ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم / غزة : هل “الإرهاب” هو نتاج الفقر واليأس فعلًا؟

إسرائيل اليوم – بقلم  عكيفا بيغمان – 7/6/2018

أحد الادعاءات المتكررة هي أن “الإرهاب الغزي” نابع من الوضع الصعب في قطاع غزة، ومن يأس السكان المقموعين. لنضع جانبًا مسألة من تقع عليه المسؤولية عن الوضع الذي يعاني منه سكان غزة، وكيف يمكن تحسين هذا الوضع؛ ولنركز على مسألة واحدة: هل “الإرهاب” هو نتاج الفقر واليأس فعلًا؟

لنبدأ بحقيقة بسيطة: الادعاء بأن “الإرهاب” نابع من اليأس الاقتصادي مثله مثل “الإرهاب الفلسطيني” نفسه، قبل أن توجد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بوقت طويل (في الأوقات التي كان فيها الوضع الاجتماعي – الاقتصادي لدى الفلسطينيين في نمو دراماتيكي، كما في الثمانينات، وخلال عملية محادثات السلام، وعندما تدهور الأمر؛ وسيما في غزة بعد ظهور حماس.

غير ان الباحثين والمعلومات الكثيرة التي جمعوها في السنوات الأخيرة عن الإرهاب وعن دوافع الإرهابيين تقلقل هذه الحجج، وتستبعد العلاقة بين الفقر والقمع وبين “الإرهاب”. شواهد حول شخصيات “المخربين” الفلسطينيين في الماضي تثبت ذلك جيدًا؛ إليك مثلًا شهادة نصر حسن الذي أبلغ الـ “نيويورك” عن لقاءات مع المتجندين المحتملين لصفوف حماس في غزة خلال الانتفاضة الثانية: لم يكن أيّ منهم غير متعلم أو فقير مسكين أو ضعيف أو مكتئب، الكثيرون منهم كانوا من أبناء الطبقة المتوسطة، ولديهم وظائف مريحة. اثنان منهم كانا من أبناء الأثرياء”.

“انتفاضة السكاكين” في العام 2015 – 2016 لم تكن تختلف: الصحفي الفلسطيني باسم الطويل زار منازل “المخربين” وأبلغ عن ظروف حياتهم: لا أحد من الفلسطينيين الذين كانوا متورطين في الهجمات “الإرهابية” الأخيرة يعيش في بيت من الطين أو في خيمة أو حتى في شقة مستأجرة؛ جميعهم عاشوا في منازل تمتلكها عائلاتهم، وتمتعوا بوصول غير محدود إلى الانترنت، جميعهم كانوا يمتلكون هواتف نقالة مكنتهم من مشاركة وجهات نظرهم على “فيسبوك” و”تويتر”، ومن بين الكثير من الأمور المشاركة في التحريض المستعر ضد إسرائيل واليهود.

البحوث الرياضية الشاملة التي أجريت في الأعوام الأخيرة تفيد بأن هؤلاء ليسوا حالات عشوائية. البروفيسور البيرتو عبادي من جامعة “هارفارد” جمع معطيات عالمية عن الانكشاف على “الإرهاب”، الوضع الاقتصادي ومعايير أخرى، واستخلص أنه “لا علاقة مباشرة بين المتغيرات الاقتصادية والإرهاب”، بحث آخر – درس العلاقة بين البطالة و”الإرهاب” في العراق والفلبين – توصل إلى الاستنتاج المفاجئ بأن البطالة خصوصًا “تنبئ بعنف أقل”، واقترح إعادة دراسة سياسة ضخ أموال المساعدات، والتي تهدف إلى تقليص دوافع “الإرهاب”.

بحث آخر قام أيضًا على أساس التجربة الإسرائيلية – الفلسطينية توصل إلى استنتاج مشابه بأنه لا يمكن إثبات أن “تقليل الفقر أو تحسين التعليم سينجحان بحد ذاتهما في تخفيض مستوى الإرهاب”، الباحثون يشيرون إلى استطلاع للرأي العام، جرى في أوساط الفلسطينيين خلال الانتفاضة الثانية، والذي فيه نسبة مشابهة من الفلسطينيين من جميع الطبقات الاجتماعية والمهن – بغض النظر عن فارق المكانة أو الدخل أو الوظيفة – جميعهم أيدوا العمليات “الإرهابية” التي استهدفت مواطني إسرائيل. هكذا الامر أيضًا بشأن “داعش”، الباحثون الذين تفحصوا أساليب التجنيد في التنظيم في الغرب استخلصوا “تشير النتائج إلى ان تدفق المقاتلين الأجانب من الغرب إلى داعش لا ينبع من ظروف اقتصادية أو سياسية، وإنما دوافع أيديولوجية”.

خلاصة القول واضحة: “الإرهاب” لا ينبع من الفقر أو الظلم، الأيديولوجيات المتطرفة والتطلعات القومية وجدول الأعمال السياسي هي الدوافع الرئيسية “للإرهاب”، الأشخاص العقلاء لديهم الكثير من الأدوات لاستيعاب هذه الأفكار وإيجاد الموارد والأهلية المطلوبين للعمليات “التخريبية”. ليس من قبيل الصدفة ان قادة الحركات “التخريبية” ينحدرون بشكل عام من الطبقة المثقفة من السكان: سواء كان هذا نيلسون المحامي والمفكر، وغاندي الذي درس القانون في إنجلترا، وبن لادن ابن النخبة السعودية وخريج إدارة الأعمال، والفلسطينيون لا يختلفون: اسألوا ياسر عرفات، خريج الهندسة المدنية من جامعة القاهرة.

لا ينبغي أن ننسى للحظة ان ليس “للإرهاب” علاقة بالفقر، بل العكس. تفيد التجربة بأنه كلما امتلكت حماس موارد أكثر، كلما استغلتها في تسخير أدوات أكثر حداثة لدفع أهدافها المركزية: قتل اليهود وتدمير دولة إسرائيل. وضع الغزيين صعب، لكن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق حماس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى