إسرائيل اليوم: كيف نحفظ إنجازات الحرب

إسرائيل اليوم – ايال زيسر – 29/6/2025 كيف نحفظ إنجازات الحرب
الإعلان عن تحقيق اتفاق لوقف النار بين إسرائيل وايران بالذات في اللحظة التي بدا فيها ان ايران تجثم تحت ثقل الضربات التي تلقتها، أعاد الكثيرين منا الى تشرين الثاني 2024، عند الإعلان عن وقف النار، في حينه ايضا بضغط امريكي، والذي أدى الى انهاء الحرب ضد حزب الله في لبنان. في الحالة اللبنانية أيضا اثار الإعلان عن وقف النار مفاجأة بل واحساس بالامتعاض، اذ ان هذا اعتبر كالقاء حبل نجاة لحزب الله في الوقت الذي وجد التنظيم نفسه ملقيا على الأرضية في اعقاب الضربات التي تلقاها. وعلى أي حال ثار التخوف من أن وقف النار سيسمح لحزب الله بان يعيد بناء قوته، وانه لن يبعد اليوم الذي سيحاول فيه مرة أخرى رفع رأسه والعمل ضد إسرائيل.
غير أنه لشدة المفاجأة، فان النموذج اللبناني لوقف نار مشروط في اطاره أعطيت لإسرائيل يد حرة لمعالجة كل تهديد او خرق للاتفاق، اثبت نفسه الان. فإسرائيل لم ترفع للحظة القدم عن الدواسة، وباسناد امريكي كامل واصلت الضغط بكل القوة على حزب الله وضربه في كل مرة حاول فيها استئناف تهريب السلاح الى لبنان وإعادة بناء قوته. النتيجة رأيناها في اثناء الحرب مع ايران، عندما امتنع تنظيم حزب الله عن خرق الهدوء على طول الحدود رغم التخوف من انه لن يصمد امام الاغراء او الضغط الإيراني وسينضم الى المعركة.
النموذج اللبناني يجب نقله الى ايران أيضا إذ بهذه الطريقة فقط يمكن حفظ وضمان إنجازات الحرب، وهذه كثيرة بل وتاريخية. فبعد كل شيء، بعد 12 يوما من حرب ايران الأولى عادت إسرائيل رسم وجه الشرق الأوسط وتحولت الى القوة العسكرية العظمى المتصدرة فيه فيما دحرت ايران الى الزاوية وتركت حتى تركيا اردوغان في الخلف.
منذ استولى نظام ايات الله على الحكم في طهران قبل 46 سنة، كرس نفسه لمهمة واحدة – إقامة مجال سيطرة ونفوذ يمتد حتى شواطيء البحر المتوسط والمحيط الهندي، مجال يوجد فيه لإيران فروع وقواعد في كل المنطقة العربية بدء باليمن، مرورا بالعراق، سوريا، غزة ولبنان. لاجل ضمان تحقيق أهدافها عملت ايران على نيل قدرة نووية وترسانة صواريخ قادرة على التهديد على كل نقطة في الشرق الأوسط وفي المستقبل على أوروبا أيضا.
لقد اعتبرت إبادة إسرائيل كهدف ضروري في طريق ايران للعودة لتصبح قوة عظمى مسيطرة في الشرق الأوسط، إضافة الى انها خدمت الاماني الأيديولوجية لنظام ايات الله. في هذا المشروع، الذي حمل اسم “محور المقاومة” او على لساننا “محور الشر” استثمرت ايران مئات مليارات الدولارات وفي واقع الامر كانت مجندة كلها وكليلها لهذا المشروع كهدف أساس بل وحتى وحيد لها.
غير أن كل هذا ضاع الان هباء، على مدى السنتين الأخيرتين صفي الواحد تلو الاخر معاقل ايران في غزة، في بيروت وفي دمش، فيما انه صفي الان مشروعها النووي وتضرر بشدة مشروع تطوير الصواريخ بعيدة المدى. لقد إعادت الحرب آيات الله الى النقطة التي بدأوا طريقهم بها قبل خمسة عقود، بعد أن فقدوا كل الاستثمار الهائل الذي استثمروه في هذا المشروع، والذي كان يمكنه أن يستثمر في تنمية الدولة وفي رفاه سكانها. كل إيراني يفهم هذا، وساعة حساب النفس مع إخفاقات النظام لا بد ستأتي بلا شك في يوم من الأيام.
المشكلة هي ان النظام الإيراني مصمم على أن يرمم ما دمر وان يواصل طريقه، كما انه لا يخفي نيته هذه. فكل جوهر وغاية وجوده هما الكفاح لابادة إسرائيل وفرض الإرادة الإيرانية على الشرق الأوسط.
من المهم إذن الوصول الى تفاهم مع الأمريكيين، يقضي مثلما في حالة لبنان ورغم الفوارق بين الساحتين في حالة ايران أيضا ستحفظ لإسرائيل وبالطبع للولايات المتحدة أيضا يد حرة للعمل في كل مرة تشخصان فيه تهديدا ناشئا او محاولة من الإيرانيين استئناف المشروع النووي ومشروع صواريخهم.
والا، فسيبدأ العد التنازلي نحو جولة المواجهة التالية بيننا وبين ايران، وانجازاتنا في هذه الحرب ستضيع هباء.