اسرائيل اليوم: الوضع الاقتصادي المتفاقم لدى الفلسطينيين قد يؤدي الى تصعيد

اسرائيل اليوم 26/12/2024، داني زاكن: الوضع الاقتصادي المتفاقم لدى الفلسطينيين قد يؤدي الى تصعيد
لماذا حقا لم يعيدوا العمال الفلسطينيين من الضفة للعمل في إسرائيل رغم التداعيات الاقتصادية ثقيلة الوزن؟ بالنسبة لحاييم بيباس رئيس بلدية موديعين ورئيس مركز الحكم المحلي، يوجد جواب – الاعتبارات السياسية للحكومة، او للدقة أجزاء منها، تمنع ذلك.
يتهم بيباس في ذلك رئيس الصهيونية الدينية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. كيف يستوي انه خلف الخط الأخضر في مستوطنات الضفة أقروا إعادة العمال، وممثلهم في الحكومة لا يقول شيئا، لكنه يمنع بجسده عودة العمال الى داخل الخط الأخضر؟ “هناك لا يوجد خوف امني؟ ربما يريدون ان يبنوا اكثر في المستوطنات وليس داخل الخط الأخضر”، يتساءل بيباس وربما حتى يقرر.
فور نشوب الحرب وعدت الحكومة بجلب 150 الف عامل اجنبي، لكن هذا لم يحصل. حسب معطيات مركز الحكم المحلي والمقاولين يوجد ابطاء 50 في المئة في مستويات البناء وفي تسليم المباني العامة مع التشديد على مؤسسات التعليم. “في هذه اللحظة كلهم نائمون – وزارة المالية، الإسكان، التعليم. قبل أيلول بقليل سيستيقظون، والنتيجة – عشرات الاف الأولاد سيتعلمون في السنة القادمة في الكرافانات”، يحذر بيباس. على حد قوله، السلطات المحلية يصعب عليها تمويل كلفة البناء التي ازدادت بنحو 40 في المئة، ضمن أمور أخرى لان كلفة العامل الأجنبي تصل الى ضعف كلفة العامل الفلسطيني. إضافة الى ذلك، فان الدولة تخسر عشرات مليارات الشواكل من مداخيل الضرائب وتسويق الأراضي للبناء بسبب الجمود في الفرع.
وماذا بشأن الامن أو إحساس الامن بعد 7 أكتوبر؟ بيباس يعرض خطة مفصلة لجلب عمال فلسطينيين مع تصريح عمل – ممن فحصهم الشباك. في الخطة يشير الى تسفيرات مركزة الى مواقع بناء محددة، دوريات امن تراقب ومسؤولية زائدة من المقاولين على العمال. ويذكر بحثا اظهر انه على مدى 20 سنة عدد العمليات التي نفذها عمال مع تصاريح عمل كان هامشيا. في جهاز الامن يعطون لبيباس ولخطته اسنادا مع التشديد على الاشراف والرقابة المتشددين على الداخلين، المتابعة لارباب العمل واغلاق دائرة على عودتهم الى المنطقة. إضافة الى ذلك، الرقابة على ارباب العمل الذين يبيتون ويسفرون. وهم يقترحون تغييرا للمعايير لاجل تقليص الاحتمال للانخراط في الإرهاب (العمر، المزايا العائلية وغيرها).
ثمن مضاعف
كما اسلفنا، اصبح الاتهام يوجه أساسا الى وزير المالية سموتريتش الذي يرفض إعادة الفلسطينيين الى العمل في إسرائيل. على حد قوله يدور الحديث عن قوة خطيرة تذكر بالمفهوم المغلوط لدى محافل الامن التي كانت مع ادخال عمال فلسطينيين من قطاع غزة وإعطاء تسهيلات اقتصادية. في بيان نشره أول امس جاء انه يعمل على تخفيض كلفة العاملين الأجانب كي يسرع الاعمال في فرغ البناء. “لم اعد مستعدا للتجاهل والعودة الى الدخول المكثف للفلسطينيين الى إسرائيل. هذا ليس صحيحا امنيا، قوميا واقتصاديا. آليات بناء جديدة يجب ان تدخل، لكن الإدمان على الرخيص والمعروف ليس حلا، وبالتأكيد حين يحوم التهديد الأمني”. في محيطه يشددون- لن نعود الى مفهوم “الهدوء مقابل الهدوء”، طريقة “سيكون على ما يرام”. كما يقولون هناك ان سموتريتش عارض أيضا عودة العمال الى المستوطنات – لكن الصلاحيات هناك هي في يد قائد المنطقة الوسطى الذي اقر الخطوة.
في جهاز الامن يختلفون مع سموتريتش، ويشيرون الى أنه بسبب هذه السياسة تصاعدت ظاهرة دخول الماكثين غير القانونيين الى نحو 40 – 50 الف في اليوم. خط التماس فالت الان تماما. لكن “اذا اعدنا العمال ستكون لنا رقابة على الداخلين وعلى دخول الماكثين غير القانونيين، الذين لا توجد عليهم أي رقابة”، يقول مصدر أمني كبير.
وحسب المصدر إياه، فان “ما لم ينجح في قطاع غزة ينجح حاليا على الأقل في الضفة. في القطاع فشلنا في الفهم بان المواجهة هي مع نظام إسلامي لحماس عمل كل الوقت على خطة الاجتياح وزعيم نجح في خداعنا وخداع جهات أخرى في المنطقة. في الضفة الوضع مختلف. نحن في المنطقة ونعرف كيف نحبط معظم العمليات”.
وكيف يرتبط هذا بالجانب الاقتصادي؟ “انتبه لما يحصل في الضفة منذ 7 أكتوبر. لقد أمل السنوار في أن تكون هذه واحدة من الجبهات التي تعمل ضد إسرائيل. لكن الجمهور الفلسطيني ليس هناك. من ينفذون العمليات هم مخربو الجهاد وحماس وكذا خلايا من متطرفي فتح، في طولكرم أساسا. اعمال اخلال بالنظام قليلة وعلى نطاقات ضيقة. لكننا نخشى من ان يؤدي الوضع الاقتصادي المتفاقم الى تصعيد”. على حد قوله، فانه بدون استقرار وامن اقتصادي يكون “اسهل” تحريض الناس على الانشغال بالإرهاب، لان المال والسلاح في هذه العوالم يمكن الوصول اليها بسهولة في مناطق الضفة. من هنا الخوف الحقيقي.
البطالة تؤدي الى التصعيد؟ المعنى العملي لهذه السياسة هو انتاج السلطة الفلسطينية. حسب تقرير البنك الدولي فان هذا الإنتاج هبط في الضفة بأكثر من 23 في المئة في النصف الأول من العام 2024 (وفي القطاع بـ 86 في المئة). الاجر في القطاع العام في السلطة انخفض بما لا يقل عن 60 في المئة بسبب العجز الهائل، والسلطة اضطرت لان تقترض المال من الأسواق المالية كي تدفع الرواتب وتمول عملهم.
ان وقف تشغيل قرابة 100 الف عامل في إسرائيل، معظمهم في فرع البناء بعد بدء الحرب هو سبب أساس للازمة. هؤلاء العمال ادخلوا قبل الحرب الى الاقتصاد الفلسطيني أجرا بمقدار نصف مليار شيكل في الشهر، مال حرك الاقتصاد وبعضه انتقل بالضرائب الى ميزانية السلطة. معدل البطالة المقدر الان في الضفة يقترب من 40 في المئة مقابل 17 في المئة في النصف الأول من العام 2023.
الفلسطينيون ليسوا المتضررين الوحيدين من ذلك. فحسب تقرير بنك إسرائيل تضرر الاقتصاد الإسرائيلي بعشرات مليارات الشواكل بسبب غياب العمال الفلسطينيين والشلل في فرع البناء والبنى التحتية. وجاء في التقرير أن وقف عمل الفلسطينيين أدى الى “مس خطير على نحو خاص في فرع الزراعة وفرع البناء، حيث يشكل الفلسطينيون نحو ثلث اجمال العالمين واغلبية العاملين في “الاعمال الرطبة””. ولم يؤدِ عمل الحكومة للتغطية على النقص الى نتائج، ويقضي بنك إسرائيل بانه “… لا يوجد حل واسع النطاق للنقص في العمال في فرعي البناء والزراعة غير العمال الفلسطينيين.
رغم المعارضة الشديدة من جانب سموتريتش والضرر الاقتصادي المتراكم من غير المتوقع للسياسة تجاه العمال الفلسطينيين أن تتغير قريبا. لكن في جهاز الا من يقدرون بان التغيير كفيل بالذات ان يأتي بعد دخول ترامب الى منصبه، ربما كجزء الى الطريق للوصول الى صفقة إقليمية شاملة، تلك التي حظيت منذ الان بلقب “الصفقة الكبرى”.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook