ترجمات عبرية

إيال زيسر / هدنة مع حماس – في الحلم فقط

اسرائيل اليوم – بقلم  ايال زيسر  – 27/5/2018

التقارير من غزة لا توفر لحظة هدوء. العناوين الكبيرة عن التصعيد على طول جدار الحدود والخوف من انهيار اقتصادي، استبدلت بتقارير عن “هدنة” قريبة، تؤدي الى هدوء تام على حدود الجنوب، وتوقف ليس فقط الصواريخ والموجات البشرية المندفعة نحو الجدران، بل حتى الطائرات الورقية المشتعلة التي تضرم النار في حقول البلدات في غلاف غزة.

حماس، كما نتعرف من وسائل الاعلام، نقلت الى اسرائيل حتى قبل بضعة اشهر رسائل عن رغبتها في خوض مفاوضات معها بهدف الوصول الى هدنة طويلة. في إطارها يرفع الحصار الاسرائيلي – المصري عن القطاع، يتاح ضخ الاموال لاعادة بناء الاقتصاد الغزي؛ وأخيرا وما لا يقل اهمية، تعيد حماس الى اسرائيل المفقودين الاسرائيليين وجثث ضحاياها الموجودين عندها. كما نتعرف من وسائل الاعلام بان اسرائيل هي التي تجر الارجل، تمتنع عن الرد على عروض حماس وتعيق بذلك استكمال الصفقة المقترحة.

غير أنه يجدر بالذكر انه ليس في فكرة الهدنة أي جديد. هكذا مثلا، اقترح مؤسس المنظمة، احمد ياسين، هدنة لعشر سنوات مقابل انسحاب اسرائيلي كامل الى حدود 67. أي حتى مقابل اقامة دولة فلسطينية على كل الاراضي التي تحتجزها اسرائيل منذ حرب الايام الستة، ما كانت المنظمة مستعدة لان تعترف بوجود اسرائيل والتوصل معها الى اتفاق سلام.

ليس صدفة ان حماس تستخدم عبارة “هدنة”، وهي العبارة التي ترد في التقارير الاسلامية ومعناها وقف القتال في حرب الجهاد ضد “الكفار”، حين تكون يد هؤلاء هي العليا، وذلك للسماح للمسلمين بالاستعداد واعادة تنظيم انفسهم لمواصلة القتال. تسعى حماس من خلال اطلاق فكرة الهدنة الى التعبير ليس فقط عن هويتها الاسلامية بل وايضا عن عدم استعدادها للوصول الى اتفاق سلام مع اسرائيل – فما بالك الاعتراف بها، وبدلا من ذلك التشديد على التزامها بمواصلة الكفاح التاريخي ضد اسرائيل، حتى وان لم يكن الان.

حماس غير مستعدة لاعتبارات ايديولوجية خوض مفاوضات مباشرة مع اسرائيل. ولما كان كذلك، فان الحوار يودع في ايدي وسطاء ذوي مصالح خاصة بهم. بالنسبة للوسطاء فان شطب مسألة غزة عن جدول الاعمال الاقليمي في المدى القريب، يستحق ثم اندلاع مواجهة عنيفة بعد عدة سنوات. إذ ان الانفاق الهجومية على أي حال او الصواريخ لا توجه نحو الدوحة أو القاهرة.

من الصعب ان نرى حماس، مثل حزب الله، الذي يحافظ في العقد الاخير على الهدوء على طول الحدود مع لبنان، تعلن على الملأ التخلي عن طريق “المقاومة” (المقاومة والصراع ضد اسرائيل). من الصعب أن نراها تفرض رأيها على الفصائل المختلفة العاملة في القطاع، واكثر من ذلك من الصعب أن نراها تتخلى عن مخزون الصواريخ والقوة العسكرية التي جمعتها. بالمقابل، فان هدفة مع حماس معناها ضربة للسلطة الفلسطينية ورسالة للاسرة الدولية بان كل استثمار اقتصادي في غزة يجب أن يتم من الان فصاعدا مع حماس، بصفتها ليس فقط صاحبة السيادة عمليا بل والحاكم الشرعي للقطاع.

الى جانب كل هذا، يجدر بالذكر ان الدعوة للهدنة ليست الوحيدة التي تصدر عن القطاع. ففي الاسبوع الماضي منح يحيى السنوار، زعيم حماس في  غزة، مقابلة مع قناة “الميدان” اللبنانية، تباهى فيها بعلاقات المنظمة مع حزب الله، والتي على حد قوله “افضل من أي وقت مضى، وكذا بالعلاقة المتوثقة مع الحرس الثوري ومع قاسم سليماني، رجل ايران في المنطقة.

بين اسرائيل وحماس توجد هدنة غير معلنة وهشة، في السنوات الاربعة الاخيرة بعد حملة “الجرف الصامد”. سياسة اسرائيل هي ضمان الهدوء حتى بثمن استمرار حكم حماس في القطاع، ولكن دون منحها هدايا مجانية. يمكن ويجب مواصلة هذه السياسة، توثيق التفاهمات في موضوع الهدوء على طول الحدود؛ والدليل – حتى في ايام المواجهات على طول الجدار، امتنعت حماس عن اطلاق الصواريخ نحو اسرائيل.

بالمقابل، يجب العمل بطرق التفافية لحماس، على مشاريع تجعل الوضع الاقتصادي في القطاع يستقر. هكذا أو خلاف ذلك، فمن فكرة الهدنة لن يخرج شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى