اريه الداد يكتب / على الجيش أن يضرب الإرهابيين ويوقفالحرائق، لا أن ينظر بخطورة
![](/wp-content/uploads/2018/06/0F9DA816-FA9C-470F-9310-3078AE78C18A-e1563281321210.jpeg)
معاريف الأسبوع – بقلم ارييه الداد – 17/7/2018
في نهاية الأسبوع، أطلق “مخربون” فلسطينيون حوالي 200 صاروخًاوقذيفة هاون باتجاه جنوب البلاد، أصيب أربعة أفراد من أسرة واحدة في“سديروت“، في المقابل استمرت الحرائق في حقول الجنوب باستخدامالطائرات الورقية والبالونات الحارقة. الجيش الإسرائيلي رد بقوة، وهاجم أبنيةفارغة كثيرة ومواقع، وأنهى اليوم دون أن يقتل ولو “مخربًا” واحدًا.
ولأنه لا يفترض بأن دقة قنابلنا الذكية تضررت أو أن مستوى طيارينا تدنى،علينا أن نفترض بأن الطيارين نفذوا بكل دقة الأوامر التي تلقوها من قادتهمبتوجيه مباشر من رئيس الحكومة ووزير الأمن بعدم التصعيد، بأي شكل منالأشكال عدم التصعيد. “مجهودات الوساطة” التي قامت بها مصر والأممالمتحدة آتت أكلها بطريقة ما، حيث وصف صباح الأحد بأنه صباح “اتفاقوقف إطلاق النار“، حماس كان لها تفسيرها الخاص للاتفاق؛ حسب فهمهمفإنه يُسمح لهم بمواصلة إحراق حقولنا.
عدد من المتحدثين الرسميين باسم الحكومة، وعلى رأسهم رئيسها، زعموا بأنحماس “فهمت الرسالة” وأنها “مردوعة” الآن، وزير المواصلات والاستخباراتيسرائيل كاتس أجرى لقاءً مع برنامج بن كاسبيت الاذاعي وبرنامجي فيراديو 103، يوم الأحد، وزعم بأنه “في هذه الجولة، وجهت إسرائيل إلىحماس ضربة قاضية، واعتقادهم بأن إسرائيل لن ترد على إرهاب الطائراتالورقية ثبت أنه خاطئ. لقد كانت هنا عملية دفعت حماس والجهاد الإسلاميثمنًا باهظًا“.
لو لم أكن أسمع الأخبار لاقتنعت أنا الآخر، في نشرات الأخبار وقبل اللقاءبلحظات معدودة قيل ان “الجيش الإسرائيلي أطلق النار باتجاه خلية مطلقيبالونات حارقة“، قطاع غزة ليس كبيرًا، لكنه حتى فيه “الاطلاق باتجاه“،يسمح للطيارين بـ “الاطلاق بجانب“، ويسمح لوزارة الصحة الفلسطينية فيغزة أن تبلغ بأن لم يكن هناك إصابات. الكابينت السياسي – الأمني وجه،يوم الأحد، الجيش الإسرائيلي بـ “مواصلة سياسة الرد على مطلقيالطائرات الورقية الإرهابية والبالونات الحارقة من قطاع غزة“، في الجيشالإسرائيلي يعرفون معنى “مواصلة“، بالعبرية الفصحى: القيام بما قمتم بهأمس وأول أمس، أطلقوا بجانب، أطلقوا باتجاه، أطلقوا “لتخيفوا“، لكن العربالذين يعرفون أهلية إطلاق طياري سلاح الجو يفهمون جيدًا أنه إذا لميصيبوا في المرة الأولى والثانية والثالثة؛ على ما يبدو فهم لا يريدون انيصيبوا.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قال بأن الجيش “ينظر بخطورة إلى إطلاقالطائرات الورقية والبالونات الحارقة، وسيواصل العمل بقوة متزايدة ضدمنفذي هذا الإرهاب“، بحياتك! الجيش لا يفترض “أن ينظر بخطورة“، منالمفترض أن يضرب “المخربين“، أن يوقف الحرائق. لم يُبلغ عن إصابات فيالهجمات.
نمط العمل هذا يعيدنا معًا إلى أيام الانتفاضة الثانية، مثلًا، في الرد علىهجوم “قبر يوسف” ترك رئيس الأركان الجنرال وقائد اللواء – ووفق توجيهوزير الأمن – مدحت يوسف ينزف حتى الموت طوال ساعات في “قبر يوسف“،واكتفوا بإطلاق نيران المروحيات على ملاعب فارغة بدلًا من إطلاقها علىالغوغائيين المشاغبين والمهاجمين لمبنى القبر. بعد الفعلة، قال المحللونوالمختصون النفسانيون ان قادة الأجهزة الأمنية “لم يغيروا القرص” ولميفهموا ان الحديث يدور عن حرب دموية، لقد حاولوا أن “يهضموها“.
“الهضم” أحد التعبيرات الممجوجة التي انطلقت من آلة غسيل كلماتنا فيالعقود الأخيرة، قبل 80 عامًا في أيام الحكم البريطاني سموا ذلك “ضبطالنفس“، لكن حينها كان البريطانيون في البلاد، كان هناك من تطلب منهالحفاظ على الأمن، واليوم رئيس الأركان – كما سارع الوزير كاتس لإلقاءالمسؤولية عليه – هو المسؤول عن أمننا، “هو المسؤول عن أوامر إطلاق النار” قال وكأن الحديث يدور عن إجراء اعتقال مشتبه به. وحتى وان كان المقصودمثل هذا الإجراء: الجندي الذي يرى “مخربًا” يلقي عليه زجاجة حارقة يجبأن يطلق النار عليه، فما الذي يستحقه بالذات أولئك الذين يطلقون الطائراتالورقية والبالونات الحارقة؟ 30 ألف دونم تم حرقها، أضرار بملايين كثيرةلحقت بالزراعة والسياحة؛ ورغم هذا كله يوجه الكابينت الجيش الإسرائيليإلى “الاستمرار بسياسة الرد“، بمعنى عدم إطلاق النار بهدف القتل ومنعالحرائق بالتالي. لستُ أعلم إذا ما كان رئيس الحكومة ووزراؤه يظنون أنهميمكن ان يخدعوا جميع الشعب وطوال الوقت، لا شك بأنهم واثقون من أنهميستطيعون خداع أتباعهم الأوفياء. إذًا، وخدمة لجمهور الأتباع: في يوم“وقف إطلاق النار” اندلعت ستة حرائق في الجنوب، منظومة القبة الحديديةنصبت في “غوش دان” وفي مناطق أخرى في جنوب البلاد، كما ان قواتالاحتياط استدعيت لزيادة ودعم الدفاع الجوي، حماس ماتت خوفًا أو أنهاماتت ضحكًا.