ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم – ضرر وتهديد على السايبر الاسرائيلي

إسرائيل اليوم– بقلم  يوآف ليمور – 4/11/2021

” الاستخدام الذي قامت به دول مختلفة لمصالح مرفوضة تسبب بان تصبح كل هذه الصناعة مصابة وموضع شك. الضرر في الصورة الذي لحق كنتيجة لذلك بإسرائيل هائل ويحتمل أن يؤدي الان أيضا الى ضرر اقتصادي وربما حتى الى ضرر امني وسياسي”.

“قنبلة ذرية” هكذا وصف امس مسؤول كبير في صناعة السايبر الاسرائيلية بيان وزارة التجارة الامريكية بان “الشركتين الاسرائيليتين NSO و كانديرو ستندرجان من الان فصاعدا في القائمة السوداء للشركات التي تعمل بخلاف المصلحة القومية الامريكية.

استقبل القرار في اسرائيل بمفاجأة تامة، وعلمت وزارتي الدفاع والخارجية به فقط قبل نحو ساعتين من نشره الرسمي. يفترض بهذا ان يقلق إسرائيل ليس فقط لان صديقتنا الأكبر تعمل هكذا دون ان تطلع وتستشير مسبقا بل اساسا  في ضوء التداعيات المحتملة للخطوة الامريكية على الشركتين، على صناعة السايبر الهجومي وعلى مصالح الدولة التي تخدمها هذه الصناعة.

سطحيا، هذا ضرر ليس بالحد الأقصى. لو ان وزارة الخارجية الامريكية هي التي اتخذت القرار، وليس وزارة التجارة، فان المقاطعة على هاتين الشركتين ستكون مطلقة (الى مستوى تجميد حسابات بنكية). ولا يزال يعد هذا ضررا هاما للصورة لا يمكن الاستخفاف به. تشهد على ذلك مراسلات امس من جانب موظفي الشركتينوأبناء عائلاتهم؛ بعضهم يخشون من أن يكونوا يتعاونون مع أفعال غير جديرة وبعضهم يخشون من انه قد تتخذ ضدهم الان إجراءات. 

الضرر الأساس، في المرحلة الأولى على الأقل هو للشركتين نفسيهما. من اللحظة التي ادخلتا فيها الى القائمة، ستعدان منبوذتين. والمعنى هو ان ليس فقط على الشركات الامريكية سيحظر بيعهما عناصر وخدمات بل زبائن آخرون لهما في العالم ولا سيما في اوروبا كفيلون بان يسيروا على الخط مع القرار الأمريكي فيلغون العقود معهما. من هنا قد يقع انهيار يؤدي الى اقالة موظفين بل وربما يهدد وجود الشركتين. في نظرة أوسع، قد ينشأ هنا تهديد على كل صناعة السايبر الهجومي في إسرائيل. صحيح أن هذه صناعة نصيبها النسبي في التصدير الأمني عموما (وفي تصدير السايبر خصوصا) ليس عاليا ولكنها قاطرة عالمية من العلم والقدرات. غير قليل من الجهات – بدء بدول معادية، عبر منظمات حقوق انسان وانتهاء بجهات تجارية خصمة – يعملون منذ فترة طويلة بجملة من الطرق للمس بهذه الصناعة، المس بها سيشكل أيضا مسا استراتيجيا بقدرات دولة إسرائيل. 

سبب ذلك هو ان صناعة السايبر الهجومي شكلت في السنوات الأخيرة بطاقة دخول لدول عديدة لم تكن لإسرائيل معها علاقات رسمية، او علاقات على الاطلاق. وربطت جملة من المنشورات بيع قدرات كهذه باتحاد الامارات، بالسعودية، بالمغرب وبدول أخرى، ويمكن التقدير ان هذا كان أيضا أساسا مريحا لتعميق العلاقات بين الدول. من هنا، فان للمس بهاتين الشركتين او لتشويش قدراتهما على العمل قد يكون تأثير مباشر على مصالح هي جزء من الامن القومي لإسرائيل.

لكل هذه الأسباب، معقول ان تكون جهات رسمية أيضا مشاركة الان بالمساعي لحل القضية – بالضبط مثلما في قضية التورط السابقة لـ NSO عندما زعم بان برنامج بيغاسوس خاصتها استخدم لملاحقة نشطاء حقوق انسان، صحافيين وموظفي دولة في عدة دول، وعلى رأسها فرنسا.

ان الازمة التي نشبت في اعقاب هذا مع حكومة فرنسا لم تسوى نهائيا الا بعد اللقاء هذا الأسبوع في غلاسكو بين رئيس الوزراء بينيت والرئيس ماكرون، والذي تعهدت فيه إسرائيل بسلسلة قيود سيتم إدخالها الى العقود التجارية التي ستوقعها في المستقبل شركات السايبر الهجومي.

لقد أدت هذه القضية أيضا بوزارة الدفاع الى تغييرات بعيدة الأثر في المجال. فقد استدعيت شركات السايبر الهجومي في الايام الأخيرة الى وزارة الدفاع (حتى قبل الإعلان الأمريكي امس) وقيل لها انه تم تغيير تصنيف الدول المسموح ببيعها هذه المنظومات. وستنقسم الدول من الان فصاعدا الى ثلاثة أصناف لكل واحد منها طاقم مختلف من الاذون، التراخيص والقيود. في وزارة الدفاع يؤمنون بان العملية الجديدة ستسمح بتوثيق الرقابة على عمل الشركات وعلى الاستخدام الذي يجريه الزبائن المختلفون لهذه المنظومات.

ولا يزال مشكوك ان تساعد هذه الإجراءات في اصلاح الضرر. فصناعة السايبر ا لاسرائيلي– و NSO  على رأسها أصبحت اسما مرادفا للمس بحقوق الانسان. حتى لو كانت هذه التكنولوجيات تستخدم في معظم الوقت لإحباط الإرهاب ومنع الجريمة، فان الاستخدام الذي قامت به دول مختلفة لمصالح مرفوضة تسبب بان تصبح كل هذه الصناعة مصابة وموضع شك. الضرر في الصورة الذي لحق كنتيجة لذلك بإسرائيل هائل ويحتمل أن يؤدي الان أيضا الى ضرر اقتصادي وربما حتى الى ضرر امني وسياسي. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى