ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: لا توجد دول مضيفة

إسرائيل اليوم – د. يهودا بلنجا – 6/2/2025 لا توجد دول مضيفة

في الحرب العالمية الثانية قتل أكثر من 60 مليون انسان. أجزاء واسعة من أوروبا أصبحت جزر خرائب، وحجوم الدمار في المانيا واليابان كانت هائلة. ملايين الالمان واليابان بقوا بلا مأوى وبلا غذاء والبنى التحتية المدنية في هاتين الدولتين انهارت تماما تقريبا. لكن في الوقت الذي وضع فيه الامريكيون الخطط لاعمار المانيا (في اطار “مشروع مارشال”) واليابان – احد في واشنطن لم يفكر بنقل السكان في هاتين الدولتين الى مكان آخر. الحقيقة هي أن العملية استغرقت سنوات لكنها تمت بمشاركة المجتمعات المدنية ومواصلتها حياتها اليومية الى جانب الدمار والخراب.

ظاهرا، اعلان الرئيس ترامب بان الولايات المتحدة “ستسيطر على غزة وتقوم فيها بالعمل” دراماتيكي وثوري. ترامب يسعى لان يحول عش الإرهاب في القطاع الى “ريفييرا الشرق الأوسط”، واذا ما حاكمنا الأمور وفقا للوضع في غزة – فان منطلق ترامب صحيح: حسب معطيات الأمم المتحدة فان نحو 92 في المئة من البيوت فيها ونحو 60 في المئة من المباني بما فيها المدارس والمستشفيات، تضررت او دمرت في السيوف الحديدية. لا يبدو أنه سيكون ممكنا في السنوات القريبة القادمة إدارة حياة طبيعية في غزة، وبالتالي، في سابقة تاريخية هناك حاجة لان يخلى سكانها منها. الى اين؟ هذا يبقى سؤالا مفتوحا. 

من تثور حفيظتهم لمجرد هذه الفكرة، هم بالطبع الدول العربية، واساسا تلك التي يحددها الرئيس الأمريكي كمقصد لاستيعاب اللاجئين – مصر والأردن. لا حاجة للتوسع لماذا: مسائل امنية واجتماعية توجد على المحك، ولكن أساسا اقتصادية. لا الملك عبدالله ولا الرئيس عبدالفتاح السيسي بقادرين على أن يستوعبا مئات الاف اللاجئين، ويوفرا لهم السكن، الغذاء والرزق. 

يخافون من مظاهرات عنيفة

الى هذا ينبغي أن يضاف، بالطبع، العطف والتضامن من الشارع العربي مع الفلسطينيين، الرغبة في رؤية قيام دولة فلسطينية، الكراهية الهائلة لإسرائيل وللولايات المتحدة. وعليه فان كل زعيم عربي، وبالتأكيد عبدالله والسيسي – يوافق على التعاون مع خطة الاقتراح التي يطرحها ترامب من شأنه أن يلتقي معارضة عظيمة من الداخل، في شكل احتجاجات ومظاهرات عنيفة، لانه لا يمكن لاي عربي ان يوافق على أن يكنس القضية احد ما القضية الفلسطينية من تحت البساط.

أمر إضافي، يقلق العرب حتى اكثر من هذا، هو مجرد الاستعداد ا لامريكي للحكم في غزة وارسال الجنود اليها. بعد سنوات من التجربة المريرة لا يوجد في العالم العربي جنون اضطهاد اكبر من “الاستعمار الغربي” – وامس اعطى ترامب الإشارة لتجسد الكابوس الذي يلاحقهم منذ بداية القرن الماضي. وعليه، فان الأصوات التي تسمع من الرياض، من القاهرة ومن عمان هي المعارضة المطلقة والقاطعة للفكرة، في ظل إعطاء اسناد مطلق لحماس في غزة او للسلطة الفلسطينية في الضفة. من بالغ في العمل كان الأردنيون حين تقدم بعض من أعضاء البرلمان بمشروع قانون “يمنع طرد الفلسطينيين الى الأردن”. 

وأخيرا – الى اين يأخذ اقتراح ترامب حماس؟ بافتراض أن الحديث يدور عن خطة جدية وواقعية لاعمار القطاع، فما هي مصلحة منظمة الإرهاب لمواصلة باقي مراحل الصفقة مع إسرائيل؟ اذا كان الغد يطوي لحماس على نزوح وابعاد – فلماذا سترغب في تحرير الـ 79 مخطوفا الذين في ايديها وتكمل الاتفاق مع إسرائيل؟

لقد جلب ترامب روحا جديدة وابداعية لولايته الثانية في البيت الأبيض لكن في الظروف الحالية في الشرق الأوسط، لا يبدو أن سياسة “الاعمال التجارية” خاصته ستصبح واقعا. 


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى