ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: فرصة إسرائيلية لتصفية الحساب مع إيران

إسرائيل اليوم 2023-05-13، بقلم: يعقوب نيغل: فرصة إسرائيلية لتصفية الحساب مع إيران

في ظل التوتر والتدهور في الجنوب، تمارس ايران ضغطا على “حماس” (وربما أيضا على “حزب الله”) للرد بحدة وجباية ثمن على العملية الإسرائيلية تجاه “الجهاد الإسلامي” في غزة. هذا جزء من الجهد الإيراني المتواصل لجر إسرائيل الى معركة متعددة الجبهات، بينما تبقى ايران نفسها خارج دائرة المواجهة بشكل مباشر، في هذه المرحلة على الأقل.

تواصل ايران خرق الاتفاقات التي وقعت عليها، فهي تمس بحقوق الانسان في الجمهورية الإسلامية وفي أوكرانيا، وتدعم روسيا في حربها في أوكرانيا، وتحسن العلاقات مع السعودية وسورية، وتمول منظمات “الإرهاب” في ارجاء العالم بعامة وفي إسرائيل بخاصة. رغم كل هذا، في الولايات المتحدة لا يزال هناك من يتجرؤون على أن يطرحوا مرة أخرى أفكارا عن صفقة نووية جزئية.

عن العبث الذي في صفقة نووي كهذه كتب الكثير، ومع أن مثل هذا الاتفاق قد يحقق للغرب مهلة بضعة أسابيع أو اشهر في وصول ايران لمادة مشعة للقنبلة، وبالتوازي يؤدي الى تخفيف في العقوبات يتيح للنظام إعادة البناء الاقتصادي ومواصلة تمويل ودعم الإرهاب، يحتمل أن يكون الإيرانيون يقومون (مرة أخرى) بالعمل عن إسرائيل فيرفضون الصفقة. في ظل اتفاق، توقع عليه القوى العظمى، بما فيها الولايات المتحدة، سيكون من الصعب جدا على إسرائيل ان تهاجم وحدها.

تغيير الفكر

لا شك أن ايران وقفت جزئياً على الأقل خلف الهجمات الأخيرة على إسرائيل بوساطة “حماس” و”حزب الله”، وهي تدفع نحو مواجهة في خمس ساحات: لبنان، سورية، غزة، الضفة، والقدس.

هذا هو الوقت لتحقيق التغيير في مفهوم الامن الذي بادر اليه نتنياهو في عامي 2017 – 2018، ومعاقبة ليس فقط اولئك الذين يهاجمون إسرائيل، مثلما فعل الجيش و”الشاباك” في الأيام الأخيرة تجاه “الجهاد الإسلامي” في غزة، بل أيضا الذين يمولونهم ويبعثونهم ويتوقعون أن يبقوا محصنين، أي ايران. العقاب ليس ملزماً ان يأتي فوراً، ما من شأنه أن يدهور المنطقة الى حرب شاملة. توجد طرق كثيرة لمعاقبة واضعاف ايران بشكل غير مباشر، بما في ذلك من الداخل من خلال دعم المتظاهرين.

ستصل المعركة تجاه ايران اغلب الظن الى مواجهة مباشرة وواسعة في السنوات القادمة. فهي ملزمة بأن تستعد بحكمة، وأن تعرف كيف تستغل مواجهات محلية، تبادر إيران الى القسم الأكبر منها وتشجعها، وكذا مواجهات داخلية في ايران كأداة لاضعاف النظام قبيل المواجهة الواسعة.

تعنى ايران بالاستعداد لمواجهة طويلة السنين. احدى القواعد المركزية في العقيدة الإيرانية هي بناء قدرات مكثفة من السلاح والمقاتلين حول إسرائيل بحيث تنضم عند الحاجة الى الجهد العام.

في هذه الاثناء، تبني ايران في لبنان “حزب الله” كقوة مركزية للمواجهة المستقبلية. فقد سلحت التنظيم بمئات آلاف الصواريخ لمديات مختلفة، وبسلاح مضاد للدروع، وبمسيرات، وبقدرات استخبارية ووسائل أخرى. من شأن السلاح الدقيق أن يشكل سلاحا محطما للتعادل في معركة مستقبلية، ولهذا فان إسرائيل تدير معركة متواصلة وواسعة لمنع التهديد أو لتقليصه، كجزء من المعركة بين الحروب.

في سورية تحاول ايران في السنوات الأخيرة، برعاية الحرب الاهلية والمساعدة لنظام الأسد، بناء قدرات موازية لتلك التي تبنى في لبنان. تحاول طهران التموضع في سورية من خلال بناء قوة عسكرية ذات مغزى تقوم على أساس مليشيات شيعية، من خلال توريد وإنتاج السلاح الدقيق للقوات في سورية ولـ “حزب الله” في لبنان.

تسلح ايران جيش سورية بسلاح متطور بدلا من السلاح الذي استخدمته في الحرب الاهلية والسلاح الذي دمر في الهجمات الإسرائيلية. بل بدأت الجمهورية الإسلامية، مؤخرا، بتسليح السوريين بمنظومات دفاع جوية، وذلك بديلا عن المنظومات الروسية التي نقلت الى أوكرانيا.

في غزة وفي الضفة تدعم ايران بشكل مكثف ومتواصل “حماس” و”الجهاد الإسلامي” بسلاح متطور وميزانية جارية وتشجعهما على مهاجمة إسرائيل.

بعض القدرات التي تبنيها ايران وان كانت مخصصة للقتال الجاري إلا أن القسم الأكبر منها مخصص لدعم المواجهة المستقبلية ضد إسرائيل. هذا هو السبب الذي يجعل الإيرانيين يغضبون أحيانا على “حزب الله” عندما يستهلك في المواجهة مع إسرائيل، وليس بالتنسيق مع ايران، بعض السلاح المتطور الذي ارسل لأغراض أخرى.

إسرائيل ملزمة بأن “تستغل” المواجهات الإقليمية كي تضرب بشكل مكثف، أوسع بكثير مما جرى حتى الآن، مساعي التموضع الإيرانية واساسا مخزونات السلاح وقدرات الإنتاج والتحويل التي بنيت من اجل منع هذه القدرات من أن تستخدم في المستقبل. يجب أن يكون التشديد تجاه المخازن ومعامل السلاح الدقيق التي بنيت في لبنان، ولكن تجاه سورية وغزة أيضا.

بالتوازي، يجب على إسرائيل أن تمنع عن ايران، اقتصاديا وعمليا، إمن عادة تسليح قواتها بعد أن تضرب مخازن السلاح وقدرات التحويل والإنتاج.

من أجل عمل ذلك بنجاعة قصوى، على إسرائيل أن تضغط على واشنطن، بالتنسيق مع دول الخليج، لمعالجة ثلاثة عناصر في البرنامج النووي الإيراني: المادة المشعة، وتطوير منظومة السلاح (الذي اصبح الآن الجهد المركزي) ووسائل حملها، بالتوازي مع خلق ضغط اقتصادي اقصى وتهديد عسكري ذي مصداقية ضد ايران.

صفقة نووية ضعيفة ستطلق إشارات مغلوطة لإيران (وللأسواق) بأن الغرب سيوافق على كل ما فعلته وتفعله. في مثل هذه الحالة، ستبقى إسرائيل وحدها، وسيصعب عليها جداً مهاجمة البرنامج النووي في ظل الاتفاق. كما أن كل اتفاق مهما كان سيضخ مليارات الدولارات لإيران وسيرمم اقتصادها ويسمح لها بتسليح قواتها في المنطقة وسيقلل نجاعة الأعمال الإسرائيلية لتدميرها.

هذا هو الوقت لتغيير التفكير وأخذ المبادرة مثلما جرى في الماضي وفي الآونة الأخيرة في غزة. يجب بناء فكر وخطة “لصنع الليمونادة من الليمون”. وذلك من خلال جعل المحاولات الإيرانية لدفع إسرائيل الى معركة متعددة الجبهات الى “سهم مرتد” عليهم، والى ضربة شديدة لجهودهم بالتموضع في المنطقة وتسليح المنظمات المختلفة حول إسرائيل والتي ستشكل جبهة أخرى في مواجهة مستقبلية مع ايران.

تغيير الفكر سيعزز أيضا مكانة إسرائيل في المنطقة، بما في ذلك الجهود لتطبيع العلاقات مع السعودية، رغم الاتفاقات التي وقعتها مؤخرا مع إيران برعاية صينية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى