ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم / الحلقة الضعيفة

اسرائيل اليوم – بقلم  ماتي توخفيلد  – 20/7/2018

في نهاية المطاف، بعد سنة – سنتين، خمس او حتى عشر سنوات، سيحتل الجيش الاسرائيلي على ما يبدو من جديد قطاع غزة. هذا التقدير البسيط يعرفه كل زعيم، عضو كابينت، كل ضابط وجندي يتجول في هذه الجبهة في السنوات الاخيرة. ليس بسبب نزعة المؤامرة او دافع قتالي هو الذي سيؤدي الى احتلال غزة، بل العكس تماما. هذا سيحصل رغم عدم الرغبة البارزة في عمل ذلك، وبعد كل الجهود للامتناع عن ذلك، وبعد أن تصطدم كل المساعي للامتناع عن ذلك، بكل ثمن تقريبا تماما، بالفشل المحتم.

ان التقديرات حول ما يوشك على أن يحصل قريبا في القطاع لا تزال محوطة بالغموض. اذا كان ثمة شيء واحد واضح وهو ان نتنياهو وليبرمان غير معنيين جدا بجولة اخرى. وكذا رئيس الاركان وقادة الجيش غير معنيين. جرف صامد واحد كان يكفي لهم. ومثلما في حينه، اليوم ايضا، صعب عليهم أن يصيغوا اهدافا واضحة ومحددة للشروع في مثل هذه المعركة. كان يمكن لاسقاط حماس ان يكون هدفا مناسبا، ولكن واضح جدا بان ليس لاي من اصحاب القرار نية بالسير في هذا الاتجاه في هذه اللحظة.

بخلاف ما قاله رئيس الاركان ايزنكوت، عن المشكلة الاخلاقية التي يجدها في قصف مطلقي البالونات والطائرات الورقية التخريبية، فان المشكلة الاخلاقية الحقيقية هي القرار بابقاء غزة على حالها. السماح لقادة منظمات الارهاب فيها ان يقرروا ان يكون لسكان البلدات اليهودية التي تحيط بها يوم اسود أم عادي، رعب أم هدوء، في الخارج أم في الملاجيء. هذه هي العلة الاخلاقية الاخطر التي تجري هنا منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع في  اطار اتفاق اوسلو (“غزة واريحا اولا”)، وتشهد اكثر من أي شيء آخر عن القيادة، بما فيها القيادة العسكرية، التي فقدت طريقها وضميرها.

في حالة أن يكون آيزنكوت قال بالفعل في جلسة الكابينت لنفتالي بينيت ان قصف المخربين الذين يطلقون البالونات المتفجرة، يتعارض وموقفي العملياتي والقيمي”، فهذا سير على ذات المسار الذي سار ع ليه اسلافه في المنصب، الذين ادخلوا روحا سيئة من الانهزامية وقصر القامة الى قيادة الجيش الاسرائيلي، في ظل تشويه سلم الاولويات واعوجاج فكري جعل الجنرالات فلاسفة ان لم نقل شعراء (خطاب شقائق النعمان)، بدلا من أن يؤدوا غايتهم وينتصروا على العدو.

يكشف التوتر في غزة نتنياهو في بطنه الطرية، في مكان حساس على نحو خاص، بالضبط في الوقت الذي تدور فيه رحى معركة جبابرة بينه وبين نفتالي بينيت على قيادة معسكر اليمين. في الاسابيع الاخيرة، حشد رئيس الوزراء جهودا كبيرة لسد طريق بينيت من أن ينفذ لليكود التفافا من اليمين. في اطار هذه المعركة جند قانون القومية بل وامتشقت آييلت شكيد كخيار مرشحة لليكود. ولكن الحلقة الضعيفة كانت ولا تزال غزة. فاجتهاد نتنياهو للامتناع عن عملية ذات مغزى هو الفرصة الكبرى التي انتظرها بينيت كي يرد الحرب صاع بصاع. واذا كان ممكنا ادخال ليبرمان الى ذات الرزمة – فلا يوجد افضل من ذلك.

دون الدخول في مسألة التسريب، لا شك ان الجدال بين بينيت ورئيس الاركان في الكابينت أفاد رئيس البيت اليهودي. فبخلاف التجربة، في المعارضة وكذا في قسم من الاعلام، فان عرض قول بينيت عن القصف من طائرة لمطلقي البالونات الحارقة الراشدين، كقول متطرف فان ما قاله يقع على آذان منصتة في معسكره – بل وخارجه. وبخلاف الرأي السائد في وسائل الاعلام، فان احتلال قطاع غزة ليس خطوة متطرفة بل في نظر الكثيرين أمر ضروري بالذات في ضوء الظروف. ليبرمان أيده، قبل لحظة من تحوله الى وزير دفاع.

ولكن الوضع في غزة يضع ليس فقط نتنياهو، ليبرمان ورئيس الاركان امام معضلة غير بسيطة، بل ويضع بينيت ايضا امامها. من جهة هجوم من اليمين ضروري الان؛ ومن الجهة الاخرى، محظور عليه أن يتخذ صورة المتآمر. في الجرف الصامد سار بينيت خطوة واحدة ابعد مما ينبغي وأثار معارضة لافعاله في داخل معسكره بل وحتى في داخل حزبه. في لحظة  الحقيقة، في الانتخابات، قسم كبير منهم هجره بالفعل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى