اسرائيل اليوم– بقلم البروفيسور ابراهام بن تسفي – سلوك بايدن يعرض اتفاقات ابراهيم للخطر
اسرائيل اليوم– بقلم البروفيسور ابراهام بن تسفي – 7/2/2021
” عندما يدير السيد الأمريكي الظهر للاعب مركزي في العملية كلها (أي السعودية) وفي نفس الوقت يطلق رسالة مصالحة ضمنية مع عدو الرياض اللدود، فان ضباب انعدام اليقين والشك في كل ما يتعلق بمكانة ودور القوة العظمى الامريكية في كل الجبهة هو محتم ويجب أن يبعث على القلق في القدس أيضا “.
مشاهدة خطاب الرئيس الجديد جو بايدن يوم الخميس، والذي اطلق فيه رسميا عقيدته في السياسة الخارجية تدل على ثورة حقيقية من ناحية الاهداف وسلم الاولويات لدى الادارة الجديدة، من شأنها ان تؤثر على مسيرة السلام الاقليمية، وكذا على اسرائيل بشكل مباشر.
اولا، في كل ما يتعلق بساحة الخليج، ولكن ايضا بكل ما تبقى من اطر اخرى عني بها بايدن في خطابه، برز تطلعه لان ينقطع، بشكل فوري وجارف عن السياسة العالمية والاقليمية لدونالد ترامب. هكذا مثلا، اقام الرئيس الـ 45 سلوكه في الساحة على التوريد المتواصل للاسلحة المتطورة للسعودية، بهدف منحها شبكة امام صلبة ووسائل دفاع وردع للتحدي الايراني، وفي نفس الوقت السماح لها بممارسة ضغط عسكري متواصل على الثوار الحوثيين في اليمن، القريبين من طاولة طهران والمؤتمرين بإمرتها.
اضافة الى ذلك تستهدف سياسة توريد السلاح الى الرياض ان تشكل حافزا للنظام السعودي ليقدم الدعم للمسيرة السلمية الاقليمية، وذلك على امل ان تعطي لاحقا مباركتها ورعايتها لاتفاقات ابراهيم كشريك كامل. وذات الامر ينطبق ايضا بالنسبة لاتحاد الامارات، التي اجتازت منذ وقت قصير الروبيكون ووقعت على اتفاق سلام مع اسرائيل. إذ انه مثلما في المستوى السعودي ففي ساحة الامارات ايضا ادت ادارة ترامب دور “الوسيط المثيب”.
وها هو في الجبهتين معا قررت ادارة بايدن – وجد الامر تعبيرا واضحا في الخطاب – تنفيذ التفافة حدوة حصان مفاجئة والتجميد الفوري لكل صفقات السلاح (الهجومي) مع السعودية ومع اتحاد الامارات، بما في ذلك ايضا صفقة الـ F35 التي شكلت مدماكا مركزيا في قرار الاتحاد دخول السلام الحار مع إسرائيل.
وذلك، ظاهرا، بهدف معلن لوقف تيار المساعدة العسكرية واللوجستية للتحالف الذي يقاتل في اليمن بقيادة السعودية وادى عمله الى المس الشديد والمتواصل للسكان المدنيين. ومع ذلك، وتحت هذا الغطاء الأخلاقي، الذي يعكس بإخلاص مزعوم امنية بايدن إقامة سياسته الخارجية على أساس قيمي أخلاقي صافٍ ليس صعبا علينا ان نشخص جملة الاعتبارات الاستراتيجية الصرفة التي في مركزها تقف الرغبة في توجيه رسالة نوايا لإيران.
بتعبير آخر، فان تجميد المساعدة للحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في الخليج والذين يكافحون التحدي الإيراني، يشكل إشارة واضحة لطهران عن نية الإدارة استبدال سوط الردع، الانفاذ والمساعدة للحرب ضد مرعيي ايران في اليمن، بادوات ووسائل اكثر تصالحا بكثير، مأخوذة من صندوق أدوات “دبلوماسية القوة الرقيقة”. ان خطوات التجميد هذه بالذات تجاه الشركاء التقليديين في الطريق يفترض بها إذن ان تبني الثقة في طهران، وهكذا تشق الطريق لاستئناف المفاوضات في مسألة النووي والانضمام الأمريكي المتجدد لـ “اتفاق فيينا”. على هذه الخلفية يطرح السؤال ما هي آثار هذه السياسة على السلوك المستقبلي لكل حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين. ومع أنه من السابق لاوانه التقدير الصارم لما سيحصل في محيط دينامي مركب كهذا، ثمة مجال للافتراض بان الجهد الأمريكي لتخفيف فوري للتوتر مع النظام في طهران، سيمس مسا شديدا باساس اتفاقات إبراهيم وفي نفس الوقت سيوقف مسيرة توسعها وانتقالها الى مناطق أخرى.
إذ انه عندما يدير السيد الأمريكي الظهر للاعب مركزي في العملية كلها (أي السعودية) وفي نفس الوقت يطلق رسالة مصالحة ضمنية مع عدو الرياض اللدود، فان ضباب انعدام اليقين والشك في كل ما يتعلق بمكانة ودور القوة العظمى الامريكية في كل الجبهة هو محتم ويجب أن يبعث على القلق في القدس أيضا.
وذلك أيضا في ضوء حقيقة المقياس المزدوج الذي يكشف عنه سلوك الرئيس منذ الأيام الأولى لحكمه. ففي نفس الوقت الذي تعاقب فيه السعودية والامارات بشكل فوري على نشاطهما في الجبهة في اليمن، غاب عن خطاب بايدن تنديد واضح وعالٍ لسلوك ايران، سواء بالنسبة لمساعيها المتسارعة على المستوى النووي ام في مستوى مؤامراتها المتواصلة في كل المنطقة.
الأيام ستقول اذا كنا بالفعل، على الأقل، في السياق الإيراني، في بداية رحلة في نفق الزمن للعودة الى عهد باراك أوباما في البيت الأبيض، والذي كان في بايدن نائبه المخلص على مدى ثماني سنوات.