إسرائيل اليوم: هاريس، ومشكلة العطف لاسرائيل
إسرائيل اليوم 12/9/2024، داني زاكن: هاريس، ومشكلة العطف لاسرائيل
أول أمس، عندما بدأت اكتب هذا المقال، كتبت فقرة تلخص موقف الحزب الديمقراطي في مسألة الحرب عندنا، والمستند الى الاستطلاعات والى الجماعات التي تصوت له. وفجر أمس اطلقت هاريس هذا الموقف مع تعديلات طفيفة وبشكل يجسد الفكرة التي نشأت عن تلك البحوث، وتعبر أيضا عن ثنائية الديمقراطيين في سياستهم تجاه إسرائيل والحرب. هذه ثنائية ستجد تعبيرها بشكل واضح إذا ما انتخبت هاريس للرئاسة – إمكانية ليست بلا أساس على الاطلاق في ضوء المناظرة أيضا والتي أعطت فيها جوابا لا بأس به على أسئلة حول شخصيتها وترشيحها.
شددت هاريس في المناظرة على اعمال الذبح والاغتصاب وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. كما شددت أيضا على التزام الولايات المتحدة بان تكون لإسرائيل الأدوات (السلاح) للدفاع عن نفسها، ضد ايران ووكلائها أيضا. وفي نفس الوقت تقريبا تحدثت عن “الطريقة” التي تدافع إسرائيل عن نفسها بها وعن أنه “يقتل الكثير جدا من الفلسطينيين” – نوع من التلميح بانها ستتواصل سياسة الإدارة لابطاء وتأخير ارساليات سلاح معينة كاداة ضغط على إسرائيل.
ولا يمكن بدون الحلوى لمؤيدي الحل السياسي: ليس فقط وقف القتال وإعادة المخطوفين بل “ينبغي التقدم الى حل الدولتين، الذي فيه إعادة بناء غزة وضمان الحقوق الفلسطينية العادلة في الامن، تقرير المصير والكرامة”.
بديل للصوت الطائش
هذه السياقات المتمثلة بقليل هنا وقليل هناك وجهتها هيئة هاريس لذاك المقترع الديمقراطي الذي لا يثق بعد بهاريس وللمقترع المتردد الذي يبحث عن بديل معقول الا وهو الصوت الطائش.
حسب مسؤولين اثنين، وكلاهما شخصيتان مركزيتان في هيئة انتخابات هاريس، فور التوافق على تبديل بايدن بدأت مراجعات عميقة لمواقف الناخبين الأمريكيين في مواضيع مختلفة، المتماثلين مع الحزب واساسا أولئك الذين يوجدون في الوسط، الصوت الطائش. وقد أجريت المراجعات من خلال استطلاعات من أنواع ونطاقات مختلفة. وكذا في اللقاءات مع مجموعات مركزة. وقد تمت في كل ارجاء الولايات المتحدة، لكن في الولايات المترددة الأربعة كانت كميات الاستطلاعات والمجموعات المركزة مضاعفة: ميشغن الصناعية، بتسلفانيا الكبيرة، جورجيا الجنوبية واريزونا الغرب المتردد الذي تعد فيها مسألة المهاجرين هامة على نحو خاص.
في الاستطلاعات والمجموعات المركزة طرحت أيضا أسئلة تتعلق بالحرب في غزة وبالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. النتائج بالنسبة لهاريس لم تكن جيدة. فقد تبين انها لا تستجيب للتطلعات من رئيس امريكي. الى هذا أشار أيضا استطلاع خارجي أجرته وكالتا AP و NORC اجري في شهر آب وفيه ستة فقط من عشر ديمقراطيين اعربوا عن ثقة أكبر بهاريس من ترامب في كل ما يتعلق بمعالجة الحرب في غزة.
وشهدت النتائج على أن الجمهور الأمريكي، بعامة، ينفر من المظاهرات الصاخبة ضد إسرائيل وبالتأكيد تلك التي في الجامعات ويعبر عن عطف كبير لإسرائيل بسبب الهجوم الإرهابي في 7 أكتوبر. إضافة الى ذلك، فانه يؤيد استمرار ارساليات السلاح لإسرائيل، لكن في قسم منه لا يثق بالقيادة الإسرائيلية ان تعرف كيف تستخدمه بطرق لا تمس بابرياء فلسطينيين. الجمهور الأمريكي يبحث عن حل جوهري للنزاع، والجمهور الديمقراطي في قسمه الأكبر يرى في حل الدولتين الطريق الصحيح الى هناك.
التعاطف الأمريكي
نتائج المراجعات والاستطلاعات رأيناها في المؤتمر الديمقراطي. مسألة غزة دحرت، حتى عندما غضب المتحدثون الصاخبون عن المحافل اللاسامية والمؤيدة للفلسطينيين وهددوا بعدم التصويت، لكن هيئة هاريس لم تستسلم. كما أن وقفة والدي هرش غولدبرغ بولين الراحل، الشاب الذي اختطف وقتل، لعبت على العواطف الامريكية في الإنسانية والرحمة، العطف على الضحايا (الأمريكيين)، الحاجة الى إعادة المخطوفين وانهاء الحرب.
لكن هذه الثنائية لا توجد فقط في الرأي العام بل وأيضا في مؤسسات الحكم في واشنطن، في نوع من المواجهة بين البنتاغون ووزارة الدفاع وبين وزارة الخارجية. والشخصيات التي ستتبوأ المناصب في الإدارة التالية في هاتين الوزارتين ستؤثر على السياسة، لكن الموظفين القدامى أيضا سيكون لهم دور هام في تصميمها.
البنتاغون أقرب بكثير من موقف إسرائيل، وبالتأكيد في المسألة الإيرانية، وباستثناء خلافات معينة مع وزارة الدفاع عندنا، مثل الدخول الى رفح. كما أن إدارة الحرب في غزة نالت التأييد، وفي قسمها الأول، القوي، من الحرب بالثناء أيضا. الرأي السائد هناك هو أن تصفية قدرات حماس ضرورية لتحقيق حل سياسي. كما يعتقدون هناك بانه محظور تقييد ارساليات السلاح والذخيرة لإسرائيل الا في حالات متطرفة لان تقييد كهذا يعزز قوة اعدائها ويمس بالردع الإسرائيلي.
اما لوزارة الخارجية فيوجد رأي آخر يعتقد ان الحل السياسي يمكنه أن يؤدي أيضا الى اسقاط حماس من الحكم، وانه يوجد مكان لاستخدام كل وسائل الضغط تجاه إسرائيل – من تقييد ارساليات سلاح ضرورية وحتى تقليص المساعدة في الساحة الدولية، مجلس الامن، لاهاي وما شابه.
حسب مصادر إسرائيلية وامريكية، في مرحلة ما من الحرب، عندما كانت الحملة العسكرية في لبنان قريبة حقا كان تأخير ارسالية معينة أحد الأسباب لتأجيل الحملة. وسبق هذا التأخير جدال امريكي داخلي عاصف.
في الإدارة الجديدة، بدون قيود حملة الانتخابات هذا الجدال سيحتدم. مع رئيسة ديمقراطية اقل عطفا لإسرائيل من بايدن من المتوقع للميل أن يكون باتجاه وزارة الخارجية، فيما ستكون شخصية وزير/ة الخارجية دراماتيكية. مع ترامب غير المتوقع سيكون ضغط قوي لانهاء الحرب في اقرب وقت ممكن (حتى كانون الثاني، هكذا اعلن)، لكن من زاوية نظر نصر إسرائيلي – وبلا فرض تسوية سياسية.