ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: يجب ترميم قوة الردع أمام «حزب الله»

إسرائيل اليوم 2023-04-17، بقلم: إيال زيسريجب ترميم قوة الردع أمام «حزب الله»

كل شيء بسبب مسمار صغير … تقول كلمات القصيدة الانجليزية الشهيرة.

لكن هل حقا محق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتهمة التي وجهها لحكومة بينيت – لابيد في أن التصعيد على الحدود الشمالية في الأسابيع الأخيرة مغروس في اتفاق الغاز مع لبنان التي وقعت عليه الحكومة السابقة في تشرين الأول الماضي؟ الحقائق تدل إلى خلاف ذلك، ومع ذلك فإن الصورة العامة أكثر تعقيدا بكثير.

اتفاق الغاز لم يكن اتفاق استسلام، ولم يكن فيه تنازل عن مصالح إسرائيلية حيوية – أمنية أو اقتصادية. عموم الجهات المهنية أيدته، وينبغي الافتراض انه في ظروف سياسية أخرى، كان نتنياهو نفسه سيعطيه مباركته. لكن في الوقت نفسه لم يكن إنجازا إسرائيليا غير مسبوق وليس أيضا خطوة فيها ما يضمن الهدوء في الحدود الشمالية، إذ إن هذا سرعان ما انتهك.

كما هو دارج في مطارحنا، فإن الجوانب الأقل راحة للاتفاق أخفاها الناطقون بلسان الحكومة السابقة. أولا، حقيقة أن تهديدات نصر الله الحربية هي التي أدت، وعلى الأقل سرعت التوقيع على الاتفاق، ما منح التنظيم ريح إسناد وعزز ثقته بنفسه.

وفضلا عن ذلك، أتاح الاتفاق لإسرائيل أن تبدأ بسحب الغاز من حقل كريش، لكن إنتاج الغاز من الجانب اللبناني من الحدود هو موضوع طويل ومركب وسيتطلب زمنا طويلا إلى أن تبدأ الدولارات تضخ إلى جيوب السياسيين الفاسدين في لبنان. من هنا فإنه لا يزال لا توجد للبنان حقول غاز خاص به من شأنها أن تتضرر في حالة التصعيد، ما كان يمكنه أن يلجم “حزب الله”.

وبعد كل هذا، فإن التصعيد الحالي في الحدود الشمالية لا يرتبط باتفاق الغاز بل بتقييم نصر الله للوضع وبموجبه إسرائيل مشغولة بمشاكلها الداخلية، وبالتالي ستمتنع عن الرد على هجماته.

لكن النقاش في اتفاق الغاز فوت الأمر الأساس الذي هو القصور المتواصل لكل حكومات إسرائيل من صيف 2006 – كل رؤساء الوزراء وكل وزراء الدفاع – الذين تركوا “حزب الله” يتعاظم ويضع يده على ترسانة قرابة 200 ألف صاروخ.

لقد خلقت حرب لبنان الثانية ميزان ردع ورعب أمام “حزب الله”، ترك حدود الشمال هادئة على مدى سنوات طويلة. لكن ليس “حزب الله” فقط ردع بل وأيضا إسرائيل، والدليل – حتى في جولة المواجهة الأخيرة، وبخلاف تام مع ادعاءات رئيس الوزراء نتنياهو امتنعت إسرائيل عن مهاجمة أهداف “حزب الله” على أراضي لبنان. وهكذا، بخلاف سورية التي صممت إسرائيل على ألا تدع ايران تتموضع وتنصب فيها منظومات سلاح وصواريخ، حصل في لبنان العكس تماما.

لكن بعد كل هذا توجد مبالغة كبيرة في التحذيرات من حرب قريبة في الحدود الشمالية.

الحقيقة هي أن لـ”حزب الله” توجد قوة تدمير كبيرة وهي يمكنها أن تلحق بإسرائيل ضررا جسيما. إضافة إلى ذلك، ليس له أيضا ما يخسره إذ إن لبنان هو اليوم دولة في الخراب. لكن لإسرائيل أيضا قوة نار وتدمير تفوق ألف ضعف “حزب الله”، وهي يمكنها، إن شاءت، أن تلحق بلبنان وأساسا بأبناء الطائفة الشيعية مؤيدي نصر الله، ضررا لا مرد له.

لهذا السبب يتبجح نصر الله ويهدد، لكنه عمليا يحسب خطواته بحذر. فهو يسعى لأن يضرب إسرائيل مستغلا الضعف الذي تظهره حكومتها، وبهذا يعزز مكانته كرجل “المقاومة”، ولكنه في الوقت نفسه لا يريد مواجهة شاملة من شأنها أن تكلفه حياته وثمنا باهظا لمؤيديه.

غير أن نصر الله هو مغامر في طبيعته وهو يتحرر أيضا رويدا رويدا من صدمة صيف 2006. كل ما هو مطلوب هو رهان مغلوط واحد من جانبه كي نجد أنفسنا على شفا مواجهة متجددة. من الجهة الأخرى، تكشف رئيس الوزراء نتنياهو على مدى سنوات ولايته كحذر ومحسوب، وفي صالحه يقال انه رغم خطاباته الحازمة، يمتنع دوما عن استخدام القوة والتدهور إلى مواجهة غير مرغوب فيها.

فهل يمكن تغيير الواقع في لبنان من الأساس بعد أن لم نفعل ذلك على مدى العقدين الأخيرين؟ يبدو أن لا. لكن قوة الردع أمام “حزب الله” ممكنة بل ومن الضروري ترميمها وتعزيزها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى