اسرائيل اليوم – بقلم العميد احتياط اودي ديغل – فرصة لتغيير استراتيجي

اسرائيل اليوم – بقلم العميد احتياط اودي ديغل – 14/11/2019
لقد بينت تصفية أبو العطا، قبل كل شيء آخر، بان يد اسرائيل طويلة تنال كل من يخطط للارهاب ضدها، في ظل اظهار القدرات الاستخبارية – العملياتية المميزة لاذرع الامن.
ان المبرر الذي عرضته اسرائيل للاحباط المركز في هذا الوقت بالذات، هو ان ابو العطا كان في ذروة التخطيط لعمليات نوعية ضد اسرائيل، وعمل على نحو فاعل لاحباط التسوية بين حماس واسرائيل. يخيل أن اسرائيل، التي تمتلىء بهجة في الاونة الاخيرة من نجاحاتها في المعركة التي بين الحروب في الساحات المختلفة، لا تتوقف لتفحص الاثار الاستراتيجية لافعالها. في حالة تصفية ابو العطا لا يدور الحديث عن اكثر من خطوة تكتيكية – محلية، وبالتأكيد ليس تغييرا جوهريا في الوضع الاساس في غزة.
تواصل المنظمات في القطاع تشكيل تهديد عسكري على اسرائيل يمكنها ان تنفذه في كل وقت يخدم فيها هذا مصالحها. واستمرار الوضع القائم وتعاظم قوة منظمات الارهاب سيستوجب في نهاية الامر معركة عسكرية واسعة ونشطة لنزع القدرات العسكرية لدى حماس وباقي المنظمات العاقة ولكن في نهايتها ايضا- لشدة الاسف، لن توجد بديل عن حكم حماس في القطاع، واسرائيل ستجد صعوبة في تصميم واقع من الاستقرار والهدوء الامني على مدى الزمن.
لقد حققت اسرائيل هدفها في الاحباط المركز في بداية المعركة، ولاحقا عملت على انهائها السريع قبل أن تقع اصابات ذات مغزى في الجبهة الداخلية. والاختيار للتركيز على الجهاد الاسلامي الفلسطيني، وليس على حماس كعنوان سلطوي مسؤول، هو مثابة تغيير في السياسة حتى الان، وعمليا يحرر حماس من المسؤولية عن منع اعمال الارهاب من القطاع. واستغلت حماس الفرصة لتقف جانبا، بينما تعمل اسرائيل ظاهرا في خدمتها: اضعفت الجهاد الاسلامي والى جانب ذلك عادت وأكدت بانه اذا ما كانت حماس مشاركة في المواجهة، فان الاضرار ستكون اشد بكثير، وهكذا منحتها مجال مناورة واضح.
يكشف سلوك اسرائيل وحماس المصالح المتطابقة بينهما، ليس فقط في اضعاف الجهاد الاسلامي بل وايضا في تهيئة الظروف لتسوية تهدئة امنية بعيدة المدى مقابل تسهيلات واضحة في الاغلاق على القطاع. في المستىوى الفوري، للطرفين مصلحة في الانهاء السريع للجولة، من أجل الامتناع عن تورطات تلزم حماس بالانضمام الى المعركة.
في الجهاد يفهمون بانهم بقوا وحدهم في المعركة، وكلما استمرت، تبرز عزلتهم، فيتلقون مزيدا من الضربات. ولهذا ينشغل الجهاد باعداد “البوم نصر” عبر التباهي بحجم ومدى الرشقات، وبقدرته على تعطيل نصف اسرائيل. ومع ذلك، حتى لو انتهت الجولة الان، فان الجيش الاسرائيلي والجبهة الداخلية ملزمان بالابقاء على حالة التأهب والجاهزية العالية في حالة مبادرة الجهاد لهجمة صواريخ وحوامات على نحو مفاجيء.
في نظرة الى الامام، محظور علينا ان نشيح بنظرنا عن العناصر العميقة في ما يجري. فالجمهور الغزي يائس من الازمة المتواصلة، في ظل غياب افق ومستقبل. وهو لم يؤيد خطوات “المقاومة” للجهاد الاسلامي، مثلما لم يؤيد جلوس حماس على الجدار. في غزة ايضا، مثلما في اسرائيل، يعاني الاطفال من كوابيس في الليل بسبب الانفجارات، والناس ينشغلون في شؤون البقاء على الحياة. في ختام الجولة، حين يأتي هذا الختام، فانه يكون الوقت لاستنفاد الفرص لتحقيق تفاهمات مع حماس، التي تركز اليوم بقدر اكبر على التسوية مع اسرائيل واجراء انتخابات في السلطة الفلسطينية بل والمصالحة معها، مما تركز على مواجهة عسكرية مع اسرائيل.
من اجل الوصول الى تسوية ليست اسرائيل مطالبة بخطوة عسكرية واسعة النطاق لانزال حماس على ركبتيها، بل في معظم المسائل، باستثناء مسألة اعادة جثماني جنديينا والمواطنين، لن نصل الى شروط افضل للتسوية من تلك التي توافق عليها حماس اليوم. وبالتالي، لدى اسرائيل فرصة لترجمة النجاح العملياتي الى واقع استراتيجي افضل واكثر استقرارا.