إسرائيل اليوم: قبل أن يتآكل ما بقي من ردع في الشمال
إسرائيل اليوم 2023-07-08، بقلم: يوآف ليمور: قبل أن يتآكل ما بقي من ردع في الشمال
الصداع متعدد الجبهات، الذي رافق إسرائيل في عيد الفصح الأخير، يهدد بالتعاظم مرة أخرى، بعد أن أضيف إلى موجة “الإرهاب” في الضفة، وإلى نار الصواريخ من غزة، هجوم في “هار دوف”، أول من أمس.
ظاهراً، لا توجد صلة بين الأحداث. في الجيش الإسرائيلي قدروا عشية الحملة الأخيرة في جنين أنه يحتمل حدوث عمليات ثأر في أثنائها أو بعدها. إحداها كانت العملية التي نفذها في تل أبيب ماكث غير قانوني من الخليل. لكن محافل الأمن لم تعرف كيف تربط، أول من أمس، “المخرب” الذي نفذ العملية في “كدوميم” وأحداث الأيام السابقة، لأنه ليس له أي خلفية أمنية سابقة.
ومع ذلك، تفيد تجربة الماضي بأنه في الغالب من الصعب القطع بين الأحداث المختلفة. فلحجم التحريض الهائل في الشبكة، والذي ترافق ودعوات صريحة للخروج والثأر من الإسرائيليين على الحملة في جنين، يوجد تأثير لا بأس به على الشارع الفلسطيني. إلى جانب الضغط الذي تمارسه منظمات “الإرهاب” المختلفة، وعلى خلفية عجز أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، يوجد ارتفاع واضح في كمية الإخطارات ومحاولات العمليات.
في مسعى للتصدي للموجة وقمعها غمر الجيش الإسرائيلي المنطقة بالقوات. المخرب، الذي وصل، أول من أمس، إلى “كدوميم” اصطدم بمقاتل سعى ليفتشه فأطلق النار عليه. هذه النتيجة قاسية بالطبع، لكنها أفضل من المس بالمدنيين مثلما حصل في العملية الأخيرة في “عيلي”.
إن دور قوات الأمن هو الفصل بين “الإرهاب” والمدنيين. على الجيش الإسرائيلي أن يشدد الإجراءات الهجومية مثلما فعل في جنين كي يدحر “المخربين” إلى الدفاع عن النفس والاختباء، لكن عند الحاجة أن يكون حاجزاً جسدياً يمتص الضربة.
يمكن التقدير أن موجة “الإرهاب” هذه ستستمر أيضاً في الفترة القريبة القادمة في الضفة وفي نطاق الخط الأخضر. مقلقة هي حقيقة أن جبهة الشمال تستيقظ مرة أخرى، أول من أمس، مع إطلاق صاروخ مضاد للدروع من “هار دوف” باتجاه قرية الغجر. في الجيش الإسرائيلي لم يقرروا من هو المسؤول عن هذا الإطلاق، “حزب الله” أم منظمة فلسطينية، وهل هو يرتبط أيضاً في حدث الأسبوع في الضفة. ظاهراً النتائج الهزيلة لإطلاق الصاروخ يفترض أن تفيد بأن هذا ليس “حزب الله”. فللمنظمة الشيعية تجربة كبيرة في إطلاق فتاك لصواريخ مضادة للدروع، ويبدو أنه في هذه المرة قامت جهة هاوية أكثر بكثير لتكون مسؤولة عن العملية. هذا ينبغي أن يهم إسرائيل أقل؛ “فـحزب الله” هو المسؤول عن المنطقة التي نفذت منها النار (ويبقيها كأرض موضع خلاف مع إسرائيل)، وبالتالي فإن المسؤولية عن إطلاق الصاروخ تقع عليه بكاملها.
بعد إطلاق عشرات الصواريخ في الفصح ادعوا في إسرائيل أن “حزب الله” دعا “حماس” وأوضح لها أنه لن يسمح بنار عشوائية بلا تنسيق. حدث مشابه آخر في زمن قصير جداً يدل على انعدام سيطرة “حزب الله” في الميدان أو على إقرار بالغمز لـ”حماس” مع تفضيل واضح للإمكانية الثانية.
إسرائيل يمكنها بالطبع أن تلعب لعبة يخيل لي قدر ما تشاء، لكن إذا واصلت عمل ذلك فستجد نفسها تواجه الواقع في ظروف أقل جودة. وهي على أي حال نجت في آذار الماضي من عملية قاسية عندما تسلل “مخرب” يحمل عبوة ناسفة فتاكة سربها “حزب الله” من لبنان وفشل في مجدو. ويخيل أنه منذئذ رفع “حزب الله” فقط مستوى الجرأة. المثال قبل الأخير على ذلك كانت الخيام التي نصبتها منظمة “الإرهاب” في الأرض الإسرائيلية في “هار دوف”، ولم تُخلَ بعد. في ضوء إطلاق الصاروخ، أول من أمس، يخيل أن خيراً تفعل إسرائيل إذا ما أخلتها على الفور، كي تعيد ترتيب الأمور إلى سابق عهدها قبل أن يتآكل الردع في الشمال أكثر فأكثر.