ترجمات عبرية

إٍسرائيل اليوم: الطريق إلى الرياض: آمال وتعقيدات

إٍسرائيل اليوم 2023-08-11، بقلم: أرئيل كهانا: الطريق إلى الرياض: آمال وتعقيدات

كتاجرين ماهرين في البازار الشرق أوسطي يتبادل نتنياهو وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الرسائل. واقتُبس، أول من أمس، عن ولي العهد السعودي في “وول ستريت جورنال” قوله إنه لا يسارع الى اتفاق مع إسرائيل “بخاصة مع الحكومة الحالية، التي تعارض دولة فلسطينية”.

يبدو أن هذا هو رد ابن سلمان على تصريحات علنية قالها نتنياهو لاعضاء كونغرس أميركيين، الثلاثاء الماضي، وجاء فيها أنه “في السلام السعودي – الإسرائيلي يوجد عناصر بنى تحتية مادية موجودة منذ الآن، لكن السياسة تمنعها”. يحتمل أن يكون ابن سلمان رد أيضا على تصريحات مصدر سياسي إسرائيلي اقتُبس في “إسرائيل اليوم” وجاء فيها ان “نتنياهو لن يغير موقفه المبدئي والتاريخي في المسألة الفلسطينية لقاء تسوية مع السعودية. فعلى أي حال تقيم إسرائيل والسعودية علاقات متفرعة من تحت الطاولة”. وهذا يعني ان إسرائيل تحاول تخفيض الاثمان بينما يحاول السعوديون رفعها.
ليس السعوديون فقط هم من يرفعون التوقعات. فقبل شهر زار البلاد سراً ثيو تشي هين، وزير كبير في حكومة سنغافورة، حيث التقى الرئيس هرتسوغ ورئيس الوزراء. تقع سنغافورة على مسافة بعيدة جداً من جارتنا الملتهبة، ومع ذلك فقد تدحرج الحديث بين الرجلين الى إمكانية السلام بين القدس والرياض.

الزاوية السنغافورية

لشدة المفاجأة، شرح الضيف بان اختراقا كهذا سيؤثر حتى على الوضع الجغرافي – السياسي لبلاده الصغيرة. لماذا؟

لان خصومها التاريخيين، الكبار والإسلاميين، لا يحبون علاقاتها المتفرعة مع إسرائيل. لكن اذا كانت السعودية، الدولة السنية الرائدة ستتصالح مع إسرائيل، عندها فان عموم العالم السني سيرى الدولة اليهودية في ضوء آخر. لحظهم ولحظ الاندونيسيين سيكون ثمة سبب واحد أقل للغضب من سنغافورة الصغيرة والمزدهرة. الى هذا المدى سيكون الإنجاز دراماتيكيا.

إذاً، الجميع يريدون السلام، لكن كلما كبرت التوقعات ازدادت المصاعب والتعقيدات. تطبيع موضعي بين السعودية وإسرائيل أمر، واتفاق تاريخي ذو آثار إقليمية وعالمية يحتاج الى ضوء أخضر من عموم العالم الإسلامي، من رام الله وعمان وحتى جاكرتا وكوالا لمبور، موضوع اكثر تعقيدا بكثير.

ولم نتحدث بعد عن عناصر الاتفاق وعن المصاعب السياسية في الدول الثلاث ذات الصلة: الولايات المتحدة، السعودية، وإسرائيل. لنفترض أنه سيكون ممكنا إيجاد حل للمطلب السعودي بنووي مدني حسب نموذج كوريا الجنوبية، كما يقترح وزير الخارجية ايلي كوهن، فهل ستتوفر لتسوية كهذه اغلبية في مجلس الشيوخ؟ ليس مؤكداً وعلى الفور سنشرح لماذا.

ثم ماذا بالنسبة للساحة الفلسطينية؟ فإمكانية التسوية مع الفلسطينيين أقل معقولية من وصول رجال فضائيين الى الكرة الأرضية. حتى لو كان نتنياهو يريد ان يتنازل لهم (وهو لا يريد)، لا يوجد من يمكن أن يعقد صفقة معه. كما أن كل تنازل عن ارض من “بلاد إسرائيل” سيسقط على الفور حكومته اليمينية. يريد نتنياهو السلام لكنه لا يريد أن ينتحر سياسيا. هذا عائق أيضا.

مشاكل ابن سلمان

يحتاج محمد بن سلمان، من جهته، لأن يمرر الاتفاق في المملكة المحافظة، وهذا ليس أمراً لا يؤبه له. صحيح أن السعودية تجتاز سياقات انفتاح على العالم، لكنها بعيدة جدا عن التسامح والقبول اللذين تتميز بهما البحرين والامارات. يتخذ ابن سلمان خطوات مبهرة لإطفاء الكراهية لإسرائيل، وضمن أمور أخرى أخرج مضامين لاسامية من كتب التعليم، وسمح للرياضيين السعوديين بالتنافس مع الإسرائيليين، ووظف إماما متعاطفاً مع اليهود في الكعبة، وبالطبع أقر رحلات جوية إسرائيلية فوق سماء بلاده. لكن 75 سنة كراهية لا تمحى في يوم واحد. ليس مؤكدا أن الشعب او كباره ناضجون لمثل هذا التحول، وبالنسبة له أيضا البقاء السياسي هو القيمة العليا.

العائق: أغلبية في مجلس الشيوخ

يوصلنا هذا الى الرئيس بايدن. كل اتفاق مع السعودية يستوجب اقرارا من ثلثي مجلس الشيوخ. بمعنى ضرورة وجود كتلة كبيرة من الشيوخ الجمهوريين ليصوتوا مع الاتفاق الذي هو هدية سياسية تاريخية لبايدن قبل دقيقة من الانتخابات الرئاسية. من كل المصاعب والتعقيدات التي تقلق نتنياهو بالنسبة للاتفاق مع السعودية يبدو عائق مجلس الشيوخ في نظره هو الأعلى. هذا ما قصده حين قال ان السياسة تمنع التسوية مع السعودية.
فضلا عن كل هذا، فانه لاجل إحداث انعطافة تاريخية مطلوب قوة حسم وجرأة. وهذه ليست ميزة بايدن العجوز، المحافظ والحذر، وهكذا فانه توجد إرادة ثلاثية لكن ليس مؤكدا أنها ستكفي كي تغير اتجاه التاريخ.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى