إيشان ثارور: تحتل حرب الظل بين إسرائيل وإيران مركز الصدارة
صحيفة بقلم: إيشان ثارور، واشنطن بوست 24/4/2018
إن طبول الحرب بين إسرائيل وإيران في سوريا بات صوتها عاليًا، وذلك في أعقاب قيام إسرائيل بعدة هجمات داخل سوريا؛ مما أثار غضب رعاة نظام الأسد في موسكو وطهران.
وقع آخر هجوم إسرائيلي داخل سوريا في 9 أبريل (نيسان) على قاعدة جوية – يشير ثارور – وعلى الرغم من عدم تبني تل أبيب مسئولية الهجوم، إلا أنه يحمل بصماتها. منذ عام 2012 شن الإسرائيليون أكثر من 100 غارة على مواقع يشتبه أنها مرتبطة بالإيرانيين في سوريا. ويبرر المسؤولون الإسرائيليون هذه الغارات بأنها ضرورية لإزالة التهديد الإيراني على حدود بلادهم وإعاقة تدفق الأسلحة إلى «حزب الله» اللبناني.
تعليقًا على ذلك قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان لإذاعة إسرائيل «مهما كلف الأمر، فلن نسمح بتواجد إيران على حدودنا»، لكنه حذر من الأعمال العدائية الصريحة. وعندما سئل عما إذا كانت الحرب وشيكة؛ قال: «لا أتمنى ذلك. أعتقد أن دورنا الأساسي هو منع الحرب، وهذا يتطلب ردعًا ملموسًا وحقيقيًا، بالإضافة إلى الاستعداد للتحرك».
كان هذا هو نفس موقف إيران ففي مقابلة له مع شبكة «سي بي إس نيوز»، أكد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني على الدعوة إلى «ضبط النفس»، لكنه اتهم الإسرائيليين بتصعيد «التوتر من خلال انتهاك المجال الجوي السوري».
وأضاف ظريف «لا أعتقد أن حربًا إقليمية ستندلع، لكن إسرائيل مستمرة في انتهاكاتها للقانون الدولي؛ بسبب تأكدها من الإفلات من العقاب بسبب الدعم الأمريكي، وتحاول صرف الأنظار عن ذلك بأحداث جانبية». وحذر ظريف من أن إسرائيل تمارس لعبة خطرة. «يجب أن يتوقعوا أنهم إذا استمروا في انتهاك سيادة الدول الأخرى، فستكون هناك عواقب. ولا بد من وقف هذه الأعمال العدوانية».
لكن الإسرائيليين أوضحوا أنهم لن يسمحوا بالتواجد الإيراني في سوريا – يستدرك ثارور. وأشاروا إلى حادثة دخول طائرة بدون طيار إيرانية إلى المجال الجوي الإسرائيلي، فضلًا عن تهديد الصواريخ التي تطلق من جنوب لبنان. ويشكل هجوم 9 أبريل أول هجوم مباشر لإسرائيل على معدات وموظفين إيرانيين؛ وأسفر عن قتل أحد كبار القادة الإيرانيين.
ومؤخرًا سربت إسرائيل معلومات وصور تفصيلية عن حجم التواجد الإيراني في سوريا، بما في ذلك طائرات مدنية تزعم تل أبيب أنها تنقل شحنات الأسلحة، وأشارت بأصابع الاتهام إلى مسئولية الحرس الثوري الإيراني عنها. وكان هدف إسرائيل من الهجوم هو التأكيد على أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما هاجمها الإيرانيون أو وكلاؤهم.
لكن الإيرانيين يؤكدون على أن وجودهم في سوريا هو دفاع عن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد الشرعية. ويرون قدرتهم على تهديد إسرائيل من على حدودها كرادع محتمل ضد عدو إقليمي قديم.
ينقل عن بين هوبارد، وديفيد هالبفينجر من صحيفة «نيويورك تايمز» قولهما: «لطالما هددت إسرائيل بقصف إيران، لذا فإن وجود وكلاء أقوياء لطهران بالقرب من حدود إسرائيل يمنحها بعض الحماية. وإذا هاجمت إسرائيل إيران، فعليها أن تتوقع ردًا مؤلمًا من حزب الله في لبنان، وربما ميليشيات أخرى تعمل الآن في سوريا».
تأتي هذه التطورات في خضم أزمة اقتصادية شديدة تضرب الجمهورية الإسلامية أدت إلى اندلاع احتجاجات واسعة النطاق – يشير ثارور – مما دفع جواد ظريف والرئيس حسن روحاني إلى الشكوى من المجهود الحربي المكلّف في سوريا، لكن احتمال مواجهة أوسع مع إسرائيل – والدراما المرتقبة المحتملة بشأن صفقة إيران النووية مع القوى العالمية – قد تقنع المتشددين في النظام بأن هذا هو الوقت المناسب للتحرك.
«لقد برزت حرب بالوكالة بعد قرار الحرس الثوري الإيراني بإنشاء قواعد دائمة في سوريا، ولكن لم يكن هذا قرارًا بالإجماع»، كتب أنشل فيفر من صحيفة «التايمز». وأضاف «بأن الإصلاحيين في إيران بقيادة حسن روحاني يؤيدون الاستثمار في الاقتصاد الإيراني بالمبالغ الضخمة التي ستكلفها هذه القواعد، لكن الحرس الثوري الإيراني يحظى بتأييد علي خامنئي – مرشد الجمهورية الإسلامية – وهو حريص على الاستفادة من الاستثمار الذي قام به في دعم نظام الأسد خلال السنوات السبع الماضية».
يبدو المستقبل قاتمًا – يضيف ثارور – إذ قال عاموس يادلين، القائد السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، لفيفير: «إن إيران مصممة على ترسيخ مواقفها في سوريا، وإسرائيل مصممة على منعها».
واقترح يادلين أن تلعب روسيا، التي تدعم نظام الأسد عسكريًا، وتتمتع بعلاقات دبلوماسية قوية مع إيران وإسرائيل، دورًا حاسمًا. وقال يادلين: «الحرب ستندلع لا محالة ما لم يتدخل بوتين لمنعها»، لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن الروس لديهم تأثير محدود على إيران، ويهتمون أكثر بدعم النظام السوري.
في المقابل يبدو أن أطرافًا بارزة في واشنطن حريصة على السماح لإسرائيل بمواصلة حملتها السرية ضد الإيرانيين. فهم يرون أن الضربات الإسرائيلية ضرورية في الوقت الذي يريد فيه الرئيس ترامب الانسحاب من سوريا، وإحلال قوات عربية محل القوات الأمريكية.
لكن خبراء آخرين يؤكدون أن هذا لا يرقى إلى مستوى استراتيجية حقيقية. كتبت سوزان مالوني من معهد بروكينجز «هناك طريق لاحتواء ايران وردعها في سوريا… لكن ذلك يتطلب أكثر من مجرد إطلاق يد إسرائيل والتشجيع من جانب الحكام العرب». وحذرت إدارة ترامب من تنفير الحلفاء عن طريق الانسحاب من الصفقة النووية.
في فبراير (شباط) أصدرت «مجموعة الأزمات الدولية» تقريرًا تحذر فيه من أن الجو الحالي للتوترات سيؤدي إلى «سوء التقدير للأوضاع» في سوريا. منذ ذلك الحين تصاعدت المخاطر بشدة.