اسرائيل اليوم / اليسار والمقاطعة : مغازلة خطيرة

اسرائيل اليوم – بقلم ايتان اوركيفي – 13/6/2018
رد فعل كثيرين من اليسار على الغاء المباراة الودية بين اسرائيل والارجنتين لم يكن مفاجئا على نحو خاص. فالفرحة والشماتة على وزيرة المالية كانتا متوقعتين. فلا بد ان خصومها ومنتقديها خاب ظنهم جدا من الغاء الاحتفال الوطني، اذا كنا سنصدقهم، ولكنهم وجدوا المواساة في “الهدف الذاتي” الذي سجلته ميري ريغف، “المغرورة والمعتدة بنفسها”.
ومع ذلك، فان السهولة والسرعة اللتين استوعبت بهما الاجندة اللتين باسمهما، ظاهرا، الغيت المباراة، كانتا مفأجتين بعض الشيء. فأحد لم يشكك بتعريف القدس بانها “موضع خلاف”؛ احد لم يقلل من اهمية ان المطالبة الاسرائيلية باستضافة مناسبات دولة في العاصمة هي مثابة “استفزاز”، ان لم تكن “وقاحة” و “تحد” وبالطبع “عصا في دواليب المسيرة السلمية”. مفهوم ان في اساسها الفكري هذا، اسرائيل مذنبة بالضربة التي وقعت عليها؛ فهي، الاستفزازية، جديرة بالعقاب.
مفاجيء أكثر الاكتشاف بان قادة الرأي في اليسار اعربوا عن الرضا من الغاء المباراة، لان مثل هذا الاستنكار الدولي سيوقظ الاسرائيليين من عدم اكتراثهم ويجبرهم على أن ينظروا بشكل صحيح الى الواقع البشع والمنفي الذي خلف الخط الاخضر. ففي تطلعنا لان نكون طبيعيين وان نشعر مثلما في اوروبا، سنتخلى بسرعة عن تطلعنا المريض لـ “الاحتلال”، و “الابرتهايد”، مقابل طيبات الحياة في “حضن الشعوب”.
الاغراء مفهوم: فالامل الذي يحدث فيه مصدر خارجي في الرأي العام المحلي الانعطافة التي لم تحققها عشرين سنة دعاية للسلام، هو أمل جارف. فها هو توفر الابتكار لتجاوز الرأي العام ونتائج الانتخابات من اليسار: سنفرض على اسرائيل انسحابا اقليميا بضغط الامم. هذا سيؤلم، الاسرائيليون سيثورون، ولكن عندما يأتي ميسي – سيشكروننا.
من الغني ان نتساءل كيف تخرج مثل هذه المواقف من الجناح السياسي الذي يطيب له أن يسمي نفسه “المعسكر الديمقراطي”. فاليأس مستشار سيء. ولكن المغازلة التي يقوم بها اليسار للمقاطعة خطيرة جدا. لان من يتكبد عناء الاستماع للناطقين بلسان المقاطعة وقراءة ما يكتبونه، سرعان ما يتبين له بان الحركة ترى في “انهاء الاحتلال” خطوة اولى، ستأتي بعدها المطالبة لتحقيق مطلب العودة لكل أجزاء الوطن، وفي النهاية الغاء الطابع اليهودي لدولة اسرائيل. من يركب قطار المقاطعة يفضل ان يعرف الى اين يتجه. فلا يمكن اعطاؤه دفعة وبعدها النزول في منتصف الطريق، فهو سيواصل الاندفاع بدونكم ايضا، ايها الاغبياء!
هذه المغازلة خطيرة وذلك ايضا لانها سائبة وعديمة المسؤولية: فهل يمكن للمتمنين بالمقاطعة أن يضمنوا على الاطلاق الا يتضمن رد فعل الشارع الفلسطيني على انسحاب اسرائيلي تحت ضغط دولي صليات صواريخ وطائرات حارقة على الشارون والساحل، وهجوم عنيف على الحدود؟ هل هم قادرون على أن يتعهدوا باسم الفلسطينيين بانهاء المطالب والاعتراف باسرائيل؟ واضح أن لا. منطقي اكثر ان يرفع نجاح المقاطعة مستوى المطالب الفلسطينية حيال اسرائيل المرضوضة والمهزومة. باسم من ونيابة عن من يناشد إذن اليسار العالم لمقاطعتنا؟
فوق كل شيء تعبر “آمال المقاطعة” عن استخفاف عميق وفظ بمواطني اسرائيل. فهل يعتقدون في اليسار بان الاسرائيليين عديمي الذاكرة والوعي التاريخي؟ ماذا، فهل من اجل مباريات كرة قدم أو عرض لمغنية سيوافق الاسرائيليون على أن يخاطروا من جديد بلظى الباصات المفحمة والمطاعم المفجرة؟ ام من اجل ايروفزيون او حفلة ننسى القدس؟ حين يكون هذا مستوى الخطاب فلا غرو ان اللسان يلتصق بالحلق.