إسرائيل اليوم: حزب الله اهين ويتردد كيف يرد
إسرائيل اليوم 18/9/2024، يوآف ليمور: حزب الله اهين ويتردد كيف يرد
العملية في لبنان امس التي يعزوها حزب الله لإسرائيل احرجت حزب الله كثيرا. ويتبين الامر بوضوح من ردود الفعل التي جاءت من لبنان في ساعات ما بعد الحدث ومن المساحة التي تركتها لنفسها المنظمة حول السبيل الذي ستختاره للرد على الضربة الأليمة التي تلقتها.
لهذه الضربة توجد عدة ابعاد. الفوري بينها هو الجسدي: الاف أجهزة نشطاء المنظمة التي تتفجر بالتزامن في كل ارجاء الدولة (وفي سوريا أيضا، حسب التقارير)، وتتسبب بموت ما لا يقل عن تسعة اشخاص ومئات آخرين. هذه ضربة قاسية للمنظمة التي تهمها حياة رجالها، وبالتأكيد لمنظمة تعلن بانها “حارس لبنان” – ولم تكن هكذا أمس.
البعد الثاني هو استخباري – عملياتي. فمن هاجم نجح في اختراق حزب الله مرتين: مرة استخباريا، كي يعرف ما الذي ينبغي له ان يعمله، ومرة ثانية عملياتيا، كي يعمل هذا فعليا. تجربة الماضي تفيد بان مثل هذه العمليات تتطلب وقتا طويلا للاعداد، وهي أحيانا تنتظر على الرف على مدى سنين الى أن يتخذ القرار لاخراجها الى حيز التنفيذ في الوقت المناسب.
البعد الثالث هو بعد الوعي. فقد تلقى حزب الله امس ضربة شديدة لغروره، ويدور الحديث عن منظمة مع غرور عظيم – يقودها حسن نصرالله، رجل مع غرور استثنائي في حجومه. عشرات الأفلام التي ظهرت فيها هذه الأجهزة وهي تتفجر تحرج حزب الله كثيرا وجعلته منذ الان موضع سخرية في الشبكات الاجتماعية وفي بعض من وسائل الاعلام. وهذا، بالتوازي مع التعظيم المتوقع لمن نسبت له العملية في لبنان.
منظمة إرهاب مسربة
البعد الرابع هو التنظيمي الداخلي في حزب الله. فقد اضطرت المنظمة لان تنفذ في الأشهر الأخيرة بضعة تحقيقات داخلية بعد أن تبين لها بانها تتسرب وتدفع على ذلك ثمنا باهظا. حصل هذا في تصفية سلسلة قادة كبار، وعلى رأسهم رئيس اركان المنظمة فؤاد شُكر (محسن) الذي قتل بضربة مباشرة في الشقة التي كان فيها في قلب بيروت، وحصل هذا بعد أن نجحت إسرائيل في ان تحبط في الشهر الماضي معظم هجمة رد حزب الله على تصفية شكر، حين دمرت معظم منصات الصواريخ على الأرض واعترض معظم المُسيرات في مراحل مبكرة من طيرانها.
الان سيضطر حزب الله لان يراجع مرة أخرى كيف اخترق، وأين لا يزال يخترق. بشكل طبيعي، هذا سيقوده لان يشك بكل انسان وبكل جهاز. سيكون ملزما بتغيير أساليب ووسائل اتصالاته وبالضرورة سيكشف نفسه اكثر لمن يريدون ملاحقة اعماله. هذا سيهز ثقته بنفسه وثقة نشطائه في المدى القصير – لكن ليس ابعد من ذلك. حزب الله سيجد أساليب ووسائل جديدة بالمساعدة الناجعة – النشطة لاسياده الإيرانيين.
ان الرد على تصفية شكر بين أن حزب الله لا يريد ارتجالا. فهو يفحص كل الخيارات قبل أن يعمل، وبالتالي ينبغي السؤال كيف سيختار التوازن بين الإهانة العلنية التي تكبدها وبين عدم رغبته الواضح في حرب شاملة. محاولته التي انكشفت امس لتصفية مسؤول كبير سابق في جهاز الامن الإسرائيلي بواسطة عبوة ناسفة كبيرة (محاولة ثانية في غضون سنة)، تدل على انه هو أيضا يبحث عن سبل لمفاجأة إسرائيل وايلامها دون أن يستخدم سلاحه أساس – منظمة الصواريخ للمدى البعيد – مما سيؤدي بالضرورة الى حرب.
يحذرون من حرب شاملة
معقول الافتراض بان صورة مرآة مشابهة ظهرت أيضا امام من هاجم لبنان. إسرائيل، بافتراض ان الحديث يدور عنها، يمكنها أن تهاجم علنا، بطائرات قتالية، وعندها كانت ستجر حزب الله بالضرورة الى رد وتصعيد قد يؤدي الى حرب.
صحيح أن الكابنت أضاف اول امس الشمال الى اهداف الحرب (بتأخير سنة)، لكن واضح ان إسرائيل أيضا لا تسارع الى معركة شاملة في الشمال، وبالتأكيد طالما هي غارقة في معركة نشطة في غزة.
وبالتالي يفترض التساؤل في ما كان عليه هدف العملية. فاذا كانت معدة لاهانة حزب الله، فقد تحقق الهدف. لكن اذا كانت معدة لردعه – فالايام ستقول.
سيكون ممكنا الحكم على هذا وفقا لمدى وطبيعة النار التي ستطلق في الأيام القادمة على بلدات الشمال، وكذا وفقا لمدى العصبية التي ستبث من بيروت. هذا سيؤدي بالضرورة أيضا الى عصبية وتحفز في الجانب الإسرائيلي، المعتاد عليهما، وان كان الواقع الحالي الذي توجد فيه على جدول الاعمال أيضا اقالة وزير الدفاع سيزيد بالضرورة علامات الاستفهام في إسرائيل، في الأيام التي مطلوب فيها اكثر من أي شيء آخر الهدوء والاستقرار.
رغم إحساس الإنجاز المفهوم، يجدر بالذكر بان لا شيئا جوهريا تغير امس. الشمال لا يزال مهجورا وسائبا، وسكانه بعيدون عن بيوتهم.