إسرائيل اليوم: هل للابد ستأكل السيف
إسرائيل اليوم 23/8/2024، يوسي بيلين: هل للابد ستأكل السيف
صفقة – وبعدها الاستقالة. المهنيون يقولون ان هذه على ما يبدو ستكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ المخطوفين المتبقين على قيد الحياة. نتنياهو يشترط ذلك بإبقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا ويشرح بانه لم يصر على ذلك من قبل ببساطة لأننا مؤخرا فقط سيطرنا على المحور. محافل الامن تقول انه سيكون بوسعها ان تتدبر امرها أمنيا حتى بدون البقاء في فيلادلفيا. بيبي يشرح بان هذه ليست مشكلة أمنية بل استراتيجية، لكنه لا يشرح ماذا يقصد. إذن ما هو مسلم به اكثر من ناحيته من الموافقة على الصفقة وتحرير المخطوفين – والاستقالة، لانه ليس منسجما مع التنازل عن النقطة الاستراتيجية؟
قطاع للقطاع. احتلال هضبة الجولان (الذي شاركت فيه في حرب الأيام الستة) كان يستهدف وضع حد لتهديدات النار من جهة الهضبة نحو البلدات الإسرائيلية التي في سفوحها. تم الاستيلاء على الهضبة كقطاع أمني حتى تحقيق السلام مع السوريين، وعندها أقيمت فيها مستوطنات، وكانت حاجة عاجلة لاخلائها في حرب يوم الغفران، التي أصبحت فيها المستوطنات عبئا امنيا. قبل بضعة أيام خرج اوري كلنر، رئيس مجلس إقليمي الجولان، بالبيان التالي: “لن نسمح بتحويل الجولان الى قطاع امني لإسرائيل. يجب نقل الهجوم الى ارض العدو”. كلنر لا يشير اذا كان اقتراحه يتضمن أيضا الاستيطان في القطاع الأمني التالي الذي سنحتله، واذا كان سكانه أيضا سيدعون مع مرور الوقت انهم يحتاجون لقطاع امني.
ليس بين أثينا وسبارطا. سبارطا. في كتابه الجديد “حرب وجودية – من الكارثة الى النصر والانبعاث”، آري شافيت من اهم كُتّاب الرأي في إسرائيل، لا يجري تنزيلات ولا يبسط الكثير من الخيارات: ايران تسعى لمحور إسرائيل عن الخريطة. اتخذت خطوة كبيرة في هذا الشأن في 7 أكتوبر وفي كل ما حصل بعدها. الحرب الكبرى معها ستقع في العقد التالي. وهو يقترح تمديد الخدمة الإلزامية الى 40 شهرا، إعادة الكثيرين الى خدمة الاحتياط ممن تسرع الجيش في التخلي عنهم، زيادة ميزانية الدفاع، اجراء تدريبات عسكرية للفتيان من سن 16، التعظيم الكبيرة للصناعات العسكرية، التنسيق بين المشاريع الخاصة والعامة في هذه الصناعات وعمل ذلك بشكل ينمي الاقتصاد. على حد قوله، ستصبح إسرائيل شيئا ما بين أثينا وسبارطا – لكنه يصف في كتابه كيانا يذكر بسبارطا اكثر بكثير مما يذكر بأثينا.
من يتوقع من شافيت ان يقترح فكرة ما كي يمنع الحرب الكبرى سيجد أنه يوصي فقط كيف نستعد لها. اكثر من ذلك، عندما يتناول بناء العظمة الإسرائيلية وقد فعل ذلك بضع مرات في كتابه، فانه لا يذكر في أي مرة اتفاق سلام مع الفلسطينيين كجزء من هذا. يقضي بان مثل هذا السلام هو موضوع لزمن بعيد وان في هذه الاثناء ينبغي إبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية في المناطق والسماح للفلسطينيين بان يعيشوا في رفاه وازدهار اقتصادي. هو فقط لا يقول كيف نعمل ذلك. لا يشرح كيف نضمن الأغلبية اليهودية دون أن نقرر مرة واحدة والى الابد حدودا شرقية لإسرائيل. كما انه لا يشرح كيف سنتمكن من تشجيع الهجرة الى سبارطا الجديدة وكيف سنضمن ان تبقى الأجيال التالية هنا كي تعيش الى الابد على السيف.
السلام هو عنصر حرج في أمننا. السلام مع مصر ومع الأردن يثبت هذا كل يوم. الاتفاق الانتقالي الممتد بلا نهاية مع م.ت.ف يسمح لنا بتعاون امني، لم يكن له وجود ابدا قبل ذلك. أوروبا، التي قضت معظم تاريخها في الحروب هي الدليل الأفضل على أن العنصر المركزي في أمن الدول هو السلام بينها. كل المدعين بان العداء العميق بين اليهود والعرب لا يسمح بالسلام، يجدر بهم ان يتذكروا اتفاق التعويضات (مع الالمان).
في هذه الأيام، بحلول 120 سنة على وفاة هرتسل، اصدر مركز هرتسل والهستدرون الصهيونية العالمية من جديد الكتابين الهامين للحالم بالدولة، “دولة اليهود” و “التنويلند”. اذا ما تحولنا لا سمح الله الى سبارطا – ستبتعد إسرائيل مسافة لا تدرك عن حلم خالقها. محظور ان يتسبب لنا الاف الانذال من غزة وانعدام استعداد الجيش الأقوى في المحيط ان يبدل حلم هرتسل بحلم سبارطا.