ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: حكم المطلة كحكم تل أبيب

إسرائيل اليوم 26/5/2024، ايال زيسر: حكم المطلة كحكم تل أبيب

“لأننا لن نعود الى الوراء، ولا توجد طريق أخرى، ولا شعب ينسحب من خنادق حياته” – هكذا كتب نتان الترمان في قصيدة “غناء السرايا” في صيف 1938، بمناسبة إقامة السرايا الميدانية. لكن منذ 7 أكتوبر نسيت العقيدة، ونسي الطريق أيضا. 

على المستوى التصريحي لم يتغير ظاهرا أي شيء، وزعماؤنا يعودون ويشرحون لنا – هكذا بنيامين نتنياهو على العقد السابق – بان “حكم سديروت كحكم تل أبيب”. واليه انضم مؤخرا فقط بيني غانتس أيضا الذي اعلن بان “حكم المطلة كحكم تل أبيب كحكم كفار عزة”.

لكن الاقوال في جهة والافعال في جهة أخرى. عمليا، سديروت تركت لمصيرها على مدى السنين في ايدي حماس، واليوم المطلة وحنيتا (تلك من غناء سريا الترمان)، ومعهما أيضا بلدات غلاف غزة، كفوا عن ان يكونوا جزءا من دولة إسرائيل، التي تقلصت الى “دولة الخضيرة – الغديرة”. بدلا من الشمال المزدهر أصبحت البلدات التي اخليت من سكانها مثابة حزام أمن – ليس حزاما كذاك الموجود في أراضي العدو ويحمي بلداتنا، بل حزام امني في داخل دولة إسرائيل السيادية، الذي يسهل على العدو خوض حربه ضدنا؛ حرب على نار خفيضة يريد فيها حزب الله، ويبادر فيها ويهاجم ونحن ندافع. 

سبعة اشهر والقتال على حدود الشمال يتواصل دون توقف، ولا يزال لا تبدو لها نهاية. في كل يوم يهاجم حزب ا لله بلدات ومواقع عسكرية على طول الحدود وفي عمق الجليل، بينما الجيش الإسرائيلي يرد – دوما يرد – باصابات موضعية لمواقع حزب الله، وبين الحين والآخر يصفي احد القادة الميدانيين للمنظمة (الذين درجوا عندنا على تسميتهم بـ “الكبار” وكأن الحديث يدور عن نصرالله او أحد من مساعديه).

بالنسبة لجنود الجيش الإسرائيلي المنتشرين على طول الحدود، وبالطبع بالنسبة لنحو 100 الف إسرائيلي اخلوا من بيوتهم، يدور الحديث عن حرب بكل معنى الكلمة تجلب دمارا رهيبا للبلدات وتجبي حياة الانسان. لكن الحكومة والجيش يتعاطون مع جبهة الشمال كجبهة ثانوية لقطاع غزة ومستعدون لان يحتووا المواجهة الجارية فيها. وهكذا، الأفعال تحل محل التصريحات التي مثل “حكم المطلة كحكم تل ابيب”.

هام لحزب الله ان يري بانه يقاتل من اجل غزة، لكنه لا يريد أن ينجر الى حرب شاملة، كفيلة بان تجبي منه ومن مؤيديه الشيعة ثمنا باهظا. وعليه، بعد كل يوم قتال يصل فيه الطرفان الى حافة التصعيد – تأتي أيام من الهدوء وتخفيض الوتيرة، مثابة خطوة الى الامام نحو الحرب وخطوتان الى الوراء. 

هذا المنطق يعمل منذ سبعة اشهر، وان كان ينبغي لنا أن نتذكر بانه “عندما تشعل النار يكون من الصعب التحكم بمستوى اللهيب، وان للمواجهة المتواصلة دينامية خاصة بها. فمثلا، استخدام حزب الله لسلاح متطور، او مس باهداف في العمق الإسرائيلي يمكنهما أن يؤديا الى تصعيد. وفضلا عن ذلك، من المهم ان نتذكر بانه في الجانب الاخر من الحدود يوجد عدو ملتزم بحرب إبادة ضد إسرائيل. حتى وان كان بخلاف يحيى السنوار، يحسب خطوات بحذر ويفضل انتظار اللحظة المناسبة، اذا كانت ستأتي. 

كل ما تبقى أن نراه هو هل سينجح الطرفان في التحكم بسير الاحداث ومنع التدهور الى حرب لا يريدانها، والاهم من ذلك هي ستقرر حكومة اسرائيل في مرحلة معينة ان تقول “حتى هنا” وتعمل كما يعد زعماؤنا من فوق كل منصة – الامر الذي هو موضع شك، كما ينبغي الاعتراف، في ضوء موقف الولايات المتحدة التي تعارضة بشدة توسيع نطاق الحرب. ولعله حزب الله بالاجمال هو من يقرر ان يستبق ويفاجيء.

لكن في هذه الاثناء لا جديد في الشمال وما كان هو ما سيكون. في ضوء هذا الواقع علينا أن نعود الى المباديء الأساس لعقيدة الامن الإسرائيلي. ان نكون مبادرين ومهاجمين، فننقل القتال الى ارض العدو ونسعى الى الحسم السريع. وفوق كل شيء – الا ننسحب من خنادق حياتنا. الا نهجر ونخلي بلدات بل نحدد خطوطا حمراء يتوجب على حزب الله ان يحترمها. على إسرائيل ان تتحرر من الشلل الذي الم بها بعد 7 أكتوبر، وان تستغل حقيقة أن حزب الله يخاف من الحرب مثلما لم يسبق ان خاف منها ابدا، وبخاصة بعد أن رأى ما حصل في غزة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى