إسرائيل اليوم: شلّ قدرة إيران على امتلاك السلاح النووي
إسرائيل اليوم 2022-07-14، بقلم: مئير بن شبات*
زيارة الرئيس الأميركي إلى بلادنا يوم عيد. هكذا كان منذ القدم، في نظر الجمهور والقيادات في إسرائيل. هذا تعبير صادق عن الشعور بالتقارب المميز بين الشعبين، والتعاون الشجاع بين الدولتين. لا تتعلق هذه الصداقة بهوية الزعماء، ولا بانتماءاتهم الحزبية، وترتقي فوق كل الخلافات.
سيدي الرئيس بايدن، للعلاقة المميزة بين دولتينا أوجه عدة، الهدف منها خدمة المصالح المشتركة، لكن الأساس الذي تقوم عليه هذه العلاقات هو القيم المشتركة: الالتزام بقيم الديمقراطية، والحرية، والعدالة والسلام، المتجذرة في إرث وثقافة شعوبنا، ولها مكانة خاصة في رؤيتهم.
ستستقبلك القيادة الإسرائيلية بمقولة: إنه “لا يوجد لإسرائيل حليف أقرب من الولايات المتحدة”، وتتوقع موافقتك، على الأقل بهزّ الرأس، مع الجزء الثاني من الجملة: “ولا يوجد للولايات المتحدة صديقة أقرب من إسرائيل في الشرق الأوسط”.
حتى من وجهة نظر انتهازية باردة، طبعاً بعيدة كل البعد عن وصف علاقاتنا، فإسرائيل هي الاستثمار الأنجع بالنسبة إلى الولايات المتحدة! إسرائيل هي رصيد بالنسبة إلى الولايات المتحدة على الصعيد الأمني، والاقتصادي، والتكنولوجي، كأمة معرفة وعلم، واختراعات وانطلاق.
إسرائيل تبني قوتها وتتعاظم، بالأساس لخدمة ذاتها: ضمان وجودها دولة يهودية، ديمقراطية، قوية، آمنة ومتطورة. وهذا يعود إلى دورها التاريخي ورؤيتها الملتزمة بها.
لكن تعاظُم قوتها يخدم المصلحة الأميركية بوضوح، وبصورة خاصة في الشرق الأوسط، وفي ظل الفوضى التي تجتاح عالمنا. البشرى بتعزيز التعاون العلمي – التكنولوجي بين إسرائيل والولايات المتحدة مفرحة. فالقوة الكامنة في ذلك عالية. هذه خطوة مباركة، ومن شأنها أن تأتي بالخير للعالم أجمع.
ويجب أيضاً مباركة الخطوات لتأسيس شراكة إقليمية واسعة، بهدف خلق منظومة دفاع جوي ناجعة ضد تهديد المسيّرات والصواريخ، الذي تحول إلى روتين في منطقتنا بقيادة إيران. فالدفاع هو مركّب مهم جداً للرد على هذا التهديد، لكنه ليس الوحيد طبعاً. ولكن، فوق هذا كله توجد قضية السلاح النووي الإيراني.
لا لاتفاق يؤبّد الخطر
سيدي الرئيس، نقدّر التزامك بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. هذا الالتزام ضروري لأمن دول المنطقة وضمان استقرارها، لكنه لا يكفي.
تحقيقه عبر اتفاق سيؤجل اليوم الذي تستطيع فيه إيران الحصول على سلاح نووي إلى عدة أعوام فقط، وسيؤبّد الخطر، خصوصاً إذا كان يترك في يدي إيران قدرات تسمح لها بالتخصيب بصورة سرية، ويكتفي بمراقبة محدودة، ولا يفرض عقوبات تلقائية في حال حدوث خروقات.
اتفاق كهذا سيحفظ لنظام آية الله الجاهزية والأمل والرغبة في السلاح النووي. وسيدفع دول المنطقة إلى سباق نووي، ويشكل وصفة ممتازة للنزاعات وعدم الاستقرار.
ستكون له تداعيات دراماتيكية على تعاظُم قوة إيران على جميع الصعد، نتيجة لتحرير عشرات مليارات الدولارات وتسهيلات في مجال القيود المفروضة عليها اليوم، كجزء من الدفعات التي ستُمنح لها بسبب عودتها إلى الاتفاق. وهكذا، بدلاً من تكبيل يديها ومحاصرة خطواتها، فإن الاتفاق سيمهّد لها الطريق إلى النووي، ويعزز مكانتها، ويعظّم قدراتها، كما يمنح أجهزة القمع والقوات التي تشغلها الأوكسجين للبقاء.
ولا حاجة إلى التذكير بأن التهديد الإيراني غير موجّه فقط إلى دول المنطقة. ففي الوقت الذي يطلقون في إيران لقب “الشيطان الأصغر” على إسرائيل، لا حاجة إلى الكثير من الجهد لمعرفة من هو “الشيطان الأكبر”، الذي تهدد قيمه وثقافته فعلاً هؤلاء المؤمنين بالـ”الثورة الإسلامية”.
الهدف: نزع القدرة النووية
سيدي الرئيس، استخلاصات الحرب في أوروبا تدفع قيادات العالم إلى التعامل مع الأزمة الآنية من خلال قراءة أبعد من عامين، خمسة أعوام، أو عشرة. ولن يكون من الصواب أن يتم أسر المستقبل ووضعه في ظل مخاطر كبيرة إلى هذا الحد فقط رغبة في التخلص من ضغط قرارات آنية.
تشير الحرب في أوكرانيا إلى حدود الردع الغربي في مقابل الخطوات العدوانية المتطرفة التي يمكن أن تقوم بها دولة نووية: في النزاعات التي تشارك فيها دولة نووية يتحرك العالم على رؤوس أصابعه.
مصطلح “غطاء نووي” يتجسد بألم أمام أعيننا. ولا حاجة إلى خيال واسع من أجل توقُّع ما يمكن أن تسمح به إيران لذاتها وللقوى التابعة لها، إن باتت – لا سمح الله – قوة نووية.
تحت قيادتك، تستطيع الولايات المتحدة منع هذا السيناريو. نحن نؤمن بقدرة القوة الأميركية على القيام بذلك بشكل لا يؤدي إلى حرب في الحاضر، ويقلل من احتمالات الحرب المستقبلية.
ولتحقيق ذلك، يجب أن يتم تفعيل العقوبات القادرة على شلّ إيران فوراً، وبكامل القوة، إلى جانب وضع تهديد عسكري صادق. لا يجب السماح لإيران بالاستمرار في خطواتها في المجال النووي، برعاية المفاوضات العبثية.
يجب أن يكون الهدف الدفع بإيران إلى اتفاق ينزع منها، بالكامل ومن دون زمن محدد، القدرة على الوصول إلى سلاح نووي. وفي الوقت ذاته يرغمها على دفع أثمان قادرة على زرع الشك في نجاعة طريقها العدوانية، ومن ضمنها تدخُّلها بالـ”إرهاب” بأشكاله كافة.
يجب على الولايات المتحدة عدم القبول بأقل من ذلك. فالتعامل مع التحدي الإيراني يمكن أن يكون فرصة للولايات المتحدة بهدف تعظيم قيادتها أمام التحديات الآنية، وأن تثبت أنها قادرة على إدخال النظام والاستقرار إلى النظام العالمي، حيث يمكن الشعور بهذا النقص في كل مكان.
كبح عدوانية إيران وطموحاتها النووية شرط الهدوء والاستقرار، وهو الأساس الذي، استناداً إليه، تستطيع الدول البراغماتية في المنطقة، إلى جانب إسرائيل، القيام بالخطوات الإضافية، على طريق شرق أوسط جديد.
* رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً، وباحث في مركز دراسات الأمن القومي.



