إسرائيل اليوم: عندما ستصبح تركيا ايران

إسرائيل اليوم 22/12/2024، ايال زيسر: عندما ستصبح تركيا ايران
على مدى العقود الأخيرة لم توفر ايران أي جهد كي تدفع قدما “بمشروعها العلم” في منطقتنا – تثبت سيطرة في الهلال الخصيب، المجال الذي يمتد من العراق عبر سوريا وانتهاء بلبنان وغزة. وكلاؤها في هذا المجال، حزب الله وحماس، سعوا بالهامها لان يحيطوا إسرائيل بطوق نار وخنق كمرحلة أولى في الطريق الى ابادتها.
ان سقوط نظام الأسد في سوريا قضى على المشروع الإيراني ودفع ايران الى التراجع.
لكن في الحياة لا يوجد فراغ ومكان ايران سارعت لان تملأه تركيا اردوغان. هذا الأخير وقف خلف أبو محمد الجولاني، الحاكم الجديد لسوريا، مول وسلح جيشه واعطاه الضوء الأخضر للهجوم ولاسقاط النظام في دمشق.
المغامرة السورية لاردوغان استهدفت تقويض الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا الذي يثير مشاعر قومية كردية في أوساط الا قلية الكردية الكبيرة التي تعيش في تركيا، مثلما هو أيضا للتخلص من ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا الى تركيا واصبحوا عبئا اقتصاديا وسياسيا عليها.
كما يسعى اردوغان لان يسحب اقدام ايران الشيعية من المنطقة، إذ بين الدولتين خصومة دينية وسياسية ومنافسة على السيطرة في منطقتنا.
هل سيتمكن اردوغان من السيطرة على سوريا؟ ليس مؤكدا على الاطلاق. صحيح أن الجولاني استعان به ولكن مشكوك ان يرغب في أن يصبح مرعيا او حتى “عميلا” لاردوغان. فضلا عن ذلك، ليس لتركيا المقدرات الاقتصادية والعسكرية كي تصبح رب البيت في سوريا. كل هذا حتى قبل أن يقول تراقب الذي يخشاه الاتراك كلمته.
لكن سوريا هي فقط جزء من الصورة الكبرى. فمثل آيات الله في ايران، لاردوغان أيضا تطلعات كبرى – لاستعادة المجد الماضي، الى عهد الامبراطوية العثمانية التي سيطرت على كل مجال الشرق الأوسط. وتجدر الإشارة الى أن تزمتا إسلاميا متبلا بكراهية إسرائيل هي النسغ الذي بواسطته يسعى لان يربط أجزاء اللوحة الفسيفسائية الشرق أوسطية ويضمن سيطرته عليها.
ضحك المصير هو أنه كانت أيام في القرن الماضي تباركت فيها إسرائيل بصداقة تركيا وايران، الدولتين المعتدلتين والمؤيدتين للغرب اللتين كافحتا محاولات رجال دين متطرفين لان يفرضوا فيهما حكم الدين. غير انه في العام 1979 سقطت ايران في ايدي آيات الله الذين جعلوها جمهورية إسلامية متطرفة. في الأشهر الأخيرة تكبدت ايران فشلا إثر فشل في غزة، في لبنان وفي سوريا، وهذه تنضم الى فشل متواصل في الداخل في كل ما يتعلق بإدارة شؤون الدولة والاقتصاد. هذا الفشل المتجمع يثير النقد الحاد في الشارع الإيراني الذي يخيل انه مل حكامه ومن هنا التقدير بان سقوط هؤلاء محتم حتى لو استغرق هذا اشهرا عديدة او حتى سنوات.
في الوقت الذي بدأ فيه في ايران العد التنازل الى الوراء نحو سقوط حكم آيات الله، فان تركيا تتحرك بالاتجاه المعاكس وتأخذ بالتلون بالإسلام. على هذا لاحظ قبل سنوات المستشرق الأعظم في عصرنا برنارد لويس، بانه لن يبعد اليوم الذي “تصبح فيه ايران تركيا وتركيا تصبح ايران”. بمعنى ان الأولى ستصبح دولة معتدلة فيما أن الثانية ستصبح جمهورية إسلامية متطرفة وضعيفة.
لا زال من السابق لاوانه التقدير اذا كانت تركيا ستنجح في تحقيق احلامها الكبرى في سوريا وفي الشرق الأوسط كله. وقبل ذلك – هل سينجح الجولاني في تثبت حكمه في سوريا وان يجعلها أيضا دولة سريعة إسلامية.
الواضح هو أن صعود الجولاني الى العظمة في دمشق برعاية تركيا تدخل في توتر العديد من الدول العربية وعلى رأسها الأردن. ففي الوقت الذي تخشى فيها إسرائيل من انتقال الإرهاب من سوريا الى أراضيها، ففي الأردن يخشون من انتقال الأفكار الثورية للاسلام المتطرف الى داخل المجتمع الأردني المصاب على أي حال بمشاعر إسلامية.
إسرائيل ومعها الأردن، لكن مصر ودول الخليج أيضا تقف بالتالي متحفزة بل وتفحص السبل للتعاون مع وجه التحدي الجديد على حدودها. ولا يزال، هذا التحدي لا شيء بالنسبة للتهديد الذي كان ولا يزال تشكله لنا ايران، وهذا أيضا ما ينبغي أن نتذكره.