ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم الداد باك – الربح كله لايران ….!

اسرائيل اليوم– بقلم  الداد باك – 20/8/2021

” في الوقت الذي كان يبدو فيه أن نظام آيات الله الايراني يقف امام احدى ساعات اختباره الوجودية الاكثر جدية، اصبحت ايران الرابح الاكبر من الانسحاب الامريكي “.

في حزيران 2014، مع بداية انتشار داعش في العراق  قال لي بيأس كبير قائد كردي في جبهة القتال: “يمكن سحقهم في غضون اسبوعين، ولكن لا توجد لاحد مصلحة بعمل ذلك”. وعندما فصل قائمة كل الاطراف الذين ارادوا تعزيز قوة داعش كانت الولايات المتحدة اكثرهم بعثا على الدهشة. 

“ادارة اوباما ارادت تعزيز الانطباع بان ايران هي جهة معتدلة في الشرق الاوسط”، شرح لي القائد الكردي، “الامريكيون يريدون التقرب من ايران وان تتمكن من عرض نفسها كشريك في مكافحة الارهاب السُني. وسيكون لواشنطن مبرر لعرض طهران كجهة يمكن ومرغوب فيه الحديث معها”. بعد سنة من ذلك وقع الاتفاق النووي مع ايران. 

فهل الادارة الديمقراطية الحالية قررت هي الاخرى ترك افغانستان لمصيرها في ايدي عصابات المتطرفين الاسلاميين السُنة، الطالبان، كي يكون ممكنا مرة اخرى عرض ايران كجهة يمكن التعويل عليها في صراع مشترك ضد “الارهاب المتطرف”؟ هل جاء الانسحاب الامريكي لشق الطريق لاستئناف الاتفاق النووي؟ والاخطر من هذا: هل نظام طالبان في افغانستان سيعزز الحجة الايرانية في ان طهران ملزمة بان تسلح نفسها نوويا في وجه التهديدات الامنية حولها؟

في محاولة للتقليل من شدة صور الانسحاب الفوضوي من كابول، شرح بايدن بانه حتى لو بقي جنود الولايات المتحدة في افغانستان لما تغير الوضع هناك. صحيح أن بايدن ورث عن ترامب “اتفاق سلام” مع طالبان والذي منحه الاطار لسحب القوات (رغم ان طالبان لم تحترم معظم بنود الاتفاق من لحظة التوقيع عليه) ولكن بالضرورة يثور السؤال المقلق: لماذا اصرت الادارة الامريكية على تنفيذ الانسحاب بالذات الان وبهذا الشكل المحرج؟ باي شكل  يخدم “الخروج اللبناني”  من كابول المصالح الامريكية في الساحة الدولية؟ 

بالنسبة لطهران هذه هدية من السماء في توقيت رائع: صور قوات الجيش الاسرائيلي تفر مهزومة من دولة اسلامية هي حافز رائع لسياسة الانتشار الايرانية، حتى لو كانت عودة طالبان الى الحكم في افغانستان قد تعزز المحور المناهض لايران في الشرق الاوسط الواسع. ففي الاجمال طالبان هي قوة سنية متطرفة دعمتها في الماضي اتحاد الامارات والسعودية، واليوم، مع ابتعاد الامارات والسعودية عن قوى التطرف الاسلامية، فان العراب الاساس لطالبان هو امارة قطر، من العواميد الفقرية للاخوان المسلمين والحليف لايران. 

ولكن في الشرق الاوسط تتغير المصالح بسرعة مثل رمال صحرائه المتحركة. الايرانيون، كما هو دوما، وبخلاف تام مع الامريكيين، يعرفون كيف يخرجوا الكستناء من النار في الوقت المناسب: بعد الهجوم الارهابي في ايلول 2001 التقى الايرانيون سريا مع الامريكيين ونقلوا لهم معلومات استخبارية عن طالبان. ارادوا في حينه سقوطها. وفي السنوات الاخيرة طلب الايرانيون من طالبان ضرب اهداف امريكية في افغانستان. اما هذه المرة فقد ارادوا تسريع الانسحاب الامريكي من الدولة المجاورة. والان يستعد الايرانيون لاستخدام طالبان لاغراضهم، وبالاساس باقناع الغرب بانه في ضوء التهديد المتجدد في افغانستان، فان طهران هي حليف يجدر الحديث معه وتوثيق الارتباطات به.

من غير المستبعد ان يكون الانسحاب من افغانستان هو جزء من خطة تقر الادارة الديمقراطية من ايران. فالمفاوضات في فيينا على استئناف الاتفاق النووي علقت قبل انتخاب الرئيس الايراني الجديد رئيسي. والغرب هو الذي يتعين عليه أن يتنازل، وحيال التغيير الجغرافي الاستراتيجي الذي وقع هذا الاسبوع في افغانستان سيكون اسهل تبرير وشرح تلطيف حدة المواقف وقبول الاملاءات الايرانية. وكما اسلفنا ايضا بالنسبة للاوروبيين الذين يخافون من اغراق قارتهم باللاجئين. واقامت ايران منذ الان (منطقة فصل) قرب الحدود مع افغانستان لاستيعاب اللاجئين. واوروبا سيسرها ان تدفع للايرانيين ثمنا عاليا للغاية كي يبقى هؤلاء في نطاقها. وبالذات في الوقت الذي كان يبدو فيه أن نظام آيات الله الايراني يقف امام احدى ساعات اختباره الوجودية الاكثر جدية، اصبحت ايران الرابح الاكبر من الانسحاب الامريكي.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى