مع كبير حماس خالد مشعل ونقل له رسائل من جهات اسرائيلية. لم يكتفِ عباس بهذه الاقوال واضاف بانه لم يسبق له أبدا ان التقى مع “مخربين” في السجون في اسرائيل، فيما كان يقصد السجناء الامنيين الفلسطينيين، مما اثار انتقادا حادا ضده. لم تكن هذه هي المرة الاولى التي يضطر فيها عباس لان يعتذر عن اختيار الكلمات غير الموفقة او لايضاح اقوال لا تنسجم مع مشاعر مختلفة في المجتمع العربي. فقد التقط مؤخرا كمن يخدم في اقواله وافعاله اجندة رئيس الوزراء واجندة الليكود، مقابل وعود سياسية كهذه او تلك.

ولكن القصة اكبر من عباس نفسه. رئيس القائمة العربية الموحدة ينتمي للحركة الاسلامية الجنوبية، التي هي احدى حركات الاخوان المسلمين في العالم العربي. لقد حاولت الحركة الاسلامية، بعد اتفاقات اوسلو، الانخراط في السياسة الاسرائيلية بل وسجلت حزب (القائمة العربية الموحدة) وذلك بخلاف الخط الايديولوجي التأسيسي لها. على هذه الخلفية انقسمت الحركة في 1996 الى حركتين: الحركة الاسلامية الشمالية برئاسة الشيخ رائد صلاح، التي تقاطع الانتخابات للكنيست بل واخرجت عن القانون؛ وبالمقابل، الحركة الاسلامية الجنوبية التي بعثت بمندوبها الى الكنيست طورت علاقات مع محافل رسمية وغير رسمية، دينية وغير دينية، في دولة اسرائيل، ضمن امور اخرى انطلاقا من الرغبة للعمل على الجسر بين القيادة اليهودية وقيادة حركات اسلامية راديكالية مثل حماس والجهاد الاسلامي، والتي لقاء كل مواطن آخر معها يمكن أن يعتبر كـ “اتصال مع عميل اجنبي”.

الكثيرون في القيادة العليا للحركة الاسلامية الجنوبية اقاموا ويقيمون علاقات شخصية مع زعماء ومسؤولين دينيين كبار يهود في اسرائيل بل يشاركونهم في الادارة والترويج لجمعيات ومنظمات مختلفة. وبالتوازي فانهم يخوضون ايضا حوارا متواصلا مع القيادة الدينية الاعلى في العالم العربي، ولا سيما في مصر وفي السعودية. ولا شك أن عبرهم تنقل رسائل كهذه او تلك من جهات عليا، سياسة، دينية وربما أمنية في اسرائيل.

محافل الامن في اسرائيل – على الاقل حسب اعتراف عباس – تعرف جيدا عن كل ما يجري في الحركة الاسلامية الجنوبية، وعن الاتصالات التي يجريها مسؤولها مع جهات راديكالية في العالم العربي، ولعل هذا يشرح لماذا يمكن لمسؤولي الحركة  ان يتحركوا بحرية – بخلاف رجال الحركة الاسلامية الشمالية، التي تخضع تحركاتهم لرقابة اجهزة الامن وتثير اتصالاتهم مع جهات مثل حماس انتقادا حادا في القيادة السياسية.

ان جدول الاعمال الاجتماعي والديني لـ “الجنوبية” و “الشمالية” يكاد يكون متماثلا. فكلتاهما ايضا موحدتان في فكرهما تجاه النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ومكانة المسجد الاقصى في القدس. ولكن بخلاف الحركة الشمالية، تتميز الحركة الجنوبية بالاستعداد للمشاركة في الحياة السياسية في دولة اسرائيل واجراء حوار مثمر مع زعماء دين يهود، واجراء حوار مع المجتمع اليهودي والاتصالات بجهات سياسية بل وأمنية. بمفاهيم عديدة تكون هذه الحركة تحررت من “المقاطعة” العربية، وبالتالي – فان انسحابها من المشتركة واستعدادها لان تكون السنونو الاول في التعاون السياسي البراغماتي ليس انعطافة بل تحقيق لرؤيا دخولها الى الحياة السياسية في اعقاب اتفاق اوسلو. يتبقى الان أن نتبين اذا كانت الشجرة التي غرستها في 1997 ستعطي ثمارا انتخابية في انتخابات 2021.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى