ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم أشير كوهن – بين القائمة المشتركة والقومية المشتركة

اسرائيل اليوم– بقلم  أشير كوهن ، بروفيسور، رئيس مدرسة الاعلام في جامعة بار ايلان  – 9/3/2020

خلاصة الصهيونية تعبر عن نفسها بمبدأ أن الشعب اليهودي فقط يعبر عن تقرير مصيره في اسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي. والمعارضة لهذا المبدأ مسموح بها بالتأكيد في اطار حرية التعبير والتنظيم  السياسي،  كما هو دارج في الديمقراطية “.

في إطار المعركة على الوعي قبيل امكانية تشكيل حكومة  أقلية  تصعد في اليسار حجة أنه لا يوجد فرق بين اقامة حكومة مع اصوليين وبين اقامتها بدعم من القائمة المشتركة. إذ ان القاسم المشترك بين الاثنين هو كونهما مناهضين للصهيونية. تشهد هذه الحجة كالف شاهد على مكانة الصهيونية كمبدأ أعلى وكخلاصة لوجود اسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي. والحجة على سبيل الاستبعاد في أن المعسكر القومي ايضا يعتمد على عناصر غير صهيونية لغرض تبرير الشراكة مع القائمة المشتركة، تعترف بشكل غير مباشر بان  هذه خطوة غير جديرة على المستوى المبدئي. غير أنه اذا كان مسموحا للمعسكر القومي الخروج عن المبدأ الصهيوني والاعتماد على الاصوليين، فانه مسموح لليسار ايضا ان يعتمد على القائمة المشتركة. ان المقارنة التي تضع المعارضة للصهيونية من جانب الاصوليين والعرب على ذات المستوى وذات الصلة هي مقارنة بائسة،  ضحلة وسخيفة. بالفعل، فان الغالبية الحاسمة من الزعامة الاصولية ادارت حتى اقامة الدولة صراعا حادا ضد الصهيونية كفكرة وكحركة في أوساط اليهود. فقد تشكلت اغودات يسرائيل في 1912  كتنظيم لجماعات وتيارات صهيونية، القاسم المشترك بينها كانت المعارضة للصهيونية. ومع السنين بقيت هذه المعارضة على المستوى المبدئي الرمزي ولكنها انطفأت على المستوى العملي.  

ولكن حتى في ذروة الصراع التاريخي طويل السنين وكان واضحا أن هذا خلاف وصراعات تجري بين حركات في داخل الشعب اليهودي. فوجود الطوق القومي كان واضحا، حتى وان كان معنى القومية خاضعا لخلاف حاد وعميق. بكلمات اخرى: اليهود، كشعب الانتماء اليه واضح، اداروا فيما بينهم صراعا داخليا على مزايا الهوية اليهودية، وعلى السبل المناسبة للشعب اليهودي. فقد تبنى الاصوليون مبدأ ان “ليست امتنا امة الا بتوراتها”، بمعنى أن مركز الهوية اليهودية الحصري هو في الولاء للتوراة والفقه بمفهومهما الارثوكسي. اما الصهاينة،  بالمقابل، متدينين وعلمانيين على حد سواء، فقد تبنوا القومية بمفهومها الحديث، أي بالحق وبالتحقق  لتقرير  مصير الشعب اليهودي في  وطنه.  

شيء من كل هذا غير ذي صلة بالقائمة المشتركة. فمندوبوها يشككون  بالمبدأ الاساس لحق تقرير المصير للشعب اليهودي. وهم المعارضون الاشد للاعتراف باسرائيل كدولة قومية يهودية حتى في اطار تسوية محتملة مع الفلسطينيين. وهم يرفضون مبدأ “دولتين للشعبين”.  من  ناحيتهم المقصود دولة ونصف  للشعب الفلسطيني، ونصف دولة للشعب اليهودي في اطار اسرائيل كدولة كل مواطنيها. بعضهم يؤمنون  بان اليهود ليسوا قومية، بل دين فقط، ومن هنا رفض حقهم  في  تقرير  المصير. هذه المبادىء الاساس تترجم الى انماط عمل متلائمة: الانضمام الى جملة اعمال مضادة لدولة اسرائيل في منظمات دولية، احيانا لدرجة تأييد الـ BDS؛ التشهير باسرائيل بكل فرصة؛  التأييد لملاحقة ضباط كبار في لاهاي؛  اعلان التأييد والعطف للمخربين  وما شابه.

ان رفض الشراكة مع المشتركة ليس عنصريا كما يحاولون الادعاء. فما كان لاحد ان يرفض الشراكة مع القائمة المشتركة فقط بسبب كون اعضاؤها عربا، لو أنهم بالفعل  كانوا يشبهون في اساليب عملهم الاصوليين. الاصوليون، مع كل معارضتهم المبدئية للصهيونية سلموا بها منذ زمن بعيد على المستوى العملي ويتبنون الحفظ  الاجتماعي، الثقافي والديني للمجتمع الاصولي في اطار اسرائيل كدولة قومية يهودية التي يعارضون معظم انماطها وقيمها. اما مندوبو القائمة المشتركة، بالمقابل،  فيذكرون المرة تلوالاخرى كم هم يتمنون الغاء  اسرائيل  كالدولة القومية للشعب اليهودي.

اسرائيل هي دولة 100 في المئة من مواطنيها، والـ 100 في المئة يستحقون التمتع بثمارها بشكل عام  وبالديمقراطية بشكل خاص. ولكنها الدولة القومية لـ 80 في المئة من مواطنيها فقط وهي ليست الدولة القومية لـ 20 في المئة ممن لا ينتمون للقومية  اليهودية. وليس  الاصوليون فقط هم جزء من الاغلبية القومية بل انهم لا  ينتظمون، مثل القائمة المشتركة، حول المبدأ الاساس لالغاء دولة اسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي.

ان خلاصة الصهيونية تعبر عن نفسها بمبدأ أن الشعب اليهودي فقط يعبر عن تقرير مصيره في اسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي. والمعارضة لهذا المبدأ مسموح بها بالتأكيد في اطار حرية التعبير والتنظيم  السياسي،  كما هو دارج في الديمقراطية. اما خلق اغلبية ائتلافية تعتمد على القائمة  المشتركة فمعناه الاعتماد على جهة سياسية ترفض من الاساس خلاصة وجود اسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى