إسرائيل اليوم: نحن نفقد فرصة ذهبية
إسرائيل اليوم 27/11/2024، د. يوسي منشروف: نحن نفقد فرصة ذهبية
وقف النار المتحقق مع حزب الله وان كان يتضمن إنجازا استراتيجيا في شكل فك الارتباط بين ساحات القتال في لبنان وفي قطاع غزة، لكنه في نفس الوقت يعكس تفويتا لفرصة ذهبية توجد في ايدي إسرائيل.
بطبيعة الأحوال، تبرز ايران في غيابها في اتفاق وقف النار المتحقق. فهي ليس طرفا في الاتفاق ولن تكون ملتزمة به. من غير المعقول ان توافق على أن تتخلى عن منظمة حزب الله، ذراعها الاستراتيجي المتصدر في الشرق الأوسط، الذي يؤدي دورا هاما في تحقيق خطتها لفرض الهيمنة الإيرانية في المنطقة وخطتها لابادة إسرائيل – وعليه فان ايران ستستغله، فورا بعد وقف النار، كي تحرك خطة شاملة لترميمه وحفظ هيمنتها في لبنان.
معقول أن يختار حزب الله بداية ان ينطوي على نفسه وان يرمم نفسه ومكانته، بعد أن تلقى انتقادا من أوساط قاعدته الاجتماعية في الطائفة الشيعية أيضا. بمعونة مليارات الدولارات من ايران سيفعل خطة ترميم مكثفة.
والى ذلك يجدر بنا أن نتذكر الوحدات المختلفة في فيلق القدس، المسؤولة عن تسليح وتعاظم حزب الله ستؤدي غايتها وستعمل من تحت الرادار. هذه الوحدات – وعلى رأسها وحدة 190 المسؤولة عن تهريب السلاح لحزب الله؛ والوحدة 340، المسؤولة عن تحسين الدقة، توسيع المدى وزيادة قدرات التدمير لمنظومة الصواريخ لحزب الله – انكشفت مؤخرا في وسائل الاعلام، في اطار الصراع الاستراتيجي بين إسرائيل وايران. فضلا عن ذلك، فان نشطاء حزب الله وبينهم قوة الرضوان، سيعودون لتلقي التدريب والتأهيل في ايران وبينهم من سيساعدونه في تحقيق تطلعه لاجتياح إسرائيل في اطار خطة “احتلال الجليل”.
مباديء إشكالية
في الاتفاق المتحقق تبرز مباديء إشكالية. كما ثبت مع اليونيفيل، لا يمكن لإسرائيل أن تودع امنها في ايدي دول أخرى للمساعدة في انفاذ القرار 1701. كما ان الجيش اللبناني – الذي هو المرسى الاستراتيجي المركزي في السياسة الامريكية في لبنان – مخترق من حزب الله، بعض من مقاتليه يعملون فيه كضباط هو أدنى مقارنة بحزب الله وعديم القدرة او الدافع للوقوف في وجهه، مثلما تتوقع الولايات المتحدة منه أن يفعل في إطار الاتفاق.
لقد سبق لخامينئي زعيم ايران أن اعلن ان حزب الله هو المنتصر في الحرب. رئيس اركان القوات المسلحة الإيرانية، محمد بكري، اعلن أمس بان تطلع إسرائيل لان تعيد الامن الى الشمال ليس الا وهم. رغم تصفية القيادة العليا لحزب الله وزعيمه، والضربة غير المسبوقة التي تلقاها الحزب، فان طهران تتطلع الى الامام – فهي تتمسك لبقاء حزب الله وبالهجمات المتواصلة التي نفذها، كي تدعي انتصاره ومسيرة التعلم التي ستعمل عليها كي تحسن جاهزيته للحرب التالية ضد إسرائيل.
ان غياب منطقة فاصلة يعد بان يعود حزب الله الى الحدود برعاية سكان جنوب لبنان ويستأنف التهديد الكامن الذي سيتصاعد كلما رمم – بمساعدة إيرانية مكثفة – بناه التحتية في المنطقة. بعد أن تنسحب إسرائيل من لبنان وتسرح قوات الاحتياط، سيصعب عليها العودة الى القتال المكثف ضد حزب الله. وغياب جهاز مطلق يضمن لها حرية العمل في الحالات التي يخرق فيها حزب الله في الاتفاق، برعاية ايران، يدل على ان إحساس تفويت الفرصة الذي يشعر به الكثيرون في إسرائيل محق.
ان الإنجازات الهامة التي حققتها إسرائيل في ميدان المعركة في لبنان لا تترجم في الاتفاق المتحقق الى مباديء تضمن اهداف هذه الحرب التي اعدت لتثبت ان إسرائيل لم تعد أسيرة للمفهوم المغلوط لـ 6 أكتوبر. فضلا عن هذا، فانه طالما لم تعالج ايران – التي تدير منظومة الوكلاء، والتي حزب الله هو فيها “درة التاج” – فمن المتوقع لها أن تواصل تآمرها في لبنان كي لا يتضعضع احتلالها له من خلال حزب الله.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook