إسرائيل اليوم: معضلة جنوب غزة: لا بديل عن ترحيل كل السكان «مؤقتاً» إلى مصر!

إسرائيل اليوم 2023-11-14، بقلم: آفي برئيلي*: معضلة جنوب غزة: لا بديل عن ترحيل كل السكان «مؤقتاً» إلى مصر!
في الأفق القريب للمعركة في غزة سنقف أمام مسألة جنوب القطاع.
إن إخلاء معظم غير المقاتلين من شمال القطاع يقترب على ما يبدو من الاستنفاد في الأيام القريبة القادمة. ففي الأيام الأخيرة، خرج جنوبا اكثر من 200 ألف نسمة – حقيقة مفرحة ستقلل المصابين في أوساطهم. محاولات “حماس” لمنع الإخلاءات بمعاذير “وطنية” شرانية تصب مزيدا من الضوء على طبيعتها النكراء.
إن تطهيرا تحت أرضي في الشمال، بما في ذلك القيادات الأساسية التي تحت المستشفيات سيستغرق مزيدا من الزمن، في الوقت الذي مسألة إنقاذ المخطوفين وموقعهم في شمال القطاع أو في جنوبه ستبقى تشغل بال جهاز الأمن كله.
لكن السؤال عما نفعله بجنوب القطاع، والذي تتمترس فيه أيضا “حماس” من فوق الأرض وتحتها، سنواجهها حتى قبل إنهاء الفصل الشمالي في المهمة المزدوجة التي كلفت بها الحكومة الجيش وباقي أجهزتها الأمنية – اقتلاع “حماس” من كل القطاع وتحرير المخطوفين.
في جنوب القطاع، تجمع مئات آلاف اللاجئين الذين أضيفوا إلى السكان الدائمين بدير البلح، خان يونس، رفح ومخيمات “اللاجئين الدائمة” هناك (من الآن فصاعدا سيتعين علينا أن نتحدث عن لاجئين حقيقيين وعن “لاجئين” مستجدين، الذين هم أبناء أحفاد لاجئين برعاية وكالة الغوث “الأونروا”). لكن “حماس” تتمترس أيضا في الجنوب منذ بداية، بالطبع، وينبغي الافتراض أن قسما من مخربيها فروا وغيرهم سيفرون إلى هناك من الشمال.
لا نعرف – وهذا أفضل، بالطبع، ما هي خطط الجيش للمرحلة الجنوبية من المعركة، والتي من شبه المؤكد ستبدأ حتى قبل استكمال تطهير الشمال. لكن مثلما في الشمال في الجنوب أيضا، فإن غير المقاتلين ومصيرهم في زمن الهجوم هو مسألة حرجة، عملياتيا وأخلاقيا. فواجب اقتلاع “حماس” من الجنوب أيضا هو واجب أمني وأخلاقي وينبغي تسويته مع التطلع للامتناع عن المس بغير المقاتلين، والذي يميزنا عن العدو.
إن السبيل للتسوية بين الأمرين تحدد منذ المرحلة الشمالية من المعركة في القطاع – إخلاء غير المقاتلين. لكن هذه المرة يبدو انه لا يوجد إلى أين يمكن إخلاؤهم. إخلاؤهم شمالا سيشوش تماما القتال في الشمال الذي سيستمر لزمن طويل آخر.
لا يمكن للجيش أن يوافق على عملية تنزع منه إمكانية أداء مهمته. لداخل إسرائيل نفسها من غير الوارد إخلاء سكان صدّروا من داخلهم عصابات قتلة، مغتصبين وساديين انضموا إلى مخربي “حماس” في 7 أكتوبر. مصر اقترحت اقتراحا سخيفا كهذا وأعلنت عن رفض تام لاستيعاب اللاجئين من غزة حتى وان كان بشكل مؤقت. فهي ترى لنفسها واجبها قوميا مقدسا في الإبقاء على “القضية الفلسطينية”. من ناحيتها، فليتعذب اللاجئون بل يصابوا بالأذى.
يوجد خط يربط بين معاملة “حماس” البربرية مع السكان غير المقاتلين وبين معاملة مصر غير الإنسانية للاجئين. لكن وضع أمور كهذا يكسب إسرائيل إمكانية فاعلة للضغط على مصر. إن تعلن أن الحرب لن تنتهي طالما لا تتمكن من اقتلاع “حماس” من جنوب القطاع ومواصلة تحرير المخطوفين.
إذا لم يكن بوسع إسرائيل العمل بشكل حر لاقتلاع “حماس” وتصفيتها في جنوب القطاع، واستكمال تحرير المخطوفين – فستحبط إرادة الولايات المتحدة، باقي القوى العظمى الغربية والدول العربية السُنية للبدء بإعادة عموم السكان إلى القطاع (أولئك منهم ممن لا يرغبون بالهجرة من المنطقة) وتعمير القطاع. كل هذا بينما الاكتظاظ في جنوب القطاع شديد جدا ووجود المكان على حافة تفاقم الأزمة الإنسانية.
يوجد مجال للأمل، إذاً، في أن تطلب الولايات المتحدة من مصر أن تستوعب مؤقتا سكان القطاع كلهم في شمال سيناء، في رفح المصرية وفي أماكن أخرى، فيما يسند الطلب بروافع ضغط شديدة التأثير. في البلاد كثر، مؤخرا، الحديث عن السيطرة المستقبلية لإسرائيل في القطاع عن الاضطرار لها لغرض تعمير النقب الغربي بأماكن، وعن طبيعة الإدارة الذاتية المدنية في القطاع. بالفعل مهم تخطيط “اليوم التالي”، وأساسا الشفاء من الروتين الخبيث لتعابير أوسلو مثل “شرطة محلية قوية”. لكن قبل هذا يجب ضمان تنفيذ المهمة العملياتية في جنوب القطاع.
* بروفيسور مؤرخ في جامعة بن غوريون في النقب.