اسرائيل اليوم– بقلم ايال زيسر – مشاكل السلطان اردوغان
اسرائيل اليوم– بقلم ايال زيسر – 5/11/2019
في الافلام، مثلما في مسلسل “كاترين العظمى” التلفزيوني الذي بث مؤخرا، يعظم الروس المرة تلو الاخرى ضرباتهم للاكراد، الاعداء التاريخيين للامبراطورية الروسية. يمكن الافتراض بان اردوغان، الذي يتطلع الى العودة الى عهد الامبراطورية العثمانية القديمة، لم يغفر ولم ينسى للروس افعالهم في الماضي، ولكن ايضا تدخلهم في الحرب في سوريا من اجل بشار، كريه روحه.
ولكن اردوغان ليس سلطانا عثمانيا كما يخيل له احيانا، وتركيا ليست قوية ومتينة كما يريد أن يصدق. وعليه، فاردغان حكيم وقوي على الضعفاء، ولا سيما الاكراد، وبقدر ما أيضا على الولايات المتحدة. ولكن عندما تصل الامور الى الروس يعرف كيف يخفض الرأس امام القوة الشديدة.
كان لاردوغان حلم أمل في أن يجسده عندما اندلع الربيع العربي، قبل قرابة عقد من الزمان. في حلمه رأس نفسه الحاكم، وربما السلطان، للشرق الاوسط كله. تونس، وفي اعقابها مصر، سقطتا في الوقت نفسه في ايدي حركة الاخوان المسلمين، وهي ذات حركة حزب اردوغان. وفي سوريا ايضا أملت الحركات الاسلامية التي دعمتها تركيا في اسقاط الحكم. غير ان الاحلام في جهة والواقع في جهة اخرى: فقد انهارت الخطة، واصبح عدوا في نظر معظم الدول.
في الداخل ايضا وضع اردوغان في اسوأ حاله. بعد نحو عقدين من الحكم بلا قيود، يتبين تآكل في التأييد الجماهيري له، ولا سيما بسبب الازمة الاقتصادية، بل وفي داخل حزبه قام من يتحدى حكمه.
لقائمة مشاكل اردوغان اضيفت الان ايضا أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة، والتي اكتسبها عن جدارة. فقد ساهم في الازمة قرار الرئيس التركي ادارة ظهر المدن لرفاقه في الناتو وشراء منظومات دفاع جوي متطورة من طراز اس 400 من روسيا، ولاحقا ايضا اجتياح سوريا وضرب الاكراد، حلفاء واشنطن الذين خانتهم. ولهذا فقد رد الامريكيون بسلسلة عقوبات اقتصادية، وفي الاسبوع الماضي ايضا بقرار مجلس النواب الاعتراف بقتل الشعب الذي نفذ في اواخر العهد العثماني ضد الارمن.
ولكن يخيل أنه في جذر الازمة تقبع الصعوبة المتزايدة لدى الكثيرين في الولايات المتحدة من مواصلة التماثل مع تركيا، حليفتهم القديمة. فالتوجه نحو التطرف الاسلامي، والتدهور نحو الدكتاتورية، والى جانب ذلك العداء المتزايد للغرب ولامريكا، تعمق الهوة بين الدولتين.
لواشنطن هي الاخرى مساهمة في ازمة العلاقات، ولا سيما لانها نسيت كيف ينبغي لقوة عظمى عالمية ان تتصرف في الشرق الاوسط. فعلى الاهانات التي وجهها لها اردوغان ردت باعطاء الخد الاخر، ولم تنل لقاء ذلك غير الاحتقار. ومع ذلك، فان واشنطن لا تزال قوة عظمى، قوية وهامة اكثر بكثير من روسيا. تركيا بحاجة لها وللعلاقة مع الغرب الذي هو المفتاح لاستقرارها الاقتصادي. هذا ما يفهمه جيدا الرئيس ترام الذي بطريقة غير امريكية تماما، يهين اردوغان ويقصقص اجنحته وعلى ذلك يحظى بالذات بالشرف.
يتكبد اردوغان حاليا الفشل تلو الفشل في سياسته الخارجية. علاقاته مع واشنطن اهتزت، تعلقه بروسيا ازداد. في العالم العربي احد لا يريد الاقتراب منه، كما ان اجتياحه لسوريا سينتهي بالقرف. قد يكون اردوغان ضرب الاكراد، ولكنه بذلك يكون قد دفعهم نحو أذرع بشار الاسد، العدو المصمم بقدر غير قليل لاردوغان.
لقد جعلت سياسة “صفر مشاكل” إذن تركيا دولة مع “صفر اصدقاء”، بسبب نزوات واحلام الجبروت لدى اردوغان، الكفيل بان يكتشف بان ايام السلطان، كل سلطان، على كرسي الحكم محدودة.