ترجمات عبرية

إيال زيسر / صفقة القرن – بيضة لم تفقص

اسرائيل اليوم – بقلم  ايال زيسر  – 27/8/2018

في الاسبوع الماضي تفرغ الرئيس ترامب للحظة هدوء من جملة اوجاع الرأس التي تلم به في الساحة الامريكية الداخلية وعاد الى صفقة القرن، صفقة الاحلام التي ينسجها رجاله لتحقيق اتفاق سلام بين اسرائيل وبين الفلسطينيين. فقد أعلن بان اسرائيل ستكون مطالبة بان تدفع ثمنا أعلى من الفلسطينيين بسبب السلفة التي حصلت عليها – الاعتراف الامريكي بالقدس كعاصمة لها.

غير أنه في نفس الوقت أجمل محاميه ورجل سره مايكل كوهن، صفقة خاصة به – صفقة قضائية مع النيابة العامة في ولاية نيويورك، في اطارها اعترف بانه دفع “بدل سقوط” لعدة نساء كان الرئيس الامريكي على علاقة معهن في الماضي. وأثارت هذه الصفقة القضائية الكثير من المحللين في وسائل الاعلام، التي حتى في الايام العادية تبتعد عن ان تبدي له موقفا عاطفا، للبدء بالتفكير في نهايته السياسية بل وحتى التنبوء بانه فور الانتخابات في تشرين الثاني القادم، سيبدأ المشرعون الديمقراطيون باجراء التنحية.

مهما يكن من أمر، بقيت على حالها مسألة كم هو ترامب مصمم على الدفع الى الامام بصفقة بين اسرائيل والفلسطينيين يبتعد الطرفان عن التحمس بها، وليس واضحا على الاطلاق ايضا كم يمكنه ان يتفرغ عن التحديات التي يقف امامها في الداخل كي ينكب مثلما عرف كيف يفعل في ماضيه كمستثمر وكرجل اعمال، على تحقيق مثل هذه الصفقة.

لقد سارعت م.ت.ف كعادتها لشجب ترامب بسب “عار القرن” الذي  ينسجه هو ورجاله للفلسطينيين. فهؤلاء الاخيرون مصممون على ما يبدو على أن يرفضوا رفضا باتا كل مشروع سلام امريكي، حتى ذاك الذي يحظى بتأييد صامت من جانب الاردن، مصر والسعودية. وبالفعل، من الصعب الافتراض بانه سيوجد زعيم فلسطيني بوافق على مثل هذه الصفقة التي تطالبه بالاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل، والتخلي عن حق العودة والاكتفاء بالقليل الذي تبقى في ايديهم بعد قرن من سنوات النزاع. فبعد كل شيء، اقتراحات مشابهة لصفقة ترامب بل وافضل منها عرضت على الفلسطينيين من ادارات امريكية ومن حكومات اسرائيلية على مدى السنين، ولكن الفلسطينيين رفضوها كلها على أمل ان يتلقوا اقتراحات أفضل.

غير أن للفلسطينيين ايضا توجد اهتمامات اكثر الحاحا، وليس بالذات بسبب عيد الاضحى الذي انتهى لتوه، ولا حتى عملية التسوية التي تعمل عليها مصر بين حماس واسرائيل في غزة، عملية لا تتواجد فيها السلطة الفلسطينية على الاطلاق. في رام الله، كما يتبين، يستعدون بالذات لليوم التالي لابو مازن. حسب افضل التقاليد الشرق اوسطية، يجند المتنافسون، مثل “سيد كرة قدم” جبريل الرجوب او رئيس المخابرات العامة للسلطة ماجد فرج، عصابات مسلحة لضمان فوزهم. ففي الشرق الاوسط يتقرر المنتصر، وفي موضوعنا الخليفة، ليس وفقا لنتائج احصاء الاصوات في صناديق الاقتراع، بل وفقا لاحصاء البنادق خارجها.

في اسرائيل ايضا لا احد ينتظر بترقب متحفز حقا البشرى التي ستأتي من واشنطن. ففي الاسبوع الماضي زار هنا جون بولتون، مستشار ترامب للامن القومي. كانت هذه زيارة هامة لم تعنى على الاطلاق بصفقة القرن، بل بمسألة اكثر الحاحا بكثير بالنسبة لاسرائيل – المسألة الايرانية. فترامب ليس فقط يطلق الاقوال الصحيحة بل وايضا يعمل في هذا المجال. هكذا مثلا العقوبات التي فرضها على طهران، والتي تمس بالاقتصاد الايراني بشدة. غير أنه في السطر الاخير مشكوك أن يكون هناك في التصريحات وفي العقوبات الاقتصادية ما يكفي لمنع التحول النووي لايران، واكثر من ذلك، لدحرها عن مواقعها في سوريا وفي العراق.

ليس لواشنطن في هذه المسائل جواب جيد. ففي الاسبوع الماضي نقل عن الرئيس الروسي بوتين بانه كان يريد أن يرى ايران خارج سوريا، غير ان الامر ليس في وسعه وهو بحاجة الى مساعدة لهذا الغرب. وكان يقصد انه يتوقع من واشنطن ان تعرض عليه “صفقة قرن”، تضمن المصالح الروسية في سوريا، تمنح شرعية ومساعدة لبشار الاسد، وفي وفي الوقت تدخر الايرانيين من هذه الدولة.

ها هي صفقة اخرى يجدر بالامريكيين ان ينشغلوا بها، صفقة يمكنهم ان يعملوا عليها بسهولة أكبر وكفيلة بان تساهم في الاستقرار الاقليمي وعلى أي حال ايضا في تحقيق تسوية او على الاقل تسوية صغرى بين اسرائيل وبين الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى