أقلام وأراء

ابراهيم دعيبس يكتب – هل نسير باتجاه دويلة في غزة ؟!

ابراهيم دعيبس – 8/12/2019

من المستغرب اننا لا نتوقف عن تكرار القول والمطالبة بحل الدولتين في حدود ١٩٦٧. لأننا جميعا نعرف ان حدود ١٩٦٧ قد انتهت عمليا بسبب الاستيطان الذي يخنق الضفة والتهويد الجنوني بالقدس سواء البلدة القديمة ومحيط المدينة المقدسة، والاحاديث المتكررة عن مخططات ضم الاغوار كلها، حيث المساحة الكبيرة وعدد السكان القليل، وهم حاليا يتحدثون عن استيطان في قلب الخليل ومستوطنة ضخمة في منطقة قلنديا بين القدس ورام الله والاطماع واضحة وصريحة لدى كل الاطراف الاسرائيلية من اليمين الى اليمين الاكثر تطرفا والى حد العنصرية المكشوفة.

مشكلة اسرائيل الوحيدة هي السكان ولولا الكثافة السكانية بالضفة لكانوا ضموها واعتبروها جزءا من ارض اسرائيل الكبرى.

وقد كانوا يتحدثون عن الخيار الاردني، اي ضم السكان الى الاردن ولكن الاردن اغلق الابواب وبدأوا يفكرون في خيار آخر، ويبدو انهم وجدوه من خلال قطاع غزة.

في غزة اقاموا المستشفى الاميركي، ويتحدثون عن تهدئة طويلة وتوقفت مسيرات العودة ولو مرحليا، ويذهب وفد من حماس الى القاهرة لبحث «آخر التطورات» بدون مشاركة من فتح او السلطة. عموما، واحاديث المصالحة توقفت نهائيا كما يبدو والعالم العربي مشغول بقضاياه الداخلية وتزداد مساعي التطبيع مع الاحتلال وتزور وفود اسرائيلية رسمية دولا عربية عدة وهذا ليس تشاؤما او نظرة سلبية الى التطورات ولكنه محاولة لقراءة الواقع وفهمه بدون ضحك على اللحى وبدون ركض وراء السراب والاوهام.

نحن اذن، في تقديري، نواجه اوضاعا تختلف تماما عما نفكر به او نسعى اليه، وهم يخططون بحلول مختلفة كليا والتساؤل لماذا التركيز على غزة ولماذا العمل لتطويرها والتهدئة معا؟ والجواب لا يبدو صعبا ولا خياليا. انهم باختصار يريدون حلا ينطلق من غزة، اي اقامة دويلة فلسطينية في القطاع والحاق سكان الضفة وبعض المناطق المأهولة بالسكان اليها، لكي يجدوا حلا لمعضلة السكان بالضفة بعد انتهاء الخيار الاردني، مع خط تواصل من خلال جنوب الضفة والخليل مع غزة او كانوا يسمونه بالممر الأمن الذي يربط الضفة بالقطاع.

هم يخططون لذلك ولكن التنفيذ ليس سهلا، وكذلك فان استمرار الوضع الحالي بالضفة مستحيل، ولا بد من ايجاد حل. قد يكون من المناسب ان نبدأ نحن بالحديث عن حل الدولة الواحدة والعودة الى ما كنا نطالب سابقا، ولكن هذا ايضا أمر اقرب الى المستحيل عمليا، ويبدو تحقيقه اكثر صعوبة من الاحتمال الاول.

نحن في مأزق مصيري بين الاحتلال والتقصير العربي وتداعياته ولا يبقى امامنا إلا التكاثر والصمود السكاني لكي نظل شوكة في حلق الاحتلال ، ما دام تحقيق الوحدة الوطنية امرا يبدو غير قابل للتنفيذ في هذه المرحلة ..!!

حتى الكلمة تخيف اسرائيل

الحملة الاسرائيلية على طاقم تلفزيون فلسطين تدل على انهم لا يحاربون الوجود الوطني فقط ولكنهم يحاربون ايضا الكلمة والرأي والموقف. ان التلفزيون يعبر عن الرأي بالكلام ولا خطر منه على ما يسمونه الامن ومع هذا فانهم لا يسمحون به ويعتقلون القائمين عليه.

ان هذه المواقف المخزية لن تخفي الحقيقة ابدا ولن تحجب ما يجري وبالعكس تماما فانها دليل جديد على سوء تصرفات الاحتلال وتناقضه مع كل القوانين والمفاهيم الدولية والانسانية.

تناقضات سياسية اميركية

الرئاسة الاميركية تعبر باستمرار عن تأييدها لاسرائيل وسياساتها ولا تعتبر الاستيطان غير قانوني وقد نقلت السفارة الاميركية الى القدس الموحدة العاصمة الابدية لاسرائيل، كما يقولون. كما ان الرئيس ترامب ووزير خارجيته بومبيو لا يتوقفان عن التصريحات المؤيدة لاسرائيل والاستيطان وسط هذه الزوبعة من التصريحات والمواقف المنحازة والعمياء، اتخذ مجلس النواب الاميركي قرارا باغلبية كبيرة يعتبر المستوطنات غير قانونية ولا شرعية ويؤيد الحقوق الفلسطينية وحل الدولتين.

هكذا يبدو ترامب الذي تلاحقه تهم الفساد واحتمالات المحاكمة رئيسا لا يمثل الرأي العام الاميركي ولا يعبر عن حقيقة المواقف الاميركية التي اعلنها مجلس النواب وهو السلطة الاقوى والاكثر تعبيراعن رأي الناس.

ملاحظة أخيرة: اشتية وصفقة القرن

قال رئيس الوزراء د. محمد أشتية انه لا يعلم ما في صفقة القرن الاميركية ولكنه يعلم انها إستثنت القدس واللاجئين والاغوار والاستيطان. واذا كان د. اشتية يعلم كل هذا الذي استثنته الصفقة، فما الذي بقي ولا يعلمه؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى