إسرائيل اليوم: حان الوقت لحملة عسكرية واسعة في شمال الضفة
إسرائيل اليوم 2023-06-21، بقلم: يوآف ليمور: حان الوقت لحملة عسكرية واسعة في شمال الضفة
لم نتفاجأ من أن حملة الاعتقالات تعقدت في الصباح في شمال الضفة، المفاجأة الوحيدة، إذا كانت توجد كهذه، هي أن هذا حصل الآن فقط. منذ سنة ونصف السنة تعمل “قوات الجيش” في هذه الجبهة.
بدأ هذا في جنين، وانتقل إلى نابلس، ومؤخراً أيضاً إلى منطقة طولكرم. هذه مناطق يوجد فيها تقليدياً تواجد بارز للمنظمات، وبخاصة في مخيم جنين وفي القصبة في نابلس، وبقدر أقل أيضاً في مدن وقرى أخرى.
السلطة الفلسطينية غير موجودة
حتى قبل نحو سنتين كان هذا النشاط يكبح في معظمه من أجهزة الأمن الفلسطينية.
ولم يكن الجيش الإسرائيلي يعمل إلا في حالات شاذة، حين يدور الحديث عن مطلوبين كبار أو عن إخطار فوري بعملية.
سلسلة من السياقات الداخلية – من صراعات القوى السياسية وحتى النزاعات الاقتصادية ومعارك العشائر – أدت إلى أن يتدهور مستوى حكم السلطة الفلسطينية وقواتها في شمال الضفة باستمرار، حتى أصبحت غير موجودة تقريباً. واحتلت الفراغ الناشئ المنظمات ، وعلى رأسها “حماس” و”الجهاد الإسلامي” وإلى جانبها شبكات محلية مثل “عرين الأسود” في نابلس، فيما انضم اليهم في أحيان قريبة نشطاء من الأجهزة الأمنية مع أسلحتهم.
وكانت النتيجة الأولى هي الارتفاع الحاد في مدى العمليات ومحاولات العمليات التي خرجت من شمال الضفة بما فيها العمليات التي نجحت.
وقد استدعى هذا من الجيش و”الشاباك” أن يزيدا جداً النشاطات المبادر إليها في هذه الجبهة، فيما كان مستوى المخاطرة يرتفع بما يتناسب مع ذلك.
أصبحت كل حملة اعتقالات حدثاً مركباً يتطلب تخطيطاً وذكاءً، ويجري في أحيان قريبة تحت النار والمخاطرة بالحياة فيما تستخدم ضد القوات عبوات وتطلق نحوها نار ثقيلة من أسلحة مختلفة.
ووصف ضابط كبير في هيئة الأركان الوضع مؤخراً قائلاً: “هذه العمليات تبدو مؤخراً كمشهد من فيلم “Black Hawk Down” عن التورط الأميركي في الصومال”.
الميدان أكثر عنفاً
يدور الحديث عن حملات تجري تقريباً كل ليلة، وفي أحيان قريبة في ساعات النهار؛ لأجل مفاجأة المطلوبين. تعمل القوات بعدة طرق، وغير مرة بشكل مستعربين حين يكون الهدف هو تنفيذ اعتقال مطلوبين (وأحياناً تنتهي هذه بقتلهم) وقطع الاتصال عن المنطقة بالسرعة الممكنة.
التفسير لبقاء معظم هذه العمليات بعيداً عن الأخبار ينبع من حقيقة أنها تنتهي بسلام، وتستغل القوات تفوقها الاستخباري والنوعي، وإضافة إلى عنصر المفاجأة تنقذ القوات المهمة بنجاح، وتعود إلى الديار.
أما أمس الاثنين فقد تعقدت حملة اعتقال اثنين من المطلوبين، وانكشفت القوة واستخدمت العبوات نحوها وتعطلت مركبة وفي تبادل لإطلاق النار في محاولة لإنقاذ القوة أصيب سبعة مقاتلين، قتل خمسة فلسطينيين وأصيب العشرات. كما اضطر الجيش الإسرائيلي لأن يستخدم لأول مرة منذ حملة السور الواقي مروحيات قتالية للتغطية وللمساعدة في الإنقاذ. حقيقة أن هذا حصل تدل هي أيضاً على مستوى العنف المتزايد في الميدان وعلى الحاجة لاستخدام وسائل أثقل لأجل التصدي لها.
هذا الحدث شاذ، كما أسلفنا، لكن تنشأ عنه سلسلة دروس. الأول، يتعلق بمستوى العنف في الميدان. حيث فقدَ المسلحون في شمال الضفة الخوف، وهم يتحدون الجيش أكثر مما في أي نقطة زمنية أخرى في العقدين الأخيرين. الثاني، هو أنه توجد في الميدان كمية غير معقولة من الوسائل القتالية، بما في ذلك عبوات فتاكة على نحو خاص – يقترب الخطر النابع منها من مستوى غير معقول. والثالث هو أنه لا يمكن دوما إنهاء الحملات بـ “صفر خسائر” وفي المهنة العسكرية كان وسيكون أيضا إصابات لغير مشاركين واشتباكات ومواضع خلل.
لا حاجة لاحتلال جنين
موضوع العبوات مقلق على نحو خاص بسبب إمكانيات الضرر الكامنة فيها. على الجيش أن يفكر في إضافة شرائح تحصين للآليات لضمان سلامة القوات، حتى بثمن الثقل والبطء بهذه الآليات نفسها، ومن المرغوب فيه أيضاً أن يُبذل جهد خاص للوصول إلى المختبرات التي تنتج بها العبوات لأجل تدميرها.
يؤدي كل هذا إلى الاستنتاج المحتم بأنه حان الوقت لحملة أوسع في شمال الضفة، لا حاجة لاحتلال المنطقة أو العودة للسيطرة عليها، لكن مطلوب تركيز قوات كبيرة واستنفاد المعلومات الاستخبارية والقدرات العملياتية لأجل الوصول في فترة زمنية قصيرة ومحددة إلى أقصى عدد من المطلوبين والأسلحة. خيار حملة كهذه يوجد على الطاولة منذ أكثر من سنة، ولكن يخيل الآن أن الوقت نضج لإخراجها إلى حيز التنفيذ.
كان وزير الدفاع، يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هليفي، في الماضي قائدي لواء جنين، وهما يعرفان المنطقة جيداً، ويعرفان أن هذا القمقم – الذي أصبح منذ زمن بعيد قاطرة – يجب وينبغي إسكاته قبل أن يصبح قطاراً فتاكاً.