ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم ايال زيسر – فك ارتباط بايدن

اسرائيل اليوم – بقلم  ايال زيسر  – 14/6/2021

بخلاف ترامب، الذي نفذ فك ارتباطه عن الشرق الاوسط من خلال تعزيز المحور المناهض لايران في المنطقة وترسيخ امن حلفاء امريكا، يترافق فك ارتباط بايدن بالتراجع عن الالتزامات وبالمصالحة مع اعدائها “.

سافر الرئيس بايدن الاسبوع الماضي في زيارة اولى الى خارج حدود بلاده. الرسالة التي سعى لان يطلقها لمواطنيه وللعالم كله هي أن “الولايات المتحدة عادت” لان تؤدي دورا فاعلا ورائدا في الساحة الدولية الى جانب اصدقائها وحلفائها الذين هجرتهم، هكذا حسب بايدن، في عهد الرئيس ترامب.

زيارته الاولى الى الخارج لا يتزين بايدن باجرائها في اسرائيل. وبدلا من ذلك سيزور اوروبا كي يلتقي شركاءه في حلف الناتو، وبينهم الحليف المخلص، الرئيس التركي اردوغان، كما سيلتقي الرئيس بوتين الذي وصفه قبل وقت غير بعيد بـ “القاتل”.

اما عن اسرائيل فاختار ان يتجاوز. يمكن ان نبرر الامر بالدوامة التي تعيشها الساحة السياسية في الدولة في السنوات الاخيرة وبشدة اكبر في هذه الايام. ولكن حقيقة هي ان بايدن اختار أن يتجاهل ايضا دولا اخرى في المنطقة، وعلى رأسها حلفاء واشنطن في الخليج. كما يذكر، بدأ ترامب ولايته بزيارة هذه الدول، الى جانب زيارته الى اسرائيل، وسعى لان يعبر بذلك عن الالتزام الامريكي الراسخ بامنها في وجه التهديد الايراني.

لقد أثار انتخاب جو بايدن بالرئاسة في تشرين الثاني الماضي نقاشا مشوقا في مسألة التزامه، وكذا التزام حزبه، بالصداقة بعيدة السنين بين الولايات المتحدة وبين اسرائيل. في هذه الاثناء لا توجد ادلة على تقليص التأييد المبدئي من بايدن لاسرائيل. ولكن ليس هذا هو الموضوع. إذ انه ليس مثل امريكا في التمييز بين المشاعر وبين المصالح السياسية والاقتصادية الباردة. وعموما، في كل ما يتعلق بالممارسة فان رسالة بايدن قاطعة وواضحة: الشرق الاوسط مرة اخرى لا يعني الولايات المتحدة، وكل ما تسعى اليه بل وتخطط له هو أن تفك ارتباطها عنه وعن مشاكله، لقد همس بهذه الامور في الغرف المغلقة منذ عهد اوباما وقيلت بشكل فظ من قبل ترامب، الذي وصف سوريا كما يذكر كـ “دولة ليست سوى رمال وموت”، وبالتالي ليس للولايات المتحدة اي مصلحة للتدخل في النزاعات القبلية التي تجري على اراضيها. ولكن بخلاف ترامب، الذي نفذ فك ارتباطه عن الشرق الاوسط من خلال تعزيز المحور المناهض لايران في المنطقة وترسيخ امن حلفاء امريكا، يترافق فك ارتباط بايدن بالتراجع عن الالتزامات وبالمصالحة مع اعدائها.

المرحلة الاولى في فك الارتباط هي بالطبع تحقيق اتفاق نووي مع ايران، يبعد تهديد الاشتعال الذي من شأنه ان يجر الولايات المتحدة الى مواجهة مع ايران. اتفاق كهذا سيهيىء التربة ايضا لتخفيض مستوى التواجد الامريكي في المنطقة. وبالتوازي، بدأ الامريكيون بالانسحاب من افغانستان بعد أن وقعوا على اتفاق مع حركة طالبان. ويدور الحديث عمليا عن بيع تصفية ثمنها سيدفعه حلفاء واشنطن الافغانيون. فبعد كل شيء، ليس لاحد اوهام، وفي اللحظة التي سينسحب فيها الامريكيون من افغانستان، سيسيطر عليها طالبان وسيقيمون فيها حكم ارهاب ظلامي واجرامي.

في اليمن ايضا يسعى الامريكيون للوصول الى اتفاق مع الحوثيين، مبعوثي طهران. من الصعب الافتراض بان يتنازل هؤلاء عن العلاقة مع ايران، وعليه فان وقف القتال سيسمح لهم، مثلما لحماس وحزب الله في حينه لان يتزودوا بترسانة من الصواريخ بمعونتها سيهددون كل دول المنطقة، بل وحتى اسرائيل.

بعد ذلك سيأتي دور سوريا حيث سيترك الامريكيون لمصيرهم حلفاءهم الاكراد، الذين ساعدوهم على اسقاط خلافة داعش، تحت رحمة بشار الاسد. وأخيرا سيخرج الامريكيون من العراق ويتركوه في ايدي طهران بل وسيقلصون تواجدهم في الخليج الفارسي.

يأمل بايدن إذن في أن تذكر ورديته كوردية في اثنائها خرجت الولايات المتحدة من الوحل الذي غرقت فيه في الشرق الاوسط. غير انه وكما تفيد تجربة اسرائيل في غزة وفي لبنان، يمكن للامريكيين ان يفكوا ارتباطهم عن الشرق الاوسط ولكن انفجارات العنف والارهاب التي مصدرها في المنطقة ستواصل ملاحقتهم حتى الولايات المتحدة البعيدة.

يأتي التغيير في الولايات المتحدة في فترة حساسة لاسرائيل، فترة تبادل الحكومات. فبعد كل شيء، في الشرق الاوسط كل شيء شخصي، والموقف من الدولة يكمن غير مرة في الشكل الذي ينظر فيه الى من يقف على رأسها. نتنياهو قد لا يكونوا أحبوه، ولكنهم احترموه بفضل تجربته عظيمة السنين في هذه الساحة المعقدة.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى