إسرائيل اليوم: ضربة قاضية، بدون حسم
إسرائيل اليوم 19/9/2024، عوديد غرانوت: ضربة قاضية، بدون حسم
نحن ملزمون بان نقرأ إبراهيم الأمين كي نصدق؛ محرر “الاخبار” اللبنانية، المقرب من نصرالله ورجل سره، يعترف بانه منذ بداية المواجهة قبل نحو سنة لم تقع على حزب الله ضربة شديدة بهذا القدر كضربة أجهزة الاشعار.
“كان هذا استعراضا شاذا لقدرة العدو على أن يصل في دقيقة واحدة الى كل مكان وان يستخدم كل وسيلة”، كتب وأضاف: “هذا مذهل كم يمكن لإسرائيل أن تؤلم الخصم دون أن تخشى على الاطلاق”.
هذه الاقوال التي كتبت بعد ساعات فقط من الهجوم المنسوب لإسرائيل، لم تأتي بالطبع للثناء. فهي تعبر فقط عن الصدمة الهائلة والارتباك الذي ألم بحزب الله وبلبنان كله من استعراض 3 الاف جهاز اشعار تتفجر دفعة واحدة.
أمس استؤنفت الانفجارات في ارجاء لبنان، توجد موجة جديدة من المصابين، ولم يهدأ شيء. اكثر من 12 شخص قتلوا. المستشفيات في ارجاء الدولة انهارت تحت عبء الاف الجرحى، 300 منهم في وضع صعب. كل من حمل في جيبه، في حزامه او وضع جهاز اشعار جديد على طاولته – ادخل الى المستشفى.
تداعيات الحدث أجبرت وزراء الحكومة أيضا لان يعقدوا مؤتمرات صحفية عاجلة، تحفظوا فيها علنا من الهجوم المنسوب لإسرائيل، لكن عبروا أيضا عن تخوف لبنان الكبير من اتساع الحرب.
ادعى مقربون من حزب الله امس بان الهزة الشديدة التي تقع الان على المنظمة في اعقاب “مذبحة أجهزة الاستشعار” تنبع على الأقل من أربعة أسباب مقلقة من ناحيتهم: الأول، عمق الاختراق الاستخباري لإسرائيل، الذي يثير لديهم تخوفا شديدا من ان يكون الحديث يدور عن عملاء يعملون في الدائرة الأقرب لقيادة المنظمة. الثاني، الإنجاز التكنولوجي المذهل الذي أتاح لإسرائيل تفخيخ أجهزة الاشعار في زمن قصير نسبيا، في طريقها الى لبنان.
الثالث، السرعة التي التقطت فيها إسرائيل بان المنظمة هجرت الهواتف الخلوية، القابلة للملاحقة، في صالح أجهزة الاشعار “البسيطة” وغير القابلة للاختراق ظاهرا، ونجحت في معالجتها هي أيضا.
والرابع، الفهم بان إسرائيل، سواء عملت هذا الأسبوع حسب تخطيط مسبق أو اضطرت لان تبكر العملية خوفا من أن يكتشف الاختراق، مرة أخرى لا ترى نفسها ملزمة بالمعادلات وبـ “قواعد اللعب” التي يمليها نصرالله منذ 8 أكتوبر. فلم يعد الحذر الأقصى في عدم المس باهداف مدنية أيضا وعملية جريئة “على طول كل الجبهة”.
من هنا أيضا التقدير بان حزب الله لن يتمكن من “احتواء” هذا الحدث الدراماتيكي وسيكون ملزما بان ينتج ردا ذا مغزى حيال إسرائيل، يتيح له أيضا الخروج من الحرج، فيزيل العار ويستأنف في نفس الوقت “ميزان الردع” الذي برأيه شطب تماما في هجوم أجهزة الاشعار.
ان انتظار مثل هذا الرد من جانب حزب الله كفيل بان يطول، وليس فقط بسبب مصاعب الاتصال التنظيمي الداخلي الذي نشأ في اعقاب الهجوم. فقد اسقطت منظمة الإرهاب هذا الأسبوع على الأرضية بضربة قاضية، لكنها لم تهزم وستعرف كيف تنتعش. هي بحاجة أساسا الى الوقت كي تعيد تنظيم الصفوف.
في إسرائيل وفي لبنان يفهوم بان الاحداث الدراماتيكية لهذا الأسبوع ورد حزب الله المرتقب – الى جانب افول الاحتمال لوقف نار في غزة وإعادة المخطوفين – تقرب اكثر الاحتمال لاشتعال مواجه شاملة مع حزب الله، ومن هناك أيضا لمواجهة إقليمية. هذه المعركة، التي قد تكون الأشد والأكثر تعقيدا في تاريخ إسرائيل، من المهم ان يقودها أناس يتحلون بالحد الأقصى من التجربة العسكرية والحد الأدنى من الطموحات الشخصية.