اسرائيل اليوم – السعودية ولبنان: اطفئوا النار الان
اسرائيل اليوم– بقلم اسحق ليفنانون – 1/11/2021
” لبنان هام لاستقرار المنطقة بقدر لا يقل عن ليبيا او سوريا. وواشنطن ملزمة بان تجمع اصدقاءها في المنطقة وان تبلور خطة عمل كي ينتقل لبنان الى وضع من الحيادية بعيدا عن النزاعات الاقليمية “.
يتصاعد التوتر بين لبنان وبين دول الخليج الفارسي وعلى رأسها السعودية بسرعة غير مرتقبة. وخلفية ذلك هي التصريحات المسيئة لوزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي والتي جاء فيها ان الحوثيين في اليمن، المدعومين من ايران يدافعون في واقع الامر عن انفسهم في وجه عدوان السعودية والامارات.
وعلى الرغم من أن هذه التصريحات سجلت في “الجزيرة” قبل تعيينه وزيرا في الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نيقاتي الا انها بثت بعد تعيينه وأثارت غضبا سعوديا على ما اعتبركنكران للجميل من جانب لبنان. وكان رد السعودية حادا وغير متوازن ويدل على أن ازمتها حيال لبنان اكبر بكثير من مجرد الرد على تصريحات الوزير.
ترى السعودية أصل مشاكل لبنان في حزب الله، الذي يدمر كل جانب طيب. وفي رد مفاجيء على التصريحات طرد السعوديون السفير اللبناني، استدعوا سفيرهم في لبنان الى التشاور واوقفوا كل استيراد من بلاد الارز. وسارت البحرين، الكويت والامارات في اعقابها واستدعت هي ايضا سفرائها في لبنان للعودة الى التشاور. هذه خطوة احتجاجية تقف عاليا في مدرج الردود الاحتجاجية في العالم الدبلوماسي. اضافة الى ذلك، فان وقف الاستيراد من لبنان هو ضربة حقيقية ستشعر بها كل طبقات الشعب اللبناني.
لقد ضربت السعودية بلا رحمة، إذ شعرت بالخيانة من دولة دعمتها دوما وساعدتها على اعادة البناء السياسي والاقتصادي. ولكنها شعرت اكثر من اي شيء آخر بالاهانة التي وجهها لها الوزير اللبناني. لقد أثرت الردود الحادة من جانب دول الخليج بشكل مباشر على الجماعات الطائفية في لبنان والتي ردت بغضب على اقوال الوزير قرداحي وطالبت باستقالته الفورية.
مجموعة رؤساء الوزراء السابقين – وهو جسم كله سُنة وذو تأثير سياسي لا بأس به في الساحة اللبنانية الداخلية المعارضة لحزب الله – نشرت بيانا وبموجبه مس قردحاي بعلاقات لبنان مع العالم العربي وان عليه أن يرحل. رئيس الوزراء الاسبق، سعد الحريري، صرح بغضب ظاهر بان لبنان يعيش في جحيم بسبب الاجندة الايرانية وبسبب حزب الله. ودعا الزعيم الدرزي جنبلاط رئيس الوزراء نيقاتي لان يقيل قرداحي والا ينتظر استقالته.
يرفض قرداحي حاليا الاستقالة. فهو يعتبر ايقونة في عالم الاعلام العربي، ويحتمل أنه لهذا السبب يشعر انه محصن في وجه المطالبات بتنحيته. توجد امكانية في أنه اذا ما نحي، ستسقط حكومة نيقاتي وستدخل بيروت بدوامة سياسية لم تخرج منها الا لتوها.
ان القوى الكفيلة بان تقود نحو حل الازمة، مثل الرئيس، رئيس الوزراء والمعسكر المسيحي، تحافظ حاليا على البقاء في الظل بشكل غير مفسر. فضلا عن ذلك، يوجد احساس بان الولايات المتحدة ترد بشكل فاتر على غضب السعودية وتكتفي بفرض عقوبات على شخصيات لبنانية ترتبط بحزب الله.
تفهم ايران بانه لم تقم في لبنان بعدقوة سياسية متماسكة وقوية بما يكفي كي تتمكن من ايقاف تطلعاتها الطموحة هناك. حتى لو استقال قرداحي يبدو أن السحابة من فوق رأس لبنان لن تنقشع بسرعة، لان السعودية ودول الخليج تقاتل من اجل تغيير راديكالي في لبنان يؤدي الى وقف التدخل الايراني ومنه الى لجم حزب الله.
سطحيا يبدو أن الولايات المتحدة ضائعة في المتاهة الشرق اوسطية، فبينما تقاتل ليبيا في سبيل مستقبلها وامريكا ليست في الصورة حقا، وفي المسألة الفلسطينية ايضا ليس للبيت الابيض اجندة حقيقية او خطة عمل حقيقية. في سوريا الحل للحرب لا يبدو في الافق والتردد الامريكي يستغله اعداؤها بنجاعة.
لبنان هام لاستقرار المنطقة بقدر لا يقل عن ليبيا او سوريا. وواشنطن ملزمة بان تجمع اصدقاءها في المنطقة وان تبلور خطة عمل كي ينتقل لبنان الى وضع من الحيادية بعيدا عن النزاعات الاقليمية.
وأمر آخر في اتجاه غير مرتقب، يحتاج الى غير قليل من الجسارة السياسية التي لعل اسرائيل ينبغي ان تفكر فيه: نيقاتي في ازمته طلب مساعدة دول المنطقة في حل الازمة مع السعودية. واضح أنه وجه اقواله للدول العربية، لكنهل يمكن لاسرائيل أن تساعد؟ فلها علاقات مع السعودية وهي معنية بلبنان مستقر. هناك حاجة فقط الى الجسارة.