إسرائيل اليوم: حماس لن تهزم دون بديل لحكمها
كانت هذه نهاية أسبوع قاسية: في الجنوب ستة قتلى في نشاط للجيش الإسرائيلي في حي الزيتون، وفي الشمال، هجمة حزب الله التي أحرقت سلسلة تلال رميم.
لقد كانت هذه الأحداث تذكيراً للوضعية المعقدة التي تتصدى فيها إسرائيل لجبهتي القتال الأساسيتين لها.
النشاط في الزيتون بدأ بعد أن وصلت معلومات عن أن حماس ترمم بناها التحتية في الحي. هذه مسيرة تجري في عدة مناطق في غزة سبق للجيش الإسرائيلي أن عمل فيها بما في ذلك في خان يونس.
من اللحظة التي تخرج فيها القوات، يعود نشطاء حماس المسلحون إلى المنطقة ويثبتون فيها سيطرتهم.
قادة جدد يعينون بدل أولئك الذين قتلوا، وتبدأ مسيرة إعادة بناء للبنى التحتية، بما في ذلك الأنفاق وخطوط الدفاع لأجل صد هجمات مستقبلية.
خمسة من مقاتلي الناحل الذين قتلوا يوم الجمعة أصيبوا بعبوة ناسفة في الزيتون.
كان هذا تجسيداً محلياً لما يحصل في المنطقة التي يخليها الجيش الإسرائيلي، لكن أيضاً تجسيداً لحقيقة أنه لا يوجد فراغ. فرفض الانشغال بـ «اليوم التالي» يكلف دماً غالياً: بدلاً من أن يدخل محفل آخر إلى المناطق التي سبق لإسرائيل العمل فيها، حماس تعود إليها وإسرائيل تكون مطالبة بأن تعمل فيها من جديد.
سيستمر هذا الوضع طالما لم تصح الحكومة وتغير الاستراتيجية. أمس وزعت مناشير في جباليا دعت الآلاف الذين عادوا إلى مخيم اللاجئين للمغادرة. كإعداد للعملية. فمعقول أن تجرى حملات مشابهة في أحياء أخرى من غزة.
في إسرائيل يأملون بأن تساعد العمليات في تشديد الضغط على حماس، ولعلها أيضاً تسمح بالتقدم في المفاوضات لتحرير المخطوفين.
لكن طالما كانت هذه حملات موضعية دون خطة واسعة، فإن حماس لن تهزم. هزيمتها تتاح بخلق بديل لحكمها.
هذا هو الأمر الذي يخشاه السنوار: أن يحرص أحد ما آخر على أن يوزع للسكان الغذاء ويهتم بالتعليم وبالصحة.
إلى جانب الأعمال المعادة في شمال القطاع أعلن الجيش الإسرائيلي عن نيته توسيع الأعمال في رفح أيضاً.
في هذه الأثناء، وبخلاف التصريحات العلنية للحكومة فإنها لم تقرر احتلالاً كاملاً للمدينة بل أعمالاً مركزة فقط.
توجد ثلاثة أسباب لهذا الحذر: الخوف على حياة المخطوفين المحتجزين في رفح، الرغبة في الامتناع عن المس بأكثر من مليون لاجئ فلسطيني يتجمعون في المدينة والخوف من احتدام الأزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة ومصر.
في القاهرة قلقون جداً من الأعمال الإسرائيلية في رفح. في أعقاب السيطرة على معبر رفح أوقف المصريون نقل المساعدات عبر المعبر وبالتوازي عززوا القوات على طول الجدار الحدودي خوفاً من أن يحاول مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الفرار إلى سيناء.
سيناريو الرعب المصري هذا ليس بلا أساس: فلحماس توجد مصلحة في تحقيقه لأجل تعظيم الفوضى والمعضلة الإسرائيلية.
ولأجل عدم خدمة حماس، على إسرائيل أن تنسق المواقف مع القاهرة ومع واشنطن. هذا يجري في الجانب الأمني – قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريللا غادر أمس إسرائيل بعد زيارة عمل أخرى – وأقل في المستوى السياسي. التصويت في الأمم المتحدة على رفع مستوى مكانة السلطة الفلسطينية كان إشارة تحذير للتسونامي السياسي الذي سيقع إذا ما واصلت إسرائيل ضرب رأسها في الحائط.
كما أن تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن أنه جرى استخدام غير مناسب لسلاح أميركي يجب أن يقلق أصحاب القرار بسبب ما فيه من سابقة وإن كان ينبغي الأمل بأن حقيقة أنه لم يترافق وأمثلة ستؤدي إلى تحرير إرساليات السلاح المجمدة. العقدة في الجنوب تؤثر مباشرة أيضاً على الوضع في الشمال. مع أن الجيش صعد القتال ضد حزب الله لكنه أجيب بالعملة ذاتها.
ليس لإسرائيل في هذه اللحظة حل للعقدة مع حزب الله، ولهذا فإنها لا تطرح أيضاً أي حل لعشرات آلاف المخلون من بيوتهم.
حقيقة أن الحكومة لم تجرِ حتى الآن أي بحث استراتيجي في الموضوع يؤدي على الأقل إلى تحسين العناية بالمواطنين وبالأعمال التجارية – هي تقصير يخلط تلبد الأحاسيس مع فقدان الطريق. وكل هذا يحصل عشية يوم الذكرى، التي هي أصعب ما شهدناه في تاريخ الدولة.
فإلى جانب مئات المواطنين من ضحايا الأعمال العدائية، معظمهم في هجوم 7 أكتوبر أضيف 620 ضحية للجيش فقط في الحرب الحالية منهم 14 في الأسبوع المنصرم: 4 في هجوم الهاون في كرم سالم، 6 في غزة، 3 في الشمال و1 في الضفة.
هذا الثمن الباهظ هو تذكير يومي بصراع لا ينتهي فرض علينا خوضه على هذه البلاد. على منتخبي الجمهور وقادة جهاز الأمن أن يفعلوا كل شيء كي نكون حقاً جديرين بالشهداء وكي نعيد أكبر قدر ممكن من الهدوء وسواء العقل في إسرائيل.