إسرائيل اليوم: سيناريوهات متنوعة لسوريا اسوأها هو الفوضى والحرب الاهلية

إسرائيل اليوم 17/12/2024، يهودا بلنغا: سيناريوهات متنوعة لسوريا اسوأها هو الفوضى والحرب الاهلية
المجال السوري معروف كمكان حيث الانعزالية والانطواء السياسي سارا فيه يدا بيد. امبراطوريات جاءت ورحلت. أظهرت قوة عسكرية وسياسية، لكن سوريا بقيت مكانا يصعب حكمه. انقسامات عرقية، فجوات جغرافية (مركز مديني مقابل محيط قروي) وأساسا خصومات دينية وطائفية ساهمت في انعدام الاستقرار في المنطقة.
بغياب حكم مركزي ومستقر، سكان المجال اداروا حياتهم بشكل مستقل. الأطر التقليدية وفرت الغلاف بالإنسان البسيط، العشيرة، القبيلة، الاطار القروي او المديني وأخيرا الطائفة الدينية، وعلى رأس كل الدائرة وقف رؤساء العائلات، الشيوخ، الزعماء الدينيون، أصحاب المال والمتفرغون السياسيون. صورة الوضع هذه ميزت سوريا في القرون الماضية وهي لا تختلف كثيرا عن الصورة الحالية. نظرة سريعة الى الخريطة تظهر دولة في حالة تفكك: الاكراد يسيطرون في مناطق واسعة في الشمال وفي الشرق، الاتراك، الذين يخافون من الاكراد احتلوا بضع مناطق فاصلة بينهم وبين الحدود السورية؛ العلويون يواصلون التجمع في المناطق الجبلية في شمال غرب سوريا، والدروز في الجنوب، في جبل الدروز.
بقدر ما يحاول احمد الشرع (أبو محمد الجولاني) ان يبث الهدوء والاستقرار، فان الأرض تعج بالتوتر وفوق كل شيء تحوم مسألة هوية الدولة والنظام الجديد. فهل سوريا ستواصل توفير بنية لهوية وطنية لسكانها؟ ام ان الاطار الديني سيحتل مرة أخرى الصدارة؟ نرسم بحذر، من الجيد الى الأقل واقعية الى الأسوأ والواقعي، السيناريوهات لسوريا في اليوم التالي للاسد:
ويعيش الذئب مع الخروف: السيناريو المطلق. سوريا تبقى دولة موحدة، تجتاز تغيير النظام وتنطلق الى طريق جديد. تصبح ديمقراطية ليبرالية يكون فيها لابناء الأقليات، حتى للعلويين المكروهين، تمثيل عادل، واضافة الى ذلك تترك الحلف مع ايران وترتبط بالدول العربية المؤيدة للغرب. لاحقا يمكن أن نتخيل أيضا تناول الحمص في دمشق (مقابل تنازلات إقليمية في الجولان).
تعالوا ننفصل كاصدقاء: لما كانت سوريا عانت منذ قيامها من انشقاقات وخصومات، ففي قرار عاقل من رؤساء الطوائف الدينية في الدولة، وانطلاقا من الرغبة في منع حرب أهلية إضافية، يتم تفكيك الدولة الى أقاليم مختلفة. الدروز في الجنوب ينالون حكما ذاتيا، والاكراد في شمال شرق سوريا يحصلون على استقلال جزئي – مرغوب فيه بدعم إسرائيلي وبعلاقات حميمة مع الطائفتين. العلويون، في مجال جبال انصارية، يقيمون لانفسهم دولة انعزالية، مثلما كان في عهد الانتداب الفرنسي في القرن الماضي. باقي أبناء الأقليات، أساسا المسيحيون والاسماعيليون، يعترف بهم كذوي مكانة خاصة للحفاظ على امنهم وحقوقهم. لاجل الحفاظ على السلام الداخلي، يقوم حكم فيدرالي او كونفيدرالي، قد يحظى بدعم من دول الخليج الفارسي ومن الغرب.
خراب وفوضى: بالضبط مثلما تفكك العراق وليبيا وغرقا في صراعات داخلية مضرجة بالدماء، ومثلما صعدت في مصر وتونس قوى إسلامية بعد سقوط الأنظمة الدكتاتورية لحسني مبارك وزين العابدين بن علي تنجر سوريا الى حرب أهلية وانقلابات بعد عقود من نظام طاغية (أتتذكرون يوغسلافيا؟). هذه ستكون حرب الكل ضد الكل. كل طائفة لنفسها، كل منظمة تحاول الاستيلاء على الثورة وتصميم سوريا على شكلها وصورتها. سوريا تصبح دولة إرهاب، ارض يصل اليها الأكثر تطرفا لتطبيق مبدأ الجهاد، في الطريق الى الهدف التالي. اغتيالات، اعمال قتل وذبح في الأقليات تصبح روتينا. الامريكيون يحذرون من التدخل لكن ايران وروسيا تبديان تدخلا في الدولة الخربة. الاثنتان ترممان مكانتهما في المنطقة وطهران مرة أخرى تساعد حزب الله ومنظمات أخرى لتعيد بناء جبهة ضد إسرائيل.
لكل سيناريو يتحقق ستكون تداعيات على الساحة الشرق أوسطية كلها، لكن كما هو الحال دوما، نحن سنكون اول من يحتاج لان يتصدى لذلك.