“إسرائيل” بدأت مبكرًا في التطهير العرقي للفلسطينيين بالقدس
المصدر ألونكتر – جوناثان كوك – صحفي بريطاني يقيم في فلسطين المحتلة
13/12/2017
في الوقت الراهن، شرعت إسرائيل في وضع اللمسات الأخيرة لبناء “القدس اليهودية الكبيرة”، الأمر الذي يتطلب أولا القيام “بتطهير عرقي” ضد آلاف الفلسطينيين. وحسب منظمات تدافع عن حقوق الإنسان، تعمل إسرائيل على طرد الفلسطينيين من مدينة القدس التي عاشت وعملت فيها العائلات الفلسطينية على امتداد أجيال.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت منظمات لحقوق الإنسان فضلا عن باحثين فلسطينيين إلى أن وتيرة التحولات الديموغرافية قد تصاعدت في المدينة بشكل كبير منذ أن شرعت إسرائيل، منذ عقد من الزمن، في عملية بناء جدار صلب من الخرسانة عبر الأحياء الفلسطينية في المدينة. كما تعمل إسرائيل على إضفاء طابع قانوني على هذه التحويلات، حيث تم تمريرها في شكل مشروعي قانون برلماني من شأنهما أن يحددا الملامح المستقبلية لمدينة القدس، علما وأنهما يحظيان بدعم من قبل وزراء في الحكومة الإسرائيلية على نطاق واسع.
في هذا السياق، يهدف أحد مشروعي القانون إلى إدماج حوالي 150 ألف يهودي يعيشون في مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية المحيطة بالمدينة، وذلك بهدف تعزيز عدد السكان اليهود في القدس. وسيمنح هذا الإجراء هؤلاء المستوطنين الذين سيقع إدماجهم حق التصويت في الانتخابات البلدية التي تنظم في القدس، الأمر الذي سيدفع المدينة أكثر إلى يمين رقعة الشطرنج السياسية.
من جانب آخر، سيحرم مشروع القانون الثاني قرابة 100 ألف فلسطيني من حقوقهم، خاصة الذين يعيشون على الجانب “الأسوأ” من السياج. كما سيقع توكيل أمرهم إلى مجلس محلي منفصل خاص فقط بالفلسطينيين، وهو ما يعتبره المراقبون تمهيدا لمصادرة حقوق إقامتهم وحظر وصولهم إلى مدينة القدس. في الوقت نفسه، يشتد الضغط على الفلسطينيين الذين يعيشون داخل المدينة، حيث يعانون من السياسات الإسرائيلية العنيفة، بما في ذلك الاعتقالات الليلية، ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل، والحرمان من الوصول إلى ممتلكاتهم، علاوة على حرمانهم من الخدمات الأساسية، بغية دفعهم إلى الرحيل عن المدينة.
تحيل معدلات الولادة العالية في صفوف الفلسطينيين إلى أنه يوجد اليوم ما يزيد عن 315 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، أي ما يعادل 40 بالمائة من إجمالي عدد السكان في المدينة .
من جانبه، أكد الباحث في منظمة “عير عميم” الإسرائيلية، التي تدعو للعدل في معاملة الفلسطينيين القاطنين في القدس، أفيف تارتاسكي، أن “هذه الإجراءات تهدف إلى استباق جهود السلام المستقبلية والقضاء على الطموحات الفلسطينية الرامية إلى جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم”. وأضاف تارتاسكي في حوار مع موقع “ميدل إيست آي”، أن “ما يحدث على أرض الواقع يعد تطهيرا عرقيا دون اعتماد مدافع، حيث تأمل إسرائيل في التخلص من ثلث سكان القدس من الفلسطينيين من خلال التشريعات فقط”.
المخاوف الديمغرافية
تعود المشاغل الديمغرافية الإسرائيلية إلى سنة 1967، إبان احتلال القدس الشرقية وضمها إلى الأراضي المحتلة، مضيفة بذلك أعداد سكانية ضخمة من الفلسطينيين إلى سكان القدس الغربية من اليهود. كما قامت إسرائيل بتوسيع الحدود البلدية للمدينة وذلك على اعتبارها وسيلة غير معلنة لضم المزيد من أراضي الضفة الغربية. في البداية، كانت إسرائيل قد حددت للفلسطينيين نسبة لا تتجاوز 30 بالمائة مقابل 70 بالمائة لليهود داخل ما أطلقت عليه وصف “العاصمة الموحدة والأبدية” لإسرائيل، ولكنها ما فتئت تخسر معركة الحفاظ على هذه النسبة منذ ذلك الوقت.
ففي الواقع، تحيل معدلات الولادة العالية في صفوف الفلسطينيين إلى أنه يوجد اليوم ما يزيد عن 315 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، أي ما يعادل 40 بالمائة من إجمالي عدد السكان في المدينة. وتشير التوقعات المستقبلية إلى أن الفلسطينيين قد يشكلون أغلبية سكانية خلال عقد من الزمن. وفي حين أن قلة قليلة من الفلسطينيين في القدس يحملون – أو سُمح لهم – بحمل الجنسية الإسرائيلية، مع العلم أن كلهم تقريباً لا يشاركون في الانتخابات البلدية، تشعر إسرائيل بالخوف من أن تنامي أعدادهم ووزنهم السكاني لن يساهم في استدامة حكمها للمدينة.
في تصريح لصالح موقع “ميدل إيست آي”، أكد الأكاديمي الفلسطيني المقدسي، مهدي عبد الهادي أن “ما يحدث في القدس يتمثل في أن نظاماً للتمييز العنصري بصدد التشكل. ففي الحقيقة، تملي الاعتبارات السكانية السياسات الإسرائيلية، وقد أوجد ذلك هوة سحيقة بين المجتمعين، في حين ما فتئ الفلسطينيون يعيشون في جو خانق”.
صرح وزير النقل والاستخبارات، يسرائيل كاتس، الذي ساعد في إعداد مشروع القانون، أن الهدف من وراء ذلك يتمثل في “حماية الأغلبية اليهودية” داخل المدينة
“أنقذوا القدس اليهودية”
أدى الخوف من فقدان القدس على المستوى الديمغرافي، أي تجاوز عدد السكان من المسلمين اليهود، إلى تحفيز بعض القادة السياسيين والأمنيين في السنة الماضية إلى تنظيم حملة على أعلى المستويات تحت عنوان “أنقذوا القدس اليهودية”. وخشية أن يشكل الفلسطينيون في القريب العاجل أغلبية سكانية في مدينة القدس، وبالتالي، قد يختارون حينها التصويت في الانتخابات البلدية، حذرت الحملة السكان اليهود من أنهم قد “يستيقظون يوما ما ليجدوا عمدة فلسطينياً للقدس”.
على امتداد السنة الماضية، دفع وزراء الحكومة بقوة، بما في ذلك وزير التعليم نفتالي بينيت، باتجاه ضم معاليه أدوميم، وهي مستوطنة ضخمة من مستوطنات الضفة الغربية تقع خارج القدس مباشرة، ويبدو أن جهودهم توشك أن تتكلل بالنجاح. ففي أواخر الشهر الماضي، كان من المفترض أن تقر لجنة وزارية مشروع قانون “القدس الكبرى”، وهو تشريع يهدف إلى توسيع حدود بلدية القدس بحيث تشمل مستوطنة معاليه أدوميم، وعددا آخر من المستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية. وقد حاز التشريع على دعم رئيس الوزراء نتنياهو. بناء على ذلك، ستُضم هذه المستوطنات إلى القدس بشكل كامل، في حين ستحافظ على أسمائها فقط، وسيصبح بإمكان سكانها البالغ عددهم 150 ألف التصويت في الانتخابات البلدية.
مشروع قانون القدس الكبرى – الضم بحكم الأمر الواقع
صرح وزير النقل والاستخبارات، يسرائيل كاتس، الذي ساعد في إعداد مشروع القانون، أن الهدف من وراء ذلك يتمثل في “حماية الأغلبية اليهودية” داخل المدينة. وقد أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا أن 58 بالمائة من اليهود الإسرائيليين يدعمون هذه الخطة. بعد رضوخه لضغوط مورست عليه من قبل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قرر نتنياهو العمل مؤقتا بشكل تدريجي على مشروع القانون. في الأثناء، تواترت الأخبار التي تحيل إلى أن واشنطن تشعر بالقلق من أن هذا التشريع سيحبط مبادرة السلام التي توشك أن يتم عرضها.
من جهتها، تخشى منظمة “عير عميم” أن يتم إحياء هذا التشريع من جديد عندما تتبدد الضغوط. كما حذرت في ورقة بحثية نشرتها الأسبوع الماضي من أن التشريع كان “أول تحرك تشريعي منذ ضم القدس الشرقية سنة 1967، بهدف إجراء ضم بحكم الأمر الواقع لمناطق تقع في الضفة الغربية إلى إسرائيل”. في سياق متصل، أفاد أفيف تارتاسكي أنه “بعد عقود من زرع المستوطنين اليهود في وسط الفلسطينيين للحد من تطور أعدادهم ونموهم، شرعت إسرائيل في تنفيذ العملية الشاقة التي تهدف للفصل بين التجمعات السكانية الفلسطينية واليهودية”.
تشدد إسرائيل قبضتها على الفلسطينيين في المناطق المأهولة في القدس الشرقية
مذكرات إخلاء
اجتاحت القوات الإسرائيلية يوم الجمعة الماضي قرية “جبل البابا” البدوية وأصدرت مذكرات “إخلاء” بحق سكانها البالغ عددهم ثلاثمائة. في آب/أغسطس، بادر الجيش الإسرائيلي بهدم روضة أطفال في القرية. والجدير بالذكر أن قرية “جبل البابا” تقع في المنتصف ما بين القدس الشرقية ومستوطنة معاليه أدوميم. وفي هذا الإطار، أفاد أفيف تارتاسكي أن “هذه التجمعات السكانية الفلسطينية خارج القدس تشكل شوكة في حلق إسرائيل، التي تسعى لأن تحول حياتهم إلى جحيم حتى تجبرهم على المغادرة. وبالتالي، سيتسنى لها إخلاء المنطقة الواقعة بين القدس والمستوطنات وخلق حالة من التواصل فيما بينها”.
وقع تنفيذ الغارة الأخيرة على “جبل البابا”، بعد أن أبلغت إسرائيل مئات السكان في قرية الولجة أن حاجزا عسكريا سيتم نقله قريبا من مدخل قريتهم، ما من شأنه أن يفصلهم عن المدرجات الزراعية التي ورثوها عن أجدادهم، وكانت أسرهم تزرعها منذ أجيال، والتي تقع على تلال القدس. وعلى الرغم من أن العديد من سكان الولجة يملكون أوراق هوية للإقامة في القدس، التي تصدرها إسرائيل، إلا أن هذه المناورة الجديدة ستحول بينهم وبين المدينة وأراضيهم. علاوة على ذلك، ستصبح المدرجات الزراعية ونبع المياه القريب منها، الذي تشرب منه ماشية القرويين، من “الأماكن السياحية” ضمن حديقة كبيرة داخل القدس الموسعة.
تضييق الخناق
تشدد إسرائيل قبضتها على الفلسطينيين في المناطق المأهولة في القدس الشرقية. في هذا السياق، أفاد الباحث الفلسطيني المتخصص في شؤون القدس، داود الغول، أن “بلدية القدس تخلت عن الأراضي التي توجد في الجانب الآخر من الجدار الخرساني. نتيجة لذلك، يجد الفلسطينيون صعوبة في الوصول إلى بقية المدينة”. من جانب آخر، يهدف مشروع قانون صدر عن وزير شؤون القدس، زئيف إلكين، إلى فصل الضواحي الفلسطينية مثل الولجة، وكفر عقب، ومخيم اللاجئين شعفاط وعناتا، التي تقع خارج الجدار الفاصل عن منطقة نفوذ بلدية الاحتلال في القدس. وسيتم إسناد مسؤوليات هذه القرى إلى مجلس محلي مستقل للفلسطينيين، ما سيقلص عدد السكان الفلسطينيين بمقدار الثلث.
في هذا الإطار، أفاد الغول أنه “بمجرد أن يصبح الفلسطينيون ينتمون إلى مجلس محلي منفصل، ستشير إسرائيل إلى أن مركز حياتهم لم يعد في القدس، ومن ثم ستقوم بإلغاء وثائق الإقامة في القدس”. وأضاف المصدر ذاته أن “هذه الخطوات يقع تنفيذها، في الوقت الراهن بالفعل، ولكن سيتم تطبيق هذه الإستراتيجية على نطاق أوسع بكثير”. والجدير بالذكر أنه منذ سنة 1967، ألغت إسرائيل تصاريح إقامة أكثر من 14 ألف فلسطيني، ما أجبرهم على مغادرة القدس.
صرح داود الغول أن القيود المفروضة على التنمية الحضرية فضلا عن النقص الحاد في الأراضي المتاحة للبناء أدى إلى حدوث أزمة سكن في صفوف الفلسطينيين، مما ساهم بدوره في غلاء المعيشة في هذه المنطقة
“مناطق الظل” المهمشة
على الرغم من أن سكان الأحياء الفلسطينية الواقعة على الجانب الآخر من الجدار يدفعون الضرائب لبلدية القدس، إلا أنهم ظلوا ينتمون إلى “مناطق الظل” المهمشة التي تعاني من الفوضى. فعلى سبيل المثال، يستفيد سكان قرية كفر عقب، التي تعتبر منطقة معزولة عن بقية القدس الشرقية بواسطة الجدار ونقطة تفتيش عسكرية، من بعض الخدمات فقط. فضلا عن ذلك، منعت إسرائيل وصول السلطة الفلسطينية إلى هذه المنطقة. وفي هذا الصدد، أوضح داود الغول أنهم “يعيشون في منطقة محرمة”.
في الواقع، أصبحت هذه الأحياء مقصدا لكل من المجرمين والأسر الفلسطينية التي وقعت ضحية شبكة القواعد المعقدة لأنظمة الإقامة الصارمة التي تفرضها إسرائيل. وبالتالي، يُحرم الفلسطينيون في الضفة الغربية من الوصول إلى ما وراء جدران القدس، بينما يواجه الفلسطينيون في القدس خطر سحب أوراق إقامتهم إذا غادروا المدينة. في الأثناء، وجد الأزواج الذين تزوجوا بعد هذا التقسيم المأوى في قرية كفر عقب، في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل فصل أحياء القدس الشرقية، ببطء ولكن بثبات.
من جهة أخرى، أشار المواطنون إلى أن عدد السكان في هذه القرى ارتفع من بضع آلاف إلى عشرات الآلاف في السنوات الأخيرة. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد المباني خارج الجدار، نظرا لأن الفلسطينيين كانوا يستفيدون من عدم تنفيذ إسرائيل للوائح البناء. لكن هذا الأمر يصب في مصلحة إسرائيل على المستوى الديموغرافي، حسب ما ورد على لسان داود الغول.
أزمة سكن
صرح داود الغول أن القيود المفروضة على التنمية الحضرية فضلا عن النقص الحاد في الأراضي المتاحة للبناء أدى إلى حدوث أزمة سكن في صفوف الفلسطينيين، مما ساهم بدوره في غلاء المعيشة في هذه المنطقة. وقد دفع هذا الأمر العديد من الفلسطينيين إلى الانتقال إلى الأحياء التي توجد خلف الجدار لإيجاد مساكن أقل تكلفة. في الوقت ذاته، ترتب عن الضغط الاقتصادي انتقال الكثير من السكان بهدوء إلى أماكن أخرى”.
تركيز “مستعمرة” في منطقة سلوان في القدس الشرقية
لاحظ أفيف تارتاسكي أن السكان الذين يقطنون في الأحياء الفلسطينية التي توجد داخل أسوار الجدار يجري دفعهم إلى الرحيل بطرق أخرى. ومنذ فترة طويلة، استخدمت إسرائيل مجموعة من السياسات الرامية إلى انتزاع الأراضي من الفلسطينيين ومنع تقدمهم نحو القدس، فضلا عن إيجاد مبررات لهدم المنازل. وتشمل هذه السياسة منح الأحياء الفلسطينية صبغة “المتنزهات الوطنية”، من أجل جعل المنازل المقامة داخلها غير قانونية، ومصادرة المناطق الخضراء المتبقية لبناء المستوطنات اليهودية، فضلا عن السماح للمستوطنين بالاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين داخل المدينة القديمة وفي الأحياء المحيطة بها. في الأثناء، تسعى إسرائيل لتعزيز سيطرتها على الأماكن المقدسة في المدينة، وبشكل خاص المسجد الأقصى.
في الوقت الحالي، يعيش داخل القدس الشرقية ما يقارب عن مائتي ألف مستوطن يهودي. وفي هذا الصدد، أوضح داود الغول أنه “لم يكن الفلسطينيون جزءا من التخطيط الحضري للقدس، في حين لا تؤخذ مصالحهم بعين الاعتبار على الإطلاق. فضلا عن ذلك، يتم التعامل معهم فقط على أنهم عقبة لابد من التخلص منها. في الحقيقة، تريد إسرائيل الاحتفاظ بالأرض ولكن لا تريد الفلسطينيين الذين يعيشون عليها”.
إسرائيل تستخدم الوسائل العسكرية نفسها التي تستخدمها في الضفة الغربية، حيث تنطلق من فرضية أن الضغوط ستدفع الفلسطينيين إلى الانتقال إلى مناطق خارج الجدار. فضلا عن ذلك، وعاجلا أم آجلا، سيفقد الفلسطينيون حقهم في الإقامة
غارات ليلية
أشار أفيف تارتاسكي إلى أن الضغوط ما فتئت تتزايد على الفلسطينيين في مدينة القدس، في الوقت الذي تُحرم فيه مجتمعاتهم من المدارس والخدمات البلدية الأساسية، مع العلم أن أكثر من 80 بالمائة من الأطفال الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر. فضلا عن ذلك، بدأت بلدية القدس والشرطة الإسرائيلية في تكثيف عمليات “إنفاذ القانون” ضد الفلسطينيين، أو ما يطلق عليه السكان المحليون “عقابا جماعيا”.
في الآونة الأخيرة، قامت السلطات بشن موجة من المداهمات الليلية طالت عدة أحياء، مثل أحياء “طور” “والعيسوية”. وأسفرت هذه العمليات عن اعتقال عدد كبير من الفلسطينيين وإصدار المزيد من أوامر الهدم والإغلاق في حق الكثير من المؤسسات التجارية التابعة للفلسطينيين. في الإطار ذاته، أوضح تارتاسكي أن “إسرائيل تستخدم الوسائل العسكرية نفسها التي تستخدمها في الضفة الغربية، حيث تنطلق من فرضية أن الضغوط ستدفع الفلسطينيين إلى الانتقال إلى مناطق خارج الجدار. فضلا عن ذلك، وعاجلا أم آجلا، سيفقد الفلسطينيون حقهم في الإقامة. وقد أدركت الدولة العبرية أن تلك فرصة سانحة بإمكانها أن تستغلها”.
تجدر الإشارة إلى أن مكتب عمدة القدس، نير بركات، أصدر تصريحا نفى فيه أن وضع الفلسطينيين في مدينة القدس في تدهور. وجاء في البيان الصادر عن المكتب أن تحسينات كبيرة قد أجريت في المناطق الفلسطينية، حيث تم توفير العديد من المدارس والمراكز الاجتماعية، وملاعب الرياضة والطرق الجديدة، والخدمات البريدية ومراكز الرعاية الاجتماعية. وفي البيان ذاته، تم الإشارة إلى أن العمدة “قام بتطوير خطة لم يسبق لها مثيل من أجل الحد من أوجه القصور في القدس الشرقية لحل مشكلة الإهمال التي استمرت خمسين سنة، وورثها عن أسلافه في البلدية وعن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة”.
في المقابل، أكد داود الغول أن “تصريحات السلطات البلدية تمثل إنكارا للواقع، حيث تريد إسرائيل إنشاء مدينة خالية من الفلسطينيين. وفي حال تمكنت من ذلك، ستكون قد طهرت المدينة منهم عرقيا، وفي حال العكس ستكتفي بإخفائهم عن الأنظار ببساطة”.
ترجمة وتحرير: نون بوست – 13/12/2017