إسرائيل اليوم: ما فوتناه في حرب لبنان

إسرائيل اليوم 2/12/2024، ايال زيسر: ما فوتناه في حرب لبنان
حرب لبنان الثالثة انتهت، بفرض الا تستأنف مع دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض في نهاية كانون الثاني 2025. في حينه ستنتهي المرحلة الأولى، مرحلة الاختبار، في تنفيذ اتفاق التسوية بين لبنان وإسرائيل. في الوقت الذي يحتفل فيه حزب الله في لبنان بانتصاره كما شرح زعيمه، نعيم قاسم: نجونا من محاولة تصفيتنا ولهذا فاننا نحن الذين انتصرنا”، في إسرائيل الإحساس هو إحساس امتعاض حتى اكثر مما في نهاية حرب لبنان الثانية، التي دخلنا اليها دون معلومات استخبارية نوعية عن حزب الله وكذا دون حماية من الصواريخ التي اطلقها نحونا، ودون أن نؤمن بقدرة القوات البرية على التصدي له. كل هذا اجبر إسرائيل في حينه على الانثناء والاكتفاء بقرار 1701، “قرار مثقب” كان واضحا أن حزب الله لن يلتزم به.
اما هذه المرة فقد كانت نقطة البدء مختلفة، ومع ذلك نحن ننهي المعركة باحساس من التفويت. يحتمل الا يكون هناك خيار آخر، لكن ينبغي الامل الا يكون لاحد منا أوهام بانه يوجد “لبنان آخر”، وان الحكومة او الجيش اللبناني سيرغبان ان يستطيعان “ترويض” حزب الله او ان يلتزم اليونيفيل وامثاله الذين فشلوا في مهمتهم على مدى العقدين الأخيرين به هذه المرة.
من الأفضل لنا ألا نتنبأ بما سيكون في المستقبل، بل ان نحاول أن نفهم لماذا فوتنا الفرصة التي وقعت في أيدينا لهزيمة حزب الله.
بداية حملة “سهام الشمال” (في الجيش حتى لم يسموها حربا) في أيلول 2024، ونهايتها أيضا – جاءتا على نحو مفاجيء وكانتا نتيجة لكثير من الاحداث على طول الحدود او في الساحة الحزبية والسياسية في إسرائيل. لهذا السبب دخل الجيش الى المعركة مع هدف حد ادنى – إعادة سكان الشمال الى بيوتهم، ومن هنا أيضا مع خطة حد ادنى، عديمة المخاطر في ظل الخوف الشمال الذي ساد في حينه من حزب الله. أساس المعركة كان احتكاكا محدودا مع حزب الله على طول الحدود وتوجيه ضربة واقية لقدراته.
غير أنه من اللحظة التي تبين فيها ان الخوف من حزب الله كان مبالغا فيه، وبعد أن تبددت توقعات الرعب عن قدرته على اطلاق الاف الصواريخ كل يوم، على شل الحياة في إسرائيل والتسبب بالاف القتلى كان ينبغي تغيير اهداف الحرب وسياقها.
يدور الحديث أولا وقبل كل شيء عن الحاجة لجباية ثمن باهظ من المنظمة ومن الدولة اللبنانية، التي تتعاون معها وتمنحها رعاية، بشكل يغير عمودها الفقري، ينزع منها قدرات ويخلق ردعا لسنوات طويلة الى الامام.
غير ان إسرائيل امتنعت عن مهاجمة الدولة اللبنانية ومؤسساتها بسبب ضغط امريكي او لانه يوجد لدينا من يتحلى بالاوهام بانه يوجد لبنان آخر. كان ينبغي فقط ان نتذكر بان الأصوات الصادرة عن لبنان وكأن اللبنانيين كلهم ضد حزب الله ليست سوى عرضا عابثا إذ ان هؤلاء لم يعملوا ولن يتجرأوا على العمل ضده.
لا يدور الحديث عن ضرب البنى التحتية الحيوية في لبنان، الامر الذي كان سيثير انتقادا في واشنطن بل عن ضرب البنى التحتية ورموز الدولة وكذا الجيش اللبناني، المتعاون مع حزب الله، في معاقل المنظمة في الجنوب وفي اللبقاع اللبناني.
إسرائيل تقريبا لم تمس بالذراع السياسي والاجتماعي للمنظمة، وفي مؤسساتها وفي مشاريعها الاقتصادية. لماذا فقط عشية الإعلان عن وقف النار تذكرنا تنفيذ هجوم “نهاية” ضد عشرين هدفا في قلب الضاحية، ولم نهاجم بقوة مشابهة بل وبقوة اكبر على طول الأشهر الأخيرة. وأخيرا، من اللحظة التي تبين فيها ان مخربي حزب الله لا يشكلون تهديدا على مقاتلي الجيش، كان يمكن بل وينبغي تعميق المناورة البرية الى قلب حزب الله في جنوب لبنان.
يحتمل انه كانت للمستوى السياسي أسباب وجيهة للموافقة على وقف نار مع حزب الله ومنحه بذلك حبل نجاة. لكن لا يزال صعبا الفهم كيف ان حرب الوجود التي خرجنا اليها في اعقاب 7 أكتوبر تحولت في الساحة اللبنانية الى حملة عسكرية محدودة ومقصقصة. لا يتبقى الا الامل في أنه مع نشوب حرب لبنان الرابعة، التي بدأ العد التنازلي لها الأسبوع الماضي، سنتبارك ليس فقط بمقاتلين رائعين ومعلومات استخبارية فائقة بل وأيضا بمسيرة أكثر جدارة من التخطيط واتخاذ القرارات.