ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: وهم اليوم التالي

إسرائيل اليوم 22/5/2024، غيرشون هكوهن: وهم اليوم التالي

في معظم مجالات حياة الانسان، لا يوجد ولا يمكن أن يوجد أساس حقيقي لفكرة “اليوم التالي”. في افضل الأحوال يكون في هذه الفكرة دور توجيهي مثلما في السير الليلي. عندما يتقدم المرء حسب مسار النجم ولا يكون القصد حقا الوصول الى النجم. فالحرب بطبيعتها هي حدث يخرج عن السيطرة. وهذا يعني انه لا يمكن حقا توجيه الحرب الى هدف واضح تحدد مسبقا. عندما تبدأ الحرب تبدأ هزة شاملة تغير اساسات الواقع المعروفة. 

يصعب على الثقافة الغربية قبول ان ليس لدي المعرفة وحكمة التخطيط الاستراتيجي لضمان حرب تتقدم حسب خطة مرتبة مسبقا حتى آخرها وان الحرب هي حدث متطور غير قابل للتوقع في فكر الخبراء. هذا ما يميز الاعمال في المجال الهندسي – التكنولوجي عن الاعمال في المجال الإنساني. في المجال الهندسي يوجد نجاح في تخطيط وضع النهاية للمشروع، بفضل القدرة على ربط سبب متواصل بين التخطيط والتنفيذ. اما في باقي مجالات عمل الانسان، فهذه القدرة غير قائمة. 

وحتى في تربية الأطفال ليس هناك من يمكنه أن يضمن تربية ونمو نحو هدف محدد لليوم التالي. عرفت فتى فعل والداه كل شيء كي يجعلوه عازف بيان متميز، بل انه نال فرصة التنافس في مسابقة روبنشتاين لعازفي البيان المتميزين، لكنه فجأة هجره واصبح لاعب كرة قدم. كما أن ظاهرة الزوجية والعائلة متعلقة بتطوير متغيرات غير متوقعة لا يمكنها ان تسير على سكة ثابتة مسبقا. 

مع تشكل الميول التي خرجت عن سيطرة التخطيط الاستراتيجي، فان الأمريكيين أيضا في العراق وفي أفغانستان في جهد متواصل من الحضور العسكري وتريليونات الدولارات فشلوا في تحقيق رؤيا اليوم التالي.

تحت ظلم ثقيل

بهذه الفرضية عن عدم القدرة على ضمان توقعات اليوم التالي، فان المجريات في تطور الحرب في الجنوب وفي الشمال مفتوحة على التشكل مع بضعة ميول محتملة. يدور الحديث عن منظومة مدنية كثيرة الصلات والتوترات تعيش في واقع الحرب في هزة غير مسبوقة. في كل ما يتعلق بقطاع غزة حتى بعد ضرب كتائب حماس في كل القطاع حتى الإبادة تقريبا من الصعب ان نرى مثول بديل سلطوي لحماس.

عيسوي فريج كمندوب السلطة الفلسطينية أو محمد دحلان مع قوة تدخل من دول عربية: كل من يمتثل هناك حتى بدعم امريكي، يمكنه في افضل الأحوال ان يقيم في غزة بلاط سلطوي يشبه حكم السلطة الفلسطينية في المقاطعة في رام الله. من ناحية التجريد من السلاح لا يوجد احتمال لشيء آخر غير الضعف الأساس الذي تبديه السلطة الفلسطينية، بكل أجهزتها في عملها الفاشل ضد مجموعات الإرهاب في جنين، طولكرم ونابلس. 

في الساحة الشمالية أيضا، الواقع لا يعد ببشرى امنية جديدة بلا هجوم إسرائيلي واسع النطاق. مع انطفاء القتال في قطاع غزة وخروج الجيش الإسرائيلي من كل المدن ومخيمات اللاجئين، فان حزب الله أيضا سيعلن على ما يبدو عن انهاء قتال الاستنزاف في حدود الشمال. هذا اغلب الظن لن يكون بالاتفاق، بل مجرد انبلاج نهار جديد بدون اطلاق نار. في هذه الظروف، بدون اتفاق وبدون أي تنفيذ لقرار الأمم المتحدة 1701 لابعاد حزب الله شمالا، حتى لو عاد بعض من السكان سيكون من الصعب عليهم إعادة المنطقة الى سابق عهدها في تحقيق الامكانية الكامنة سياحيا واقتصاديا.

في ميل عابث كهذا من أمل اليوم التالي، فان نمط الحياة في إسرائيل سيحاول إعادة بناء نفسه تحت ظل ثقيل من خطر الحرب المتجددة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى