إسرائيل اليوم: فرصة لانعطافة استراتيجية وتاريخية
إسرائيل اليوم 2/10/2024، دادي سمحي*: فرصة لانعطافة استراتيجية وتاريخية
تنقض دولة إسرائيل على السنة الجديدة بتصفية تاريخية لنصرالله، بغارات جوية دراماتيكية على اليونان واليمن وبتغيير ميل مذهل، في الحرب الأطول في تاريخ الدولة الشابة.
السنة الماضية بدأت بالكارثة الأكبر منذ قيام دولة اليهود. كارثة وطنية، مذبحة عديمة الرحمة لمواطني إسرائيل، قصور عسكري وسياسي لا يغتفر ولا يكفر عنه. على مستواي الشخصي – كارثة عائلية قتل فيها ابني غاي، مقاتل في وحدة المظليين، الذي قاتل بيدين فارغتين مخربي حماس وانقذ 30 من رفاقه.
مرت السنة بدنك، بانفاس مخنوقة وببكاء ودموع، ببطولة مقاتلين ومقاتلات. سنة حرب في الجبهة وفي الجبهة الداخلية، مئات المخطوفين، عشرات الاف النازحين في بلادنا، ضربة شبه قاضية للردع الإسرائيلي وحفرة عميقة في القلب. فراغ اسود يتسع من يوم الى يوم وشوق للابن لا ينقضي بل يترسخ اعمق فأعمق في القلب وفي الروح، شوق لابن الشيخوخة، لابتسامته، لعناقه ولضجيج خطاه.
فجأة، عشية بدء السنة الجديدة وكأن بدولة إسرائيل غيرت جلدتها، أبدت في أعماق مخزونات الامة ممزقة القلب لكن المتنفسة بشجاعة، المبادرة، الجرأة والحزم. فقد بدأ المستوى السياسي والعسكري يعمل وفقا لوصايا الملك داوود لابنه سليمان. “بقوة وشجاعو إفعل. لا تخاف ولا تتردد”. نحن نشهد انعطافة استراتيجية في الشرق الأوسط. فتصفية نصرالله تخلق فرصة لنظام جديد. تفكيك حزب الله يحتمل أن يؤدي الى عودة لبنان الى اللبنانيين وتدمير الفرع الأساس لإيران على حدودنا. في الجنوب، حماس التي نزعت الأغلبية الساحقة من قوتها العسكرية يستوجب استمرار الهجوم وتحقيق خطوة الحصار على شمال القطاع وممارسة ضغط شديد على السنوار اذا كان لا يزال حيا ليعيد كل المخطوفين الاحياء وغير الاحياء مقابل نفيه الى دولة ثالثة.
في اليمن أوضحت الهجمات للحوثيين بانهم قريبون جدا من ان تعمل إسرائيل على نقلهم الى الوضع الذي يوجد فيه حزب الله وحماس.
عندما سنصل الى معالجة رأس التنين، ايران، علينا أن نتذكر بان الهدف الأساس لخامينئي هو الحفاظ على حكمه في الدولة في وجه الاضطراب المدني المتصاعد. علينا ان نتذكر بان حماس، حزب الله والحوثيين الذين شكلوا “طوق النار حول إسرائيل”، كانوا بالتوازي جزءاً من الجهات التي كانت مهمتها ان تكون طوقا امنيا لحماية نظام آية الله. بعد أن فككت إسرائيل هذا الطوق الخانق، الحكم في طهران اصبح اكثر هشاشة واكثر خوفا على استمرار وجوده. الشعب في ايران الذي لم ينسَ ولم يهجر احتجاج الحجاب سيحاول إعادة تحرك الاحتجاجات، اذا فهم بان هذه المرة ستدعمه دول الغرب وتساعد في جهوده.
شرق أوسط جديد، حقا
يرى مواطنو الشرق الأوسط ما حصل للدول التي واصلت القتال ضد إسرائيل: سوريا تفككت، ومثلها العراق، ليبيا واليمين. الدول التي صنعت سلاما مع إسرائيل حتى وان كان سلاما باردا تتطور وتحسن وضعها: مصر، الأردن، اتحاد الامارات، البحرين والمغرب، وعلى الطريق ربما السعودية.
لقد نشأت إمكانية حقيقية لـ “نظام جديد” يؤثر على الغرب أيضا. على إسرائيل أن تواصل المبادرة الهجومية كي تحرك الخطوة الجغرافية – الاستراتيجية هذه وتخلق الظروف التي تؤدي الى انضمام دول عربية أخرى.
هذا التغيير العميق سيؤثر أيضا على الموقف من النزاع مع الفلسطينيين. واضح اليوم للجميع بان حل الدولتين لم يعد واردا في المستقبل القريب. وسيتعين على القيادة الفلسطينية ان تستوعب بان إسرائيل لن توافق على المخاطرة بمواطنيها وانه يمكن إيجاد حل لحياة آمنية للطرفين.
في السنة الماضي شهد شعب إسرائيل الكارثة الأخطر والنجاح الأكبر. مع حلول السنة الجديدة علينا أن نواصل زخم النجاح ونشد على ايدي من يعمل على هذه المهمة. الان هو الزمن للقتال، للانتصار ولتغيير الشرق الأوسط من اجل الأجيال القادمة. ولاحقا سيكون الزمن لحساب النفس للجميع ولنا الزمن لان نحزن ونبكي اعزائنا الاحبة الذين رحلوا دون عودة. سنة طيبة لكل شعب إسرائيل.
*عميد احتياط ومأمور الاطفائية سابقا