إسرائيل اليوم: هجوم محمد الضيف: ضربة دقيقة على أرض الملعب
إسرائيل اليوم 13-7-2024، يوآف ليمور: هجوم محمد الضيف: ضربة دقيقة على أرض الملعب
ترجمة خاصة مركز الناطور للدراسات والابحاث
إن القضاء على محمد الضيف (على افتراض معقول أنه تم القضاء عليه) هو إنجاز مهم، عملياً ومعنوياً، لكن المهم التأكيد على ان هذا الانجاز “لا يهزم حماس ولا يعيد المختطفين إلى بيوتهم”.
كان محمد الضيف عاملاً مركزياً ومهيمناً في حماس لسنوات، وعلى عكس القادة الآخرين في المنظمة، اختار البقاء في عالم العمليات العسكرية ولم يدخل الساحة السياسية أبدًا، وحقيقة نجاته من سبع محاولات اغتيال معروفة على الأقل (أولها قبل 28 عامًا) حولته أيضًا إلى شخصية أسطورية، كشخص لا تستطيع إسرائيل التعامل معه.
وسكن في أعماق الأرض ومن هناك أدار العملية العسكرية للتنظيم، بما في ذلك الاستعدادات لهجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) الذي قاده، وفي المداهمات التي جرت خلال الحرب في غزة، تم اكتشاف وثائق أظهرت أنه على عكس التقديرات السابقة في إسرائيل، فإن الإصابات الجسدية التي لحقت به بسبب محاولات الاغتيال في الماضي كانت طفيفة فقط ولم تؤثر على عمله كقائد الجناح العسكري لحركة حماس.
كشخص ولد ونشأ في خانيونس، هذا هو المكان الذي شعر فيه محمد الضيف بالحماية مع الموالين له، واستغل البيئة الإنسانية ليكتسب الحصانة، ولا عجب أن يتم القضاء على محمد الضيف في خانيونس. كشخص ولد ونشأ في مخيم اللاجئين في المدينة، هذا هو المكان الذي شعر فيه بأنه الأكثر حماية في العالم، محاطًا بمجموعة صغيرة من الموالين الذين رافقوه لسنوات. وكعادته، استغل البيئة الإنسانية ليمنح نفسه الحصانة: كما فعل عندما أمر الناس بالعمل من مرافق الأمم المتحدة ومدارسها ومساجدها، وكذلك فعل في الآونة الأخيرة عندما أنشأ مقره المؤقت على مقربة من مقر الأمم المتحدة. مئات الآلاف من اللاجئين وجدوا مأوى مؤقتا في منطقة المواصي على ساحل غزة.
رافع سلامة (على اليمين) ومحمد الضيف
منع الإضرار بالمدنيين
كان القضاء عليه عبارة عن مزيج من المعلومات الاستخبارية عالية الجودة من قبل الشاباك والتنفيذ الدقيق من قبل سلاح الجو. قبل الهجوم، كان من الضروري معرفة عدم وجود رهائن في وسطه، والتأكد من القنبلة التي ستنفذ. إن إسقاطه لن يتسبب في مقتل عدد كبير من المدنيين، كما أن إسرائيل تلاحقه منذ بداية الحرب – وقد أعطيت الموافقة النهائية على الهجوم، الذي تم تنفيذه بدقة.
لقد بذل الجيش الإسرائيلي جهدًا توضيحيًا كبيرًا أمس لشرح هاتين النقطتين: الأولى، أن محمد الضيف هو الذي عرّض المدنيين الذين كانوا في محيطه للخطر عمدًا، والثانية، أن الهجوم أصاب فقط المجمع الذي كان يقيم فيه محمد الضيف، ولم تصب المدنيين المتواجدين في المنطقة.
مكان محاولة اغتيال محمد الضيف في خانيونس
إن نشر الصور الجوية “قبل وبعد” يهدف إلى الرد على الادعاء الفلسطيني بأن الجيش الإسرائيلي ذبح مدنيين أبرياء، ومن المرجح أن يتم نشر أسماء العديد من القتلى وانتماءاتهم التنظيمية في المستقبل، لإثبات ذلك بأنهم أعضاء في الذراع العسكرية.
ومحمد الضيف هو ثالث مسؤول كبير في حماس يتم تصفيته في الأشهر الأخيرة. وسبقه رئيس الذراع السياسي للتنظيم صالح العاروري الذي قتل في بيروت، ورئيس الذراع العسكري مروان عيسى الذي قتل في مخيم النصيرات للاجئين. مقتل هؤلاء الثلاثة يترك يحيى السنوار وحده على رأس المنظمة، وبجانبه شقيقه محمد. لكن حماس أثبتت في الماضي أنها تعرف كيف تتعافى سريعا من إصابة قادتها، ومن المرجح أن يتم قريبا تعيين بديل للضيف، وهو ما سيكون مطلوبا للتحدي المزدوج – القيادي والعملياتي – نظرا للأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية العسكرية للمنظمة والضغط الذي يواصل جيش الدفاع الإسرائيلي ممارسته عليها.
ومن الصعب تقييم مدى تأثير عملية التصفية على المفاوضات الجارية بشأن قضية المختطفين. وقد ادعت حماس رسميًا أمس أن عملية التصفية دليل على أن إسرائيل غير مهتمة بالتوصل إلى صفقة، إلا أن الاتصالات بين الطرفين لم تتوقف حتى بعد ذلك. ومن الممكن أن يسعى التنظيم فعلاً إلى الحصول على فترة راحة الآن، في محاولة لإعادة تأهيل السنوار نفسه وإزالة الضغوط عن سكان القطاع.
والادعاءات التي سمعت في إسرائيل بأن عملية التصفية تعرض المختطفين للخطر تحتاج أيضًا إلى إثبات. ليس لدى حماس أي مصلحة في إيذاء المختطفين: فالاحتفاظ بهم كأصول حية يخدمها عدة مرات أكثر من قتلهم. منذ اللحظة التي أصبح من الواضح فيها عدم وجود رهائن في حجرة الضيف كدرع بشري، لم يكن هناك سبب لعدم مهاجمته. لقد كان مميتًا، ومن الجيد أنه تم القضاء عليه.
شروط نتنياهو:
وفي الوقت نفسه، تأتي الصعوبات التي تواجه الصفقة من اتجاه آخر، في المؤسسة الأمنية فوجئوا بـالشروط التي أدرجها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الخطوط العريضة التي تم الاتفاق عليها والتي قدمت لوسطاء من الولايات المتحدة ومصر وقطر كموقف إسرائيلي رسمي. وهذا بالأساس هو الشرط الذي وضعه نتنياهو لعدم عودة المسلحين إلى شمال قطاع غزة، وهو الأمر الذي أوضح الجيش الإسرائيلي أنه سيعرف كيفية التعامل معه.
يضاف إلى ذلك محاولة نتنياهو خلق تمثيل كاذب وكأن رئيس الموساد ديدي بارناع يؤيد التحفظات الجديدة التي وضعها، في حين أن بارنا أيد فقط أن إسرائيل ستكون قادرة على العودة والقتال إذا تبين في النهاية من المرحلة الأولى من الصفقة أن حماس لن تتقدم إلى المرحلة الثانية، والتي ستسمح بعودة جميع المختطفين.
ويثير سلوك نتنياهو الشكوك حول ما إذا كان مهتما بالتوصل إلى اتفاق مع تهديد أحزاب اليمين بإسقاط حكومته. وحقيقة أن رجاله يميلون إلى تسريب معلومات منتقاة وكاذبة من اجتماعات مجلس الوزراء ـ مما يضر بأمن الدولة ـ هي أمر مدهش بقدر محاولته بالأمس للحصول على الفضل الوحيد في اغتيال الضيف.
الرسالة التي نشرها بعد الكشف عن هوية هدف الهجوم كانت نموذجًا للإدارة السلبية: وبدلا من ينسب الفضل للمتخصصين في الشاباك والجيش الإسرائيلي، الذين أدى عملهم المكثف إلى الاغتيال، قام بنسب الفضل لنفسه.
وستكون الأيام المقبلة حاسمة بالنسبة لاستمرار المفاوضات، وليس فقط لأنها ستدرس مدى تأثير التصفية -إن وجد- على فرص إطلاق سراح المختطفين.
ومن المتوقع أن يزور برنيع قطر مرة أخرى بداية الأسبوع، وقدر مسؤولون كبار أنه “سيكون من الممكن إبرام صفقة خلال أسبوعين”، بما في ذلك ما يتعلق بالقضايا الأمنية التي تتطلب التوصل إلى حل مع مصر (وهو أمر تم التعامل معه). خلال الزيارتين الأخيرتين إلى القاهرة التي قام بها رئيس الشاباك رونان بار)، مع التركيز على مختلف الإجراءات التي سيتم اتخاذها على معبر رفح وعلى طول محور فيلادلفيا.
وهناك عقبات أخرى على الطريق، على رأسها قائمة السجناء الفلسطينيين «القدامى» الذين سيتم إطلاق سراحهم، وأيضاً رحلة نتنياهو إلى واشنطن التي من المتوقع أن تحوّل الأنظار لصالح خطابه المتوقع أمام مجلس النواب.