إسرائيل اليوم: سوريا الجولاني التحدي لاسرائيل

إسرائيل اليوم 15/12/2024، أيال زيسر: سوريا الجولاني التحدي لاسرائيل
في العقود الأخيرة كانت سوريا حجرا أساس في بناء محور الشر الذي اقامته ايران في الشرق الأوسط. للحقيقة سوريا لم تكن فقط حلقة ربط بين طهران وبغداد، غزة وبيروت، ضخ عبرها السلاح الإيراني لحماس وحزب الله، بل كانت المبادرة والدافعة لاقامة محور الشر هذا.
هكذا رأت سوريا عائلة الأسد وظيفتها في منطقتنا – قلعة متقدمة في المعركة ضد إسرائيل. هكذا كان في حرب الأيام الستة وفي حرب يوم الغفران، وهكذا كان بعد أن وقعت مصر وإسرائيل على اتفاق سلام حين سعت دمشق لاقامة جبهة رفض للسلام الى جانب العراق صدام حسين. غير ان إسرائيل فضلت تجاهل الوظيفة السلبية التي أدتها سوريا في بناء طوق النار حولها، وبدلا من هذا استمتعت بالهدوء الذي ساد على طول الحدود في الجولان وتمنت لبشار الأسد أن يبقى في كرسيه.
لكن في الأسبوع الماضي حسم الامر في سوريا. جبهة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني التي رأى فيها الجميع عصابات ثوار بالشباشب وبالتيوتا، تحولت بمساعدة تركية وربما قطرية أيضا، الى جيش مسلح، مدرب ومنضبط من عشرات الاف المقاتلين (بالضبط مثل الشكل الذي اخطأنا فيه في قوة النخبة لحماس). هذا الجيش هاجم على نحو مفاجيء وادى الى انهيار النظام السوري، نظام ضعيف ومتهالك استند الى دعم ايران وحزب الله. غير أنه في اعقاب احداث السنة الأخيرة قصرت ايديهما عن مد يد الخلاص.
الجولاني نشيط داعش الذي ارسله التنظيم ليقيم فرعا سوريا حين نشبت في الدولة حرب أهلية اخذ مع السنين يفك ارتباطه عن مرسليه. اليوم هو من يطلق تصريحات تستطيب للاذن الغربية بل وحتى الإسرائيلية: في انه لا ينبغي الحكم عليه بافعاله حين كان شابا صغيرا وكل رغبته هي ان يبني سوريا جديدة ويضمن لسكانها رزقا وعيشا بكرامة. الأيام ستقول اذا كان هذا ذئبا يرتدي جلد خروف، ام حقا جهادي سابق اجتاز تحولا. وفي هذه الاثناء تتضح رؤياه حول سوريا – دولة شريعة إسلامية. مشوق أن نرى كيف سيستقبل هذا الشارع السوري، الذي مقت بشار لكنه لا يريد ان يحل محله جهادي إسلامي.
ان سقوط نظام الأسد وتثبت الجولاني كالحاكم الجديد للدولة وضعا إسرائيل امام تحد، يخيل اننا نرتكب تجاهه كل خطأ محتمل. فتخوف إسرائيل من فوضى برعايتها تستأنف عمليات الإرهاب على طول الحدود في الجولان هو تخوف مبرر، وهكذا أيضا التخوف من نوايا الجولاني على المدى البعيد. فالسنوار أيضا تحدث باعتدال وكان يبدو ان وجهته نحو تثبيت حكمه في غزة وليس نحو المواجهة مع إسرائيل.
كما انه مبرر محاولة ضرب مخزونات السلاح الكيماوي والسلاح المتطور الذي خلفه جيش الأسد المتفكك، كي لا تقع في الايادي غير الصحيحة وتستخدم ضد إسرائيل – لكن من هنا وحتى انفجار الفعل والطاقم الذي ألم بنا في الأسبوع الأخير المسافة بعيدة. على إسرائيل أن تدافع عن مصالحها لكن ان تمتنع عن الاجتذاب الى تدخل عميق في داخل سوريا، سيورطنا فقط. يمكن الدفاع عن الجولان حتى دون التوغل الى عمق الجولان السوري. ويمكن ضرب السلاح المتطور الذي خلفه بشار حتى بدون المهاجمة بلا تمييز على “كل ما يتحرك” في كل ارجاء سوريا.
انفجار الطاقة والفعل هذا يتعارض تعارضا كاسحا ليس فقط مع حقيقة أننا لم نعمل على الاطلاق ضد الأسد وجيشه على مدى السنين بل أساسا اننا ضد حزب الله العدو الحقيقي الذي وقفنا ولا نزال نقف امامه، اكتفينا بضربة جزئية وسارعنا للاتفاق على وقف نار تركته مع الكثير من قدراته ومع معظم قوته العسكرية التي حاول الان ترميمها.
إسرائيل لا تعني أحدا في سوريا اليوم. والعداء لها هو الاخر اختفى. محظور علينا أن نغرق في المستنقع السوري في محاولة لتحقيق اهداف هي على أي حال توقف قوتنا. بدلا من هذا، علينا أن نتابع بيقظة ما يجري خلف الحدود وان نتذكر بانه حتى لو تبين بان الجولاني كان ولا يزال جهاديا – فهو يشكل تهديدا اقل من ايران وحزب الله، الذين في صراعنا ضدهم توقفنا بشكل غريب قبل لحظة من الحسم.