اسرائيل اليوم – بقلم اليعيزر (تشايني) بروم – بحر من المخاطر ، ينبغي الرقابة على الحدود البحرية
اسرائيل اليوم – بقلم اليعيزر (تشايني) بروم – قائد سلاح البحرية الاسبق- 6/12/2021
” لا يوجد اسطول في الشرق الاوسط يمكنه أن يهدد اسرائيل. ولكن للارهاب البحري قصة اخرى ” .
تقع دولة اسرائيل على الشاطيء الشرقي من البحر الابيض المتوسط، وعلى الطرف الشمالي من خليج ايلات بوابة البحر الاحمر. اهمية البحر لاسرائيل هائلة: لاسباب تاريخية وغيرها، حجم التجارة البرية لدولة اسرائيل متدن جدا، والبحر هو شريان المواصلات الاساس للبضائع من اسرائيل واليها.
اكثر من 90 في المئة من هذه البضائع تصل الى اسرائيل وتخرج منه عبر البحر، ولهذا فان البحر هو في واقع الامر الجسر التجاري لاسرائيل الى العالم كله. في الماضي، مثل هذا القول كاد لا يؤثر على الجمهور وعلى اصحاب القرار. اما اليوم، فبعد أن شوشت الكورونا سلسلة التوريد العالمي وارتفعت اسعار النقل البحري بمئات في المئة، فان اهمية هذا الجسر باتت مفهومة اكثر.
في السنوات الاخيرة اضيف بعد جديد للمجال البحري، بعد أن اكتشفت دولة اسرائيل مرابض الغاز التحت بحرية قرب شواطئها. وكانت الدولة مطالبة بان تعلن عن المياه الاقتصادية والتوقيع على اتفاق مع قبرص. في نهاية المطاف وقع الاتفاق فقط بعد احداث اسطول مرمرة؛ حتى ذلك الحين اختارت اسرائيل الا تغضب الاتراك الذين يدعون بان قبرص ليست دولة، ولهذا فلم يوقع الاتفاق معها. مرابض الغاز، والاعلان عن المياه الاقتصادية، رفعا الوعي بالحاجة للدفاع عن هذا المجال البحري، الذي مكتشفات الغاز ليست نهاية للمقدرات التي ستوجد فيه. الى جانب ذلك، فان حجم التجارة الاسرائيلية مع الشرق الاقصى رفع مجددا الى الوعي الاسرائيلي اهمية البحر الاحمر والحاجة الى العمل فيه لحماية حرية الملاحة الاسرائيلية.
التحدي الذي يقف امامه سلاح البحرية الاسرائيلي، هو أولا وقبل كل شيء حماية شواطيء دولة اسرائيل وسيادتها في البحر، والتي تتضمن ايضا المياه الاقتصادية بما فيها مرابض الغاز. التهديد على دولة اسرائيل يتشكل من عدة ابعاد. احدها هو اساطيل دول العدو التي ستهاجم دولة اسرائيل عند الحرب. الاسطول السوري تآكل تماما ولا يشكل تهديدا على اسرائيل، وهكذا ايضا الاسطول اللبناني؛ للايرانيين ايضا الذين يوجدون بعيدا في الشرق، لا يوجد سلاح بحرية قادر على العمل ضد اسرائيل في البحر المتوسط؛ الاسطولان الهامان الوحيدان في البحر المتوسط هما المصري والتركي. وهذان اسطولان كبيران وحديثان صحيح لليوم على الاقل لا يشكلان تهديدا على دولة اسرائيل. مع مصر يوجد اتفاق سلام مستقر جدا، وتركيا، رغم الازمات معها – تنتمي الى الناتو، من غير المتوقع في المستقبل القريب اي مواجهة معها.
وماذا بالنسبة لتهديدات الارهاب البحري؟ هنا القصة اكثر تعقيدا. حماس في غزة تبلور كل الوقت قدرات هجومية في البحر، بوسائل تحت بحرية وفوق بحرية وكذا بادوات غير مأهولة. الى جانب ذلك، تهديد الصواريخ على طوافات الغاز آخذ في التعاظم. في الساحة الشمالية، حزب الله يحسن قدراته للتسلل الى منظومة الامن الجاري لسلاح الجو والى شواطيء شمال الدولة مثل العملية في نهاريا قبل سنوات عديدة. اضافة الى ذلك، فان التنظيم مزود اليوم بصواريخ من انواع مختلفة، بعضها متطور جدا وذات قدرات عملياتية هامة؛ وهكذا يهدد طوافات الغاز والملاحة من اسرائيل واليها وعلى الحركة في الموانيء. التحدي الاضافي لسلاح البحرية هو حماية حرية الملاحة في البحرين المتوسط والاحمر في ضوء محاولات التشويش على هذه الحرية، مثلما فعل في الماضي المصريون مما ادى الى نشوب الحروب. وصحيح حتى كتابة هذه السطور، ومثلما رأينا الان في البحر المتوسط لا توجد اساطيل هامة معادية لنا وتعرض للخطر حرية الملاحة؛ في البحر الاحمر بالمقابل، اكثر تعقيدا بقليل. شكله الضيق والطويل، وكثرة الدول على طوله يشكل للسفن الاسرائيلية تهديدات من دول غير مستقرة، كاليمن، ودول اخرى قد تصبح معادية لاسرائيل عند الحرب.
كما توجد تهديدات جوية ذات تأثير على الجبهة الحربية. مؤخرا تعرضنا لتهديد المُسيرات الانتحارية القادرة على مواجهة السفن وبالطبع الطوافات ايضا وغيرها من المنشآت الحيوية. الايرانيون، الذين يعانون منذ زمن بعيد من العقوبات التي منعتها من أن تبني قوات جوية وبحرية هامة، شخصوا فرصة للادوات غير المأهولة – مجال سهل نسبيا للتطوير، يحوزون فيه اليوم قدرات عالية جدا. لقد شخص سلاح البحرية قبل سنوات عديدة امكانية التهديد الجوي على المواقع في البحر وعدم قدرة سلاح الجو على ضمان مظلة دفاع ضد هذه التهديدات، وبالتأكيد عندما تعمل القوة في ساحات بعيدة. في اعقاب ذلك تزود سلاح البحرية بمنظومات دفاع جوي هي الافضل والاكثر تطورا في العالم. وهذه ستسمح لنا بالدفاع سواء عن المياه الاقتصادية والبنى التحتية الموجودة فيها، ام عن القوة البحرية التي ستعمل في ساحات بعيدة.
ان المفهوم الفكري ضد التهديدات التي استعرضت يجب أن يدمج الدفاع والهجوم. اولا، الدفاع اليومي في اطار الامن الجاري يستوجب دوريات للسفن والطائرات، الى جانب تفعيل منظومات الدفاع على الشواطيء لاكتشاف كل تهديد على اسرائيل وعلى اهداف في مياهها الاقتصادية. وهذه منظومة تعمل على مدار الساعة بشكل لا يمل وعملها مضن جدا لمن يعمل فيها. وفي نفس الوقت مطلوب جهد استخباري يتابع التطورات واستعدادات محافل الارهاب في الساحات المختلفة، ومن حين الى حين مطلوب العمل ضد هذه الشبكات لاحباط نوايا محافل الارهاب. هذا التداخل بين الدفاع والهجوم يسمح بتقليص قدرات تلك المحافل للعمل ضدنا.
في اثناء الحرب، المفهوم القتالي لسلاح البحرية يجب أن يدمج مرة اخرى الدفاع والهجوم. يتم دفاع مادي عن طوافات الغاز منعا للمس بها وفي نفس الوقت يتم عمل هجومي ضد اهداف في الشاطيء وفي البحر من شأنها أن تعرض للخطر حرية عمل سلاح البحرية.