ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: على مسافة خطوة من حرب لبنان الثالثة

إسرائيل اليوم 22-9-2024، يوآف ليمور: على مسافة خطوة من حرب لبنان الثالثة

المحاولة الإسرائيلية لاخراج حزب الله عن التوازن بهدف تغيير الواقع في الشمال توقع ضربات قاسية بالمنظمة في الأيام الأخيرة لكنها لم تؤدي بعد الى الانعطافة الاستراتيجية المرجوة. يبدو أنه رغم الضربة التي تلقاها حزب الله بانه متمسك بسياسته ويبقي المعضلة اذا ما وبأي قدر يشدد الاعمال في الجانب الإسرائيلي في ظل خطر دائم للتدهور الى معركة شاملة لا يزال الطرفان يسعيان للامتناع عنها. 

فتصفية إبراهيم عقيل اول امس استمرارا لهجمة أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال المنسوبة لإسرائيل تدل على قدرة استخبارية وعملياتية مبهرة وعلى استعداد إسرائيلي لاخذ مخاطر كبيرة بمجرد الهجوم في بيروت. في المرة الأخيرة التي هاجمت فيها إسرائيل العاصمة اللبنانية، في تموز الماضي، في تصفية فؤاد شكر الذي كان الشخصية العسكرية الأعلى في المنظمة، كانت ردا على قتل 12 طفلا في مجدل شمس وليس كجزء من تغيير السياسة كما يجري الان. 

واضح أن إسرائيل ترفع عن قصد الرهان إزاء حزب الله وتسعى الى حشره في الزاوية كي يصل الى اتفاق يسمح بابعاد رجاله عن الحدود وإعادة سكان الشمال الى بيوتهم. هذا خط كفاحي يختلف جوهريا عن الطريقة المنضبطة والحذرة التي اتبعتها إسرائيل حتى الان وتنطوي على فضائل ونواقص على حد سواء. 

فضائلها البارزة هي استعادة إسرائيل للمبادرة، في الغاء سياسة المعادلات في الشمال للمناطق وطرق العمل المحددة والمحصورة وفي نزع ذخائر ذات مغزى من ايدي حزب الله. اما نواقصها فهي في إضاعة أوراق كان يفترض ان تستخدمها إسرائيل في الحرب، واساسا في إمكانية ان تحشر المنظمة في الزاوية وتبدأ حربا شاملة تكون اثمانها جسيمة في الجانب الإسرائيلي أيضا. 

يبدو أن نصرالله في هذه الاثناء يمتنع عن ذلك. الإحساس الفوري هو رؤية عدم الرد الفوري من جانبه علامة ضعف. لكن يمكن تفسير الأمور بشكل مختلف أيضا. فبينما تبحث إسرائيل عن نتائج هنا والان كي تغير الواقع في الشمال، مريح لحزب الله بالذات ان يبقي الواقع كما هو – بمعنى ان يحتمل ثمن الضربة القاسية بالرجال وبالممتلكات والتي تفسر لديه كضرر تكتيكي أليم لكن محتمل على أن يبقي الإنجاز الاستراتيجي المتمثل بـ “احتلال” الجليل الذي يعد من ناحية إسرائيل امرا لا يطاق. 

وكان نصرالله قال هذا بطريقته في الخطاب الذي القاه يوم الجمعة وأوضح فيه بان حزب الله سيواصل العمل على اسناد غزة، أي ان المحاولة الإسرائيلية لفصل الساحات لن تنجح. وحتى الهجمات المكثفة التي تلقاها الجليل في اثناء السبت كانت محاولة واضحة للاظهار بان اعمال إسرائيل الأخيرة لم تحرف حزب الله عن طريقه. ومع ذلك قرر نصرالله ان يرفع قليلا مبلغ الرهان من جانبه أيضا، حين استعدت منظمته لتوسيع النار الى منطقة حيفا والخليج – ما أدى امس الى تغيير في تعليمات الدفاع لسكان المنطقة. 

وبذلك، ومع أنه يوجد في حالة دفاع واضحة في الأيام الأخيرة على خلفية الضربات التي تلقاها، يبقى حزب الله يده هي العليا وإسرائيل مطالبة بان تقرر كيف ستعمل لاحقا. وذلك بينما في الخلفية معركة لا تزال تجري في غزة وعمليات مكثفة في الضفة، وبينما تمارس عليها ضغط دولية شديدة – وأساسا من جانب الولايات المتحدة وفرنسا – للامتناع عن التصعيد في الشمال.

اتفاق او تصعيد

يخيل أن التهديد الأكثر فاعلية الذي يمكن لإسرائيل أن تستخدمه الان هو اجتياح بري لجنوب لبنان ينزع من حزب الله لقبه الاغلى: “درع لبنان”. صحيح أن الجيش الإسرائيلي ألمح في الأيام الأخيرة في سلسلة منشورات رسمية بان الاستعدادات للمعركة البرية استكملت لكن المعضلة هنا واضحة على خلفية اثمان الحرب (التي استعد حزب الله لها على مدى سنين في ظل تحصين المجال القروي في شمالي الحدود)، التخوف من الشتاء المقترب وبالطبع الامكانية الواقعية في أن عملية برية ستخرج حزب الله عن التوازن وتؤدي الى معركة شاملة، ترتبط بها ايران والميليشيات التي تعمل بتكليف منها في سوريا، في العراق وفي اليمن أيضا. 

في قيادة المنطقة الشمالية يدفعون منذ بضعة اشهر لمثل هذه الخطوة، التي كبحها حتى الان المستوى السياسي. يخيل أن إسرائيل لا تزال تمارس اعمالا مضادة لا تتضمن أرجل واضحة على الأرض، أي انها ستواصل محاولات نزع ذخائر ذات مغزى بالرجال وبالسلاح من حزب الله.

محظور الاستخفاف بهذه الضربات التي وزنها ثقيل في منظمة مركزية جدا كحزب الله. فقد تولى عقيل منصبه الحالي نحو 20 سنة وشكل بؤرة معرفة ذات مغزى والانبوب الذي عبره فعّل حزب الله نشاطه العملياتي. ولا بد ان تصفيته تصعب الأمور على المنظمة في سياقات التخطيط والتنفيذ للعمليات بل وتنزع من نصر الله مستشارا قريبا ومخلصا، لكن هذه ليست خطوة محطمة للتوازن. 

ومع ذلك، من المسلي أن نفكر بنصرالله المغرور والواثق بنفسه ينظر حوله بقلق على خلفية هجمة البيجر التي أحرقت أيضا محيطه القريب وعلى خلفية تصفية كبار رجالات منظمته. معقول انه يفحص الان كل شيء وكل شخص بتخوف وباشتباه وذلك أيضا بقلق عما ستكون الخطوة الإسرائيلية التالية وانطلاقا أيضا من نظرة انانية الى نفسه كمن كفيل بان يتعرض في وقت ما الى هجمة مشابهة. افضل خبراء علم النفس في الموساد وشعبة الاستخبارات ينشغلون الان في تحليل تأثير هذه الاحداث عليه في محاولة للفهم اذا كان ستشجعه على الاتفاق او التصعيد. 

العودة للاهتمام بالامر الأساس

في هوامش هذه الأمور، ثلاث ملاحظات واجبة: الأولى هي عن طريقة اتخاذ القرارات. فالخطوات الأخيرة لإسرائيل، الكفيلة بان تؤدي الى حرب شاملة تستوجب منظومة اتخاذ قرارات أوسع في القيادة السياسية من منظومة الثنائي نتنياهو – غالنت (مع ضم رون ديرمر وبشكل جزئي إسرائيل كاتس). حسب القانون، فان المخول في أن يأمر بشن الحرب هي الحكومة، التي حرمت من صلاحياتها ومن مسؤوليتها أيضا. 

الملاحظة الثانية هي عن وزير الدفاع. مدهش التفكير بان في الأسبوع الماضي فقط كان نتنياهو يوشك على ان يأمر بإقالة غالنت كي يعين محله جدعون ساعر في خلطة سياسية. مدهش اكثر التفكير انه من ناحية نتنياهو التنحية والتعيين لا يزالان على جدول الاعمال في نهاية الأسبوع. خير فعل ساعر حين صفى امس الفكرة وخير تفعل إسرائيل الان اذا ما عادت للاهتمام بالامر الأساس – الحرب ضد حزب الله – وليس بالخلطات السياسية وبالمناورات النتنة.

الملاحظة الثالثة هي عن المخطوفين. 101 إسرائيلي احياء واموال لا يزالون محتجزين في غزة، دون حل في الأفق. دخول الولايات المتحدة الى المصاف الأخير في السباق المتلاصق للانتخابات يقلص بشكل طبيعي مدى الانتباه الذي للإدارة للعمل على صفقة، فيما أن مصر وقطر أيضا تجران الارجل احباطا أو يأسا – إسرائيل بقيت وحدها بدون جواب على التحدي الأهم الذي تقف امامه: كيف تعيد المخطوفين الى الديار.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى